ملفات وتقارير

بالصور والذكاء الاصطناعي.. كيف خدع مهرجان "موازين" جمهوره بالمغرب بسبب غزة؟ (شاهد)

حان وقت المهرجان وأقيم في وقته بعد انقطاع سنوات- إكس
"آش خاصك يا فلسطين الحفلات وموازين"، هو شهار صدحت به حناجر عدّة مواطنين مغاربة، في مظاهرات ومسيرات في جل المدن، للمطالبة بإلغاء أو تأجيل المهرجان الموسيقي الذي يحمل اسم "موازين.. إيقاعات العالم"، لوقت آخر، وذلك تضامنا مع الأهالي في قطاع غزة، ممّن تتواصل عليهم حرب الإبادة، لأكثر من ثمانية أشهر.

أصوات علت غاضبة، وقالت كلمتها في الميدان، وأخرى غرّدت ودوّنت بالكتابة والصوت ومقاطع الفيديو، على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، لكن حان وقت المهرجان، وأقيم في وقته، بعد انقطاع سنوات إثر تفشي فيروس كورونا.


ويعتبر مهرجان "موازين"، الذي انطلق خلال عام 2001، ويتم تنظيمه تحت "رعاية الملك محمد السادس"، موعدا مهما بالنسبة إلى كل محبّي الموسيقى بالمغرب، وبات يعدّ أحد أكبر المواعيد الثقافية في العالم. وذلك قبل توالي دعوات المقاطعة عليه، في ظل السنوات الماضية، حتى قبل انقطاعه لثلاثة سنوات.

“قاطع موازين”.. هل استجاب المغاربة؟ 
مساء الجمعة 21 حزيران/ يونيو الجاري، بدت منصات مهرجان "موازين"، في كل من "حي النهضة" و"أبو رقراق" في العاصمة المغربية الرباط، شبه فارغة، إلّا من تجمع بشري خافت مُتلحّف بالمنصات؛ وذلك في خضم تواصل دعوات مقاطعة المهرجان الغنائي، تضامنا مع الأهالي في قطاع غزة المحاصر، أو رفضا لهدر المال العام على المهرجانات بدلا من تلبية أساسيات المواطنين المغاربة، في عدد من المناطق.



وفي مشهد غير اعتيادي، لواحد ممّا يعتبر من أهم المهرجانات الفنّية في الدول العربية، تداول رواد مختلف منصات التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع فيديو، لجوانب فارغة من الحضور على منصة حي النهضة، التي غنّت عليها المطربة المصرية، أنغام. حيث إن المنصّة تتّسع لما يناهز 50 ألف متفرج، ولكن حضر الحفل فقط حوالي 500 شخص. وهو ما وصل صداه أيضا، لعدد من الصحف العربية.


وقال حمزة الكتاني، وهو سياسي مغربي وكان وزيرا سابقا للبريد والاتصالات (من كانون الثاني/ يناير 1995 إلى آب/ أغسطس 1997): "مررت البارحة ببعض منصات حفل موازين فوجدتها شبه فارغة، طبعا المنظمون يجمعون الناس من هنا وهناك، حتى من المهاجرين الأفارقة، والمغاربة المشرّدين، ليحضروا ويرفعوا عنهم عار اللامبالاة دون جدوى…".

وأضاف الكتاني، عبر منشور له على حسابه في منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ما يقع في حفل موازين هو غاية في المهزلة من جميع الحيثيات، ومظهر جلي من مظاهر الريع وتبذير الأموال، وعدم الشعور بمواجيع إخواننا في فلسطين..".



وتابع: "أهنئ الشعب المغربي الحر المسؤول والشهم على مقاطعته لتلك الحفلات المعيبة التي هي سبة في وجه منظميها، ودام المغاربة ضد كافة أشكال التطبيع والاستهتار…"، مردفا: "استمروا في المقاطعة والتناصح من أجل المقاطعة بارك الله فيكم... القدس الشريف ودماء إخواننا الفلسطينيين أغلى عندنا من ألف موازين…".

كذلك، رصدت "عربي21" مقاطع فيديو مختلفة، لجُملة من الشخصيات الحقوقية والمعروفة في المشهد العام المغربي، ممّن واصلت دعواتها للتجاوب مع حملات مقاطعة مهرجان موازين، جلّها عرفت نسب مشاهدات ومشاركة عالية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وهذه أبرزها:



"موازين" يصدّ المقاطعة.. هل نجح؟
حلّلت "عربي21" جُملة من الصور التي تم تداولها بين عدّة نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، تزعم أن المقاطعة فشلت وأن المنصّات مكتظة بالجماهير المتحمّسة للمهرجان، وبعد اعتماد تقنيات "البحث العكسي" تبيّن أن جُل هذه الصور تعود لسنوات ماضية، أو مولّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.



وفي السياق نفسه، قال عدد من المصوّرين المعتمدين، رفضوا الكشف عن أسمائهم، إنّهم خلال الأيام الأولى من المهرجان، ضاعفوا من جهودهم لمحاولة إبراز أن عددا من الجمهور حاضر في المنصّة، مشيرين لكونهم يقرّبون الكاميرا من المجموعات البشرية، كي لا تتّضح حدّة الفراغات الكبيرة حوالي منصّات المهرجان.



