صحافة دولية

هل يفي ترامب بعهوده ويوقف الحرب في الشرق الأوسط؟

ترامب تعهد في خطاب النصر بإنهاء الحروب في العالم- جيتي
تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بوقف الحروب حول العالم بما في ذلك الصراع المحتدم بالشرق الأوسط على وقع تواصل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ولبنان.

وقالت مجلة "إيكونومست"، إن الجميع في الشرق الأوسط اتفقوا على أن فترة ترامب الثانية ستغير سياسة أمريكا في المنطقة، لكن لا أحد يتفق على ماهية تلك السياسة.

وأضافت في افتتاحية لها، أنه "رغم أن انتخاب ترامب ربما يبشر بتحول جذري، فإن الاتجاه الذي سيسلكه يعتمد على من يسمع منه آخرا".

ولفتت إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي سارع إلى "كسب ود ترامب، وكان من بين أول قادة العالم الذين هنأوا الرئيس المنتخب على ما أسماه أعظم عودة في التاريخ".

ووفقا للمجلة، فإن "نتنياهو يعتقد أن إدارة ترامب ستمنحه حرية تامة لمواصلة حروب إسرائيل في غزة ولبنان دون أي تدخل أمريكي يطالب بوقف إطلاق النار".

لكن ترامب خاض الانتخابات متعهدا بتهدئة المنطقة، وقال في خطاب النصر ليلة الانتخابات: "سأوقف الحروب".

أرسلت الولايات المتحدة 18 مليار دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل منذ أكتوبر 2023، ولقي ما لا يقل عن أربعة جنود أمريكيين حتفهم بسبب القتال. ويتساءل البعض في إسرائيل عن ما إذا كان ترامب سيشعر بثقل الكلفة ويطالب نتنياهو بإنهاء الحرب قبل توليه المنصب.

وأشارت المجلة إلى أنه "في حال حدّ ترامب من قدرة إسرائيل على محاربة إيران ووكلائها، فسوف يُحبط الصقور في كل من واشنطن والقدس. ففي ولايته الأولى، تخلى ترامب عن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، الاتفاقية التي فرضت قيودًا على برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. حاول بايدن إحياء الاتفاقية دون نجاح. قد يجد ترامب نفسه أمام خيار التفاوض بشأن صفقة جديدة أو الموافقة على عمل عسكري ضد المواقع النووية الإيرانية".

ولفتت إلى أن "ترامب وعد بعدم السماح لإيران بصنع قنبلة، ومع ذلك يبدو غير متحمس للصراع. ففي 5 نوفمبر، قال: لا أريد إلحاق الضرر بإيران، معربا عن رغبته في أن تكون دولة ناجحة".

وفقا للمجلة، فإن الأشخاص المحيطين بترامب به لديهم آراء مختلطة. كان لدى أعضاء حكومته الأولى صلات وثيقة بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن تدعو إلى تغيير النظام في إيران. قد يجد بعض هؤلاء الأعضاء أدوارا في إدارة ترامب الثانية.

في المقابل، هناك جيه دي فانس، نائب الرئيس المنتخب، الذي لا يبدو متحمسا لخوض حرب جديدة في الشرق الأوسط. في مقابلة الشهر الماضي، قال إن مصالح أمريكا وإسرائيل قد تتباين أحيانا، "ومصلحتنا الأساسية هي عدم الدخول في حرب مع إيران".

يدعو مشروع 2025، وهو خطة للتيار اليميني لفترة ترامب الثانية، إلى فرض عقوبات على إيران دون التوصية بعمل عسكري، مشددا على ضرورة أن يقوم حلفاء أمريكا العرب بدور أكبر في حماية أنفسهم من التهديدات الإيرانية، بحسب "إيكونومست".

هذا الخطاب، وفقا للمجلة، يثير قلق دول الخليج. في المرة السابقة، رحبوا برئيس كانت زيارته الخارجية الأولى إلى الرياض، لكنهم سرعان ما شعروا بالسخط من الطبيعة القائمة على الصفقات لعلاقاتهم مع ترامب، والتي أجبرتهم على إنفاق مليارات الدولارات على شراء الأسلحة الأمريكية. الآن، يخشون أيضًا أن تؤدي حرب ترامب التجارية مع الصين إلى تراجع أسعار النفط.

لا وسيلة لمعرفة ما هو قادم
وشددت المجلة على أنه "لا أحد متأكدا من كيفية حكم ترامب هذه المرة. في الشهر الماضي، وعد بجلب السلام إلى لبنان، لكنه لم يوضح كيف سيحقق ذلك. هل سيطالب إسرائيل بسحب قواتها والموافقة على وقف إطلاق النار؟ أم إنه سيدعم غزوًا أوسع بهدف القضاء على حزب الله للأبد؟".

من المرجح أن يعتمد الجواب على مستشاريه. يأمل نتنياهو في التأثير على ترامب، لكن العلاقة بينهما متوترة؛ إذ يحمل الرئيس المنتخب ضغينة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ عام 2020، عندما هنأ الأخير بايدن على فوزه الانتخابي بينما كان ترامب لا يزال يعترض على النتيجة.

في عام 2022، تزوجت تيفاني ترامب من مايكل بولوس، ابن رجل الأعمال اللبناني الأمريكي الثري مسعد بولوس، الذي يقدم المشورة لترامب بشأن الشرق الأوسط، ومن هنا جاء اهتمام ترامب المفاجئ بلبنان، وفقا للمجلة.

وقالت "إيكونومست"، إن فوز ترامب السريع والواضح يستبعد احتمال فترة ما بعد الانتخابات التي قد تشهد تصعيدا في الصراع بين إيران وإسرائيل، ويمنح بايدن 75 يوما قد يستخدمها لمواجهة نتنياهو.

في الفترات بين الانتخابات والتنصيب، يتبع الرؤساء الأمريكيون غالبًا سياسة أقل ميلا للمجاملة تجاه إسرائيل. ففي عام 2016، قرر باراك أوباما عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن يدين المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وفي عام 2000، استخدم بيل كلينتون هذه الفترة ليطرح "معايير كلينتون"، وهي محاولة أخيرة للوصول إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

لم تثمر هذه الخطوات كثيرا، لكنها كانت إشارات على الإحباط الأمريكي. والآن، يمكن لبايدن أن يذهب أبعد من ذلك، إذا كان مستعدًا لقضاء أيامه الأخيرة في مواجهة مع نتنياهو، وفقا للمجلة.