دعا عبد الله جاب الله رئيس حزب "جبهة
العدالة والتنمية"
الجزائري الرئيس عبد المجيد تبون أن ينتصر للمستضعفين من
إخوانه في الدين، مسلمي
الهند، وأن يقدم نصيحة لضيفته رئيسة الهند دروبادي
مورمو التي بدأت أمس الأحد
زيارة رسمية إلى الجزائر تستمر أربعة أيام.
واستبعد جاب الله في
تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، أن تكون المعاناة التبي يتعرض لها مسلمو الهند جراء سياسات
التضييق والتنكيل التي تستهدفهم منذ سنوات ضمن جدول أعمال المحادثات بين الجانبين
الجزائري ولهندي، لكنه قال: "مع أنني أستبعد أن يكون موضوع الانتهاكات التي
يتعرض لها المسلمون في الهند جزءا من الملفات التي ستشملها القمة الجزائرية ـ الهندية،
إلا أنه لا بأس من التذكير ومطالبة الرئيس عبد المجيد تبون بأن ينصح نظيرته
الهندية بأن تتوقف سلطاتها عن المظالم التي ترتكب بحق المسلمين، وأن يذكرهم بأن
الأيام دول".
وأضاف: "النظام الجزائري معاييره في
إقامة العلاقات مع الدول هي ذات معايير الأنظمة العلمانية التي حرص الغرب على
إيجادها، وهي تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولأجل ذلك كانت
علاقاته ولا تزال مع نظام بشار الأسد الذي يقتل شعبه منذ سنوات، وكذلك هي علاقاته
مع الهند، حيث لن يتدخل في موضوعات داخلية أيا كان المتأثر بها".
وأشار جاب الله إلى أن الغرب والأنظمة
العلمانية المسيطة على العالمين العربي والإسلامي الموالية له، لا تقيم وزنا
للانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون، وقال: "إنهم في أحيان كثيرة هم شركاء في
استهداف المسلمين كما هو حاصل في غزة منذ أكثر من عام والحرب قائمة ضدهم، بعد حصار
دام نحو 18 عاما"، وفق تعبيره.
وبدأت رئيسة الهند دروبادي مورمو زيارة
رسمية إلى الجزائر مدتها أربعة أيام، تجري خلالها محادثات موسعة مع الرئيس
الجزائري عبد المجيد تبون وبخاصة في الجانبين السياسي والاقتصادي.
ووفق تقرير لصحيفة "الخبر"
الجزائرية اليوم الاثنين، فإن زيارة الدولة التي تقودها الرئيسة الهندية إلى
الجزائر تشكل فرصة لتعميق التعاون المثمر في العديد من المجالات الحيوية، ومنها
قطاع البنى التحتية والصناعات الثقيلة والصناعة الميكانيكية والمحروقات والكهرباء
والمناجم والسكك الحديدية، بالإضافة إلى الصناعة الصيدلانية والنسيج والفلاحة
وقطاع البتروكيمياء وإنتاج الأسمدة وتحويل الفوسفات والحديد، إلى جانب مجال تحلية
مياه البحر وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
وتسعى القيادة الهندية، من خلال هذه
الزيارة، للاستفادة من المشاريع الهيكلية الكبرى والبرامج التي أطلقتها الجزائر
منذ اعتلاء الرئيس تبون رئاسة البلاد قبل 4 سنوات، والتي ستتواصل بوتيرة متسارعة
مستقبلا بهدف تحقيق نسب النمو المرجوة.
وبالنسبة للجانب الجزائري، فإن للهند
إمكانيات كبيرة في تطوير الكثير من المجالات التي تراهن عليها الجزائر، خاصة في
الجانب التكنولوجي والفضائي وقطاع الأدوية واستغلال المكامن الطبيعية، كما أن نيودلهي تبحث عن فرص طموحة تتوافق مع طموحات الجزائر لتعزيز اقتصادها باعتلاء قمة هرم
الاقتصادات الأفريقية في المستقبل القريب، من خلال تحقيق ناتج محلي يناهز الـ400
مليار دولار في آفاق 2027. وهي الفترة التي تريد الهند، خلالها، الصعود إلى ثالث
أكبر اقتصاد في العالم، في ظل مواصلة اقتصادها تحقيق نمو بنسبة 7 بالمائة للعام
الثالث على التوالي.
ويراهن البلدان، من خلال الزيارة، على إحداث
تقارب براغماتي وطي فترة الجمود التي طبعت العلاقات في الفترة الأخيرة، التي أعقبت
طي الجزائر لملف الانضمام إلى "البريكس".
