بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن
نصر الله، في قصف إسرائيلي استهدف ضاحية بيروت الجنوبية بعشرات الغارات، تبرز تساؤلات حول تأثير هذا الحدث على حضور الحزب في
سوريا، التي يتمتع فيها بثقل كبير، ويتواجد في أكثر من محافظة.
أحمد القربي، الأكاديمي والباحث في مركز "الحوار السوري"، يرى أن "غياب نصر الله عن المشهد سيؤثر سلبا على الحزب وحضوره في سوريا، خاصة في ظل ما يجري من تدمير وتحجيم لقدرات الحزب".
نحو التراجع
وأضاف، أن "حضور الحزب سيتراجع في سوريا على الصعيد العسكري من حيث عدد القوات المنتشرة في سوريا"، أما سياسيا فيؤكد قربي، أن "تأثير غياب نصر الله حاليا لن يكون له تداعيات لأن المسار السياسي السوري هو بالأساس متوقف".
وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بأن "نفوذ
حزب الله في سوريا هو جزء من نفوذ إيران"، وقال: "لم يتأثر نفوذ إيران السياسي في سوريا رغم عشرات أو مئات الضربات الجوية الإسرائيلية".
بذلك، يعتقد القربي أن نفوذ حزب الله العسكري في سوريا يتجه نحو التراجع، أما النفوذ السياسي فالحكم يحتاج إلى وقت أطول.
استخدام سوريا قاعدة خلفية
من جانب آخر، رجح القربي أن "يستخدم حزب الله سوريا قاعدة خلفية لترميم قوته العسكرية، وخاصة في المناطق القريبة من الحدود
اللبنانية في ريفي دمشق وحمص، متوقعا أن "يقوم الحزب بإنشاء قواعد بديلة في تلك المناطق، وأن يزيد من حضوره الديموغرافي".
وكل ذلك يعتمد، بحسب القربي، على "السيناريوهات القادمة، بمعنى هل يواصل الاحتلال مهمة القضاء على حزب الله، أم الاكتفاء بتحجيم قوته وحضوره إلى شمال نهر الليطاني؟".
النظام يحيّد نفسه
عبد الله الأسعد، عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة الأهلية، يقول في حديثه لـ"عربي21"، إنه "رغم أن نصر الله ليس من قادة الحزب العسكريين، إلا أن نفوذ الحزب العسكري سيتأثر سلبا في سوريا".
ولفت إلى الأنباء "غير المؤكدة" التي تشير إلى إغلاق النظام السوري بعض مكاتب حزب الله في سوريا، وقال: "يبدو أن النظام يريد تجنيب نفسه الصراع والتصعيد، ليبدو وكأن النظام يستشعر أن الاحتلال ماضِ في قرار إنهاء حزب الله".
وكانت تقارير إخبارية، اعتبرت أن النظام السوري وجد في تصعيد الاحتلال ضد حزب الله "فرصة لن تتكرر" لتحجيم نفوذ الحزب في سوريا.
تعطيل قرار محور "المقاومة"
من جهته، يقول المستشار الدولي المقرب من إيران هادي دلول، إن الهدف من اغتيال نصر الله، والهجمات التي يتعرض لها حزب الله، هو "تعطيل قرار محور المقاومة في لبنان، أي اجتياح جنوب لبنان بهدوء، ومن ثم التفاوض على اتفاقية سلام مع الدولة اللبنانية دون وجود قيادات عليا في الحزب تعارض ذلك".
وعن سوريا، يضيف في حديثه لـ"عربي21": "يبدو أن حالة من الطمأنينة يعيشها الاحتلال مردها الاعتقاد بأن سوريا خارج اللعبة، وأنه يمكن استدراج بشار
الأسد إلى خارج المعركة".
حزب الله في سوريا
واعتمد النظام السوري على حزب الله وإيران وعدد من المليشيات الإيرانية لقتال المعارضة منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
وفي هذا الجانب، يقول مركز "مالكوم كير – كارنيغي" لأبحاث الشرق الأوسط: "حين بدأ النظام السوري يخسر مساحات شاسعة من الأراضي العام 2012، قرر حلفاؤه التدخل عسكريا، وقيل هنا إن حزب الله لعب دورا كبيرا في قرار إيران دعم الأسد، بيد أن دور الحزب لم يتمحور أساسا حول إعادة بناء وتعزيز قدرات قوات النظام، بل المساعدة على إقامة مؤسسات موازية على غرار المليشيات المؤيدة للنظام".
ويتابع المركز في ورقة بحثية، أن "هذا كان استنساخا لما فعله الحزب في لبنان، أي بناء قوات مسلحة مستقلة في أحشاء دولة ضعيفة في ذلك الحين".
وبحسب المركز، فقد "اتخذ توجه إيران وحزب الله لتشكيل المليشيات شكلين، تجنيد مقاتلين من بلدان كالعراق وأفغانستان وباكستان، وفي الوقت نفسه استنفار وتنظيم الطائفة الشيعية السورية".
وشارك "حزب الله" في غالبية المعارك التي خاضها النظام في مختلف المحافظات السورية، غير أن حضور الحزب كان واضحاً بشكل كبير في دمشق وحمص وحلب.