كذلك، يقول عدد من المعلّقين على حسابات المهرجان على منصة التواصل الاجتماعي "انستغرام" إن التصوير الخاص بالمهرجان خلال السنوات الماضية، كان يركّز بشكل كبير على الجماهير المتوافدة، لأنها كانت غفيرة، لكن هذه السنة اختلفت التقنية، وأصبح جُل تركيزهم منصبا على من يغنّي فوق المنصة، وبعض الجماهير المتواجدين بقربها.



وأكّدوا من خلال المقارنة بصور السنوات الماضية، أن حتّى حفلة هيفاء وهبي التي شهدت جمهورا وصف بـ"الكبير" فإنه قليل مع نسبة الحضور الذي كان يعيش على إيقاعه المهرجان الفنّي، في السنوات المنصرمة، قبل تزايد حدّة حملات المقاطعة، وعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.






وفي منشور على حساب تفاعلي على منصة التواصل الاجتماعي "انستغرام" كان السؤال هو: "ما رأيكم في حملات مقاطعة مهرجان موازين؟"، فتوالت الأجوبة في التعاليق التي وصلت لحدود اللحظة إلى 3142 تعليقا، اطّلعت "عربي21" على جلّها، فكانت مع دعوات المقاطعة؛ وفي الوقت ذاته وصل وسم "لا ترقص على جراح إخوانك" إلى تعليقات الصور على حسابات جُل الفنانين المشاركين في المهرجان الفني.


فلسطين في قلب "موازين" 
وسط توالي دعوات مقاطعة المهرجان الغنائي، ووصول وسم "لا ترقص على جراحهم" لنسب مشاركات عالية، حاول عدد من الفنّانين ضرب العصفورين بحجر، التجاوب مع دعوات "موازين" وكذا إرسال كلمات تضامن مع فلسطين من قلب الندوات الصحفية الخاصة بالمهرجان نفسه.

ومن قلب الندوة الصحفية المنظمة في إطار فعاليات مهرجان موازين، الأربعاء، دعا محمد صالح، وهو فنان الرّاب التونسي المعروف بـ"بلطي"، لمقاطعة المنتجات الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بدلا ممّا وصفه بـ"التركيز على مقاطعة الفعاليات الفنية والثقافية".

وأضاف صالح، بالقول: "أنا أدعم القضية الفلسطينية ليس بصفتي كفنان فقط بل كمواطن، ففلسطين هي جزء من ثقافتنا كبرنا بها، ونحملها في قلوبنا دائما"، مشيرا إلى أن "الفنانين المغاربيين والعرب، متشبثون بقضية فلسطين ودفاعهم عنها"، وأنّه تطرّق لفلسطين خلال أعماله الغنائية، رفقة كل من الرابور المغربي حليوة، وميستر يو. 

من جهتها، قالت الفنانة اللبنانية، نوال الزغبي، إن "مقاطعة المهرجانات والتظاهرات الفنية، ليست حلا للأزمات التي تعيشها الكثير من البلدان على رأسها فلسطين"، مضيفة أنها "لن تقاطع المهرجان من أجل التضامن مع غزة، مقتنعة بكون المقاطعة لن تساهم في حل مشاكل الفلسطينيين".

وفي السياق ذاته، أشارت الزغبي، إلى أنها تشعر بالحزن الشديد لما يعيشه أهل غزة، وباقي دول العالم التي تشهد الحروب، مؤكدة: "أعلن تضامني الكامل مع الفلسطينين وكنت من الفنانين الأوائل الذين غنوا لهم".

وفي محاولات للدفاع عن نفسها، كانت "مؤسسة مغرب الثقافات"، وهي الجهة المنظّمة لموازين، قد قالت في وقت سابق "إن دور المهرجان لا يقتصر على صناعة الترفيه، بل يساهم في توفير 3 آلاف فرصة عمل في قطاعات النقل، والمطاعم، والفنادق والمتاجر، ويستقطب أكثر من مليوني شخص كل عام".

وفي الوقت الذي يشتد فيه رفض المهرجان، بالقول "إنه تبذير للمال العمومي"، تقول الجهة المنظمة: "إن التمويل العمومي للمهرجان انتهى عام 2012، وأصبح يعتمد بنسبة 32 في المئة على تمويل خاص و68 في المئة من عائدات أخرى كالتذاكر والبطاقات والمساحات الإعلانية".

تجدر الإشارة إلى أن مهرجان موازين، الذي سيستمر حتى 29 حزيران/ يونيو بحضور عدد من الفنانين العرب والأجانب، بينهم اللبنانية هيفاء وهبي والمصري محمد رمضان واليمنية بلقيس والمغربية سميرة سعيد والأسترالية كايلي مينوج.. دعوات مقاطعته خلال هذه السنة، لا تعد الأولى من نوعها، ولو أنّها الأكثر حدّة تزامنا مع الأوضاع القاسية التي يعيش عليها الأهالي في قطاع غزة.


وسبق لعدد كبير من المغاربة إطلاق حملات مقاطعة مع حلول ما وصف بـ"الربيع العربي" عام 2011، وكانت آخرها عام 2018 تحت شعار: "خليه يغني بوحدو"، وذلك غضبا ورفضا لهدر الأموال في المهرجان، الذي تزامن حينها مع حملة المقاطعة الشعبية التي مسّت ثلاث شركات مغربية مرتبطة بالمحروقات والحليب والماء.