يتنازع الأمريكيون والكولومبيون على ملكية
كنز مكون من حمولة ضخمة من الذهب والفضة والزمرد تبلغ قيمته نحو 18 مليار دولار، عالقة
في حطام السفينة الإسبانية الشراعية "سان خوسيه" التي غرقت منذ أكثر من
300 عام قبالة سواحل
كولومبيا.
هذا الكنز الغارق أشعل نزاعاً قضائياً معقداً،
امتد إلى محكمة التحكيم الدائمة في
لاهاي، حيث تسعى الأطراف المتنازعة للحصول على نصيبها
من هذه الثروة الهائلة.
وادعت شركة الإنقاذ الأمريكية "Sea Search Armada" اكتشافها لهذا الكنز، مطالبة بحقوقها في
جزء منه، إلا أن الحكومة الكولومبية رفضت هذه المطالب، مؤكدة أن الحطام يقع في مياهها
الإقليمية، وبالتالي فهي صاحبة الحق في الكنز.
لكن
النزاع لا يتوقف عند هذا الحد، فقد
دخلت قبيلة "كارا كارا" البوليفية على الخط، مطالبة هي الأخرى بحقوقها في
هذا الكنز، بحجة أن الجواهر الثمينة التي كانت على متن "سان خوسيه" تم نهبها
من مناجمها في فترة الاستعمار الإسباني.
القضية الآن في أروقة محكمة التحكيم الدائمة
في لاهاي، حيث تتواجه الأطراف المختلفة وسط تعقيدات قانونية وسياسية، تجعل من الصعب
الوصول إلى حل مرضٍ للجميع. وفيما تستمر المعركة القانونية، يرى علماء الآثار والمؤرخون
البحريون أن الموقع له أهمية تاريخية وثقافية، ويجب التعامل معه بحذر، مشيرين إلى أن
التنقيب عن الكنز قد يتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه للموقع الأثري.
وغرقت السفينة عام 1708 بالقرب من مدينة
قرطاجنة. وحملت "سان خوسيه"، المسلحة بـ 64 مدفعا، الكنوز التي تم جمعها
في مستعمرات أمريكا الجنوبية، وقد كان الملك الإسباني فيليب الخامس بحاجة إلى المال
لتمويل حرب الخلافة الإسبانية.
وفي 8 حزيران/ يونيو اصطدم الأسطول الإسباني
بقيادة سفينة "سان خوسيه" - وكان يضم ثلاث سفن حربية و14 سفينة تجارية - بالأسطول
الإنجليزي، وكانت أبرز سفنه مسلحة بـ70 مدفعا. وسقطت قذيفة أطلقتها المدفعية الإنجليزية
في مخزن البارود للسفينة الإسبانية، ونتيجة للانفجار والحريق على متن السفينة، فقد غرقت
"سان خوسيه"، ولم ينج سوى 11 بحارا من أصل 600 بحار من أفراد الطاقم.
وبدأت عمليات البحث النشطة عن السفينة منذ
أكثر من 40 عاما، عندما عرضت شركة "Glocca Morra" الأمريكية
خدماتها على الحكومة الكولومبية للبحث عن السفينة المفقودة.
وبموجب الاتفاقية، فإنه كان سيتم تقسيم الكنز
مناصفة، خاصة أن حملة البحث عن السفينة كانت مكلفة جدا، حيث تم إنفاق 10 ملايين دولار،
وتُوجت العملية بالنجاح.
وفي عام 1981 أعلنت "Glocca Morra" أنه تم العثور على بقايا سفينة "سان
خوسيه" على عمق 300 متر. وسارعت السلطات الكولومبية فورا إلى تغيير قواعد الصفقة
وخفضت حصة الشركة إلى 5 بالمائة.
وحينها اندلعت معركة حول الكنوز، ومنعت
السلطات الكولومبية متخصصي "Glocca Morra" من الاقتراب
من السفينة المفقودة. لكن الكولومبيين أنفسهم لم يكونوا مستعدين من الناحية التقنية
لرفع الكنوز من هذه الأعماق.
وعام 2015، أعلنت الحكومة الكولومبية أنها
عثرت بنفسها على كنز غارق، ولكن في مكان مختلف تماما عن المكان الذي أشار إليه بحارة" Glocca Morra". وعلى عمق آخر وهو 600 متر. وتم وصف الإحداثيات
الدقيقة على الفور بأنها سرية.
وقال رئيس كولومبيا آنذاك، خوان مانويل
سانتوس: "إن السفينة الشراعية "سان خوسيه" هي أثمن كنز تم العثور عليه
في تاريخ البشرية".
وبعد انتخاب غوستافو بترو رئيسا للبلاد
عام 2022، غيّرت حكومة كولومبيا موقفها. وفي بيان صدر في 19 آذار/ مارس الماضي أعلنت
السلطات أنها تنظر إلى السفينة الغارقة، ليس كفرصة "لجمع الأموال"، لكن باعتبارها إرثا ثقافيا.