التقى رئيس
الجمهورية التركي رجب طيب
أردوغان خلال زيارته لمدينة نيويورك الأمريكية، زعماء
ومسؤولين من دول مختلفة، إلى جانب مشاركته في أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة
للأمم المتحدة. وعُقدت معظم تلك اللقاءات في "
البيت التركي" الذي يضم
مقر الممثل الدائم لأنقرة لدى الأمم المتحدة والقنصلية العامة التركية. واجتمع
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في ذات المبنى مع عدد من نظرائه، خلال تواجده
في نيويورك. وكان المبنى المكوَّن من 36 طابقا، تم
افتتاحه في 20 أيلول/ سبتمبر 2021 ليكون "قلعة
الدبلوماسية التركية"
بالقرب من مقر الأمم المتحدة.
كانت المعارضة
التركية انتقدت البيت التركي بعد افتتاحه، إلى جانب هجومها على أنشطة مؤسسة "توركان"
التي أسستها في نيويورك مؤسستا "أنصار" و"تورغاو" التركيتان
لتقديم منح دراسية وتوفير مساكن للطلاب المسلمين في الولايات المتحدة. وذهب رئيس
حزب الشعب الجمهوري السابق، كمال كليتشدار أوغلو، إلى نيويورك ليسجل مقطع فيديو
أمام مبنى المؤسسة "توركان" وصف فيه المبنى بـأنه "ناطحة سحاب عائلة
أردوغان"، كما أنه وصف أنشطة المؤسسة بـ"محاولات غسل الأموال".
منزعجون للغاية من ذاك الصرح الدبلوماسي ودوره المتنامي في تعزيز السياسة الخارجية التركية. ويعكس هذا الانزعاجَ موقفُ وسائل إعلام أمريكية من تفاصيل القضية التي يُتهم فيها عمدة نيويورك، إيريك أدامز، بتلقي رشاوى وتبرعات غير قانونية من رجال أعمال أتراك
رئيس حزب الشعب
الجمهوري أوزغور أوزل، تخلى عن سياسة التصعيد التي كان يمارسها سلفه، وتبنى سياسة
تطبيع العلاقات بين الأحزاب السياسية والحكومة والمعارضة. وفي إطار هذه السياسة
الجديدة، قام بزيارة البيت التركي في نيويورك، وقال إن ذاك المبنى مصدر فخر
لتركيا، كما أنه انتقد العقلية التي تعتبر البيت التركي مجرد مقر لحزب سياسي، مشيرا
إلى أن الحكومات تتغير وأن المبنى يبقى ملكا للبلاد. وأعلن أوزل أن وفود حزب الشعب
الجمهوري ستعقد لقاءاتها في نيويورك بعد الآن في البيت التركي بدلا من قاعات
الفنادق.
تصريحات أوزل حول
البيت التركي لم تعجب رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق الذي انتقدها في حسابه على منصة
"إكس" دون ذكر اسم الأول. ووصف كليتشدار أوغلو الخطوات التي يتقدم بها
رئيس حزب الشعب الجمهوري لتطبيع العلاقات بين الحكومة والمعارضة بـ"غض الطرف
عن أخطاء حزب العدالة والتنمية". وقال إن "نظام القصر" الذي أسَّسه
أردوغان وحكومته لا يمثل الجمهورية التركية.
أردوغان في
تعليقه على تصريحات كليتشدار أوغلو، قال إن البيت التركي في نيويورك أصبح من
المراكز التي ينبض فيها قلب الدبلوماسية العالمية، مضيفا أنهم لا يفهمون لماذا
ينزعج رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق من البيت التركي لهذا الحد. ولم يتأخر رد
كليتشدار أوغلو على أردوغان، ودعا فيه رئيس الجمهورية التركي إلى ترك البحث عن
حليف له في صفوف المعارضة، في إشارة إلى رئيس حزب الشعب الجمهوري الذي أثنى على
البيت التركي.
كليتشدار أوغلو
ليس وحده من ينزعج من البيت التركي، بل إن هناك آخرين منزعجين للغاية من ذاك الصرح
الدبلوماسي ودوره المتنامي في تعزيز السياسة الخارجية التركية. ويعكس هذا الانزعاجَ
موقفُ وسائل إعلام أمريكية من تفاصيل القضية التي يُتهم فيها عمدة نيويورك، إيريك
أدامز، بتلقي رشاوى وتبرعات غير قانونية من رجال أعمال أتراك. وتشير لائحة
الاتهامات إلى أن عمدة نيويورك قام بالضغط على الضابط المسؤول عن تفتيش المبنى،
ليمنحه الترخيص من البلدية، رغم عدم التزامه آنذاك بأنظمة الوقاية من الحريق.
ممثل قناة "سي
إن إن تورك" وصحيفة "حرِّييت" التركيتين في الولايات المتحدة، يونس
باكصوي، يلفت إلى أن تلقي عمدة نيويورك هدايا وتبرعات غير قانونية من رجال أعمال
أتراك بالإضافة إلى خصومات سفر من مسؤول سابق في الخطوط الجوية التركية، لا علاقة
له بالبيت التركي، وأن وسائل إعلام أمريكية تتعمد خلط الأمرين وتصوير القضية وكأن
المبنى تم بناؤه بشكل غير قانوني،
التصريحات والجهود الدبلوماسية التي تبذلها أنقرة ضد السياسة الإسرائيلية العدوانية، تزعج اللوبي اليهودي المؤيد لحكومة نتنياهو المتطرفة، وتدفعه إلى عرقلة تلك الجهود والتشويش على الدبلوماسية التركية
وأن
تركيا حصلت على الترخيص له عن طريق تقديم
رشاوى إلى العمدة، مؤكدا أن ما حصل في الحقيقة هو أن أحد الأتراك اتصل بإيريك
أدامز، بناء على الصداقة القديمة بينهما، ليطلب منه وساطته كي يتم منح الترخيص
للمبنى دون تأخير.
البيت
التركي في نيويورك يوفر بيئة مميزة لأنشطة الدبلوماسية التركية التي تبذل جهودا
حثيثة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان. ويدعو رئيس الجمهورية التركي
المجتمع الدولي إلى فرض إجراءات قسرية ضد إسرائيل من أجل حماية الفلسطينيين، كما ذكر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال، أمس الثلاثاء، في كلمته
التي ألقاها في البرلمان التركي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الجديدة، إن
"الإدارة الإسرائيلية التي تتحرك من منطلق هذيان الأرض الموعودة، تضع الأراضي
التركية نصب عينيها بعد فلسطين ولبنان"، مشيرا إلى أن العدوان الإسرائيلي
يشمل تركيا أيضا. وأضاف قائلا: "لذلك سنقف ضد إرهاب الدولة هذا بكل الوسائل
المتاحة من أجل وطننا وشعبنا واستقلالنا".
ومن المؤكد أن
مثل هذه التصريحات والجهود الدبلوماسية التي تبذلها أنقرة ضد السياسة الإسرائيلية
العدوانية، تزعج اللوبي اليهودي المؤيد لحكومة نتنياهو المتطرفة، وتدفعه إلى عرقلة
تلك الجهود والتشويش على الدبلوماسية التركية من خلال زج اسم البيت التركي في قضية فساد والسعي إلى
إغلاقه.
x.com/ismail_yasa