وتكتسي زيارة الدولة، التي تقوم بها
دروبادي مورمو، أهمية بالغة بالنظر للزخم التاريخي الذي ساهم في توطيد العلاقات
وفي تطابق وجهات النظر في ظل وجود إرادة مشتركة في بعث ديناميكية جديدة للتعاون
الاقتصادي.
وتتقاسم الجزائر ونيودلهي، بحسب التصريحات
الرسمية، وجهات النظر حول العديد من المسائل الدولية، على غرار مكافحة الإرهاب
والتطرف والعمل سويا من أجل استتباب الأمن والاستقرار في العالم.
ووفق ذات الصحيفة فإن الهند تولي أهمية
كبيرة لتعميق التعاون مع الجزائر، في إطار نظرة متجددة تقودها دروبادي مورمو التي
انتخبت رئيسة للبلاد سنة 2022، وهي تتوافق مع توجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون
من خلال العمل على تنويع الشراكة الاستراتيجية عبر العالم.
وتبرز أهمية الزيارة أيضا في كونها الأولى
من نوعها لمسؤول هندي رفيع المستوى إلى الجزائر منذ سنوات، حيث سبقتها زيارة نائب
الرئيس الهندي السابق، محمد حميد أنصاري، إلى الجزائر سنة 2016، تلتها زيارة وزير
الدولة الهندي للشؤون الخارجية شري مورليداران سنة 2021.
وتأتي زيارة رئيسة الهند إلى الجزائر أسابيع
قليلة بعد بدء الرئيس عبد المجيد تبون عهدته الرئاسية الثانية، وفي ظل فتور
لعلاقات الجزائر مع حلفائها التقليديين خصوصا فرنسا ورورسيا وإسبانيا، بسبب تباين
وجهات النظر الحاصلة معهم سواء تعلق الأمر بموقفهم من الترحيب بخيار الحكم الذاتي
في الصحراء، أو بسبب خلافات مع روسيا حول علاقة الجزائر بحكام مالي الجدد.
ويقدّر المسلمون في الهند بنحو 200 مليون
نسمة، ما يجعل الهند ثالث أكثر بلد من حيث عدد المسلمين في العالم بعد إندونيسيا
وباكستان. ويشكا المسلمون
لا ما يقارب الـ15 بالمئة من سكان الهند، وبالتالي، فهم يصنفون كأكبر أقليّة في البلد ذي
الغالبية الهندوسية.
ويرى مختصّون في الشأن الهندي، أن موجات
الكراهية ضدّ المسلمين تصاعدت منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى الحكم، وتحقيقه
فوزاً ساحقاً في الانتخابات عام 2014.
وتدهورت الأمور بشكل ملحوظ عام 2019، مع
إقرار البرلمان الهندي تعديلات على قانون المواطنة الصادر عام 1955.
تسبّب التعديل بالجدل، لأنه كفل للمهاجرين
الهاربين من الاضطهاد الديني في باكستان وبنغلادش وأفغانستان، حقّ الحصول على
الجنسية الهندية، إن كانوا من أتباع الديانات السيخية والهندوسية والبوذية
والمسيحية والجاينيّة والزراداشتية، ولكنه استثنى المهاجرين المسلمين.
وصنّف تقرير صدر عن لجنة خبراء دوليين
مستقلة في تموز/يوليو 2022، المسلمين، كـ"أقلية مضطهدة" في الهند، بعد
مراجعة سلسلة انتهاكات وصفت بـ"الجديّة" لحقوق الإنسان، سجّلت بدءاً من
عام 2019.
للإشارة فإن رئيسة الهند دروبادي مورمو وهي
أول رئيسة من فئة المجتمعات المهمشة في البلاد. وتنتمي مومو إلى الحزب
القومي الهندوسي الحاكم (بهاراتيا جاناتا)، وحظيت بدعم كبير من الحزب وحلفائه في
البرلمان ومجالس الدولة، لتصبح بذلك الرئيس الـ15 للبلاد خلفا لسلفها رام ناث
كوفيند.
وتعدّ مورمو ثاني رئيسة للبلاد بعد براتيبها
باتيل التي شغلت المنصب 5 سنوات من عام 2007، ويعدّ دور الرئيس في الهند شرفيا إلى
حد كبير، إذ تتركز السلطة في يد رئيس الوزراء وحكومته، لكن يمكن للرئيس طلب إعادة
النظر في بعض مشاريع القوانين البرلمانية والمساعدة أيضا في تشكيل الحكومات.