سياسة دولية

ما تأثير إدانة ترامب على فرصه بالفوز بانتخابات الرئاسة المُقبلة؟

ترامب رفض المحاكمات ووصفها بالسياسية- الأناضول
أدانت محكمة أمريكية في ولاية نيويورك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في قضية ضده تم اتهامه فيها بتزوير وثائق مالية، وأصدر المحلفون قرار الإدانة في 34 اتهاما كانت موجهة له ضمن القضية.

وجاءت هذه الإدانة في ذروة تحضير الحزبين الجمهوري والديمقراطي للانتخابات الرئاسية القادمة، كما أن جلسة النطق بالحكم، التي حددها القاضي في 11 تموز/ يوليو القادم ستكون قبل أربعة أيام من انطلاق موعد انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، وهو المؤتمر الذي سيتم فيه تأكيد ترشيح ترامب لانتخابات الرئاسة التي ستُجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

وفي أول تعليق له على قرار الإدانة، قال ترامب في منشور له على منصته "تروث": "لقد كان هذا وصمة عار – محاكمة مزورة من قبل قاضٍ متضارب وفاسد، سوف نناضل من أجل دستورنا".

وقال في منشور لاحق، إن "النصر في الخامس من نوفمبر، أنقذوا أمريكا!!!"، كما أعلن نيته عقد مؤتمر صحفي يوم الجمعة للرد على قرار الإدانة.







استغلال القضاء سياسيا
غبريال صوما، بروفيسور في القانون الدولي، وعضو في المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يرى أن "استراتيجية الحزب الديمقراطي، وبصورة خاصة استراتيجية الرئيس بايدن، هي هزيمة ترامب في قاعة المحكمة بدلا من صناديق الاقتراع".

وتابع صوما في حديث خاص لـ"عربي21": "لهذا أعتقد بأن هذا المنحى سيأتي بنتائج عكسية في انتخابات الرئاسة القادمة، فهذا الأسلوب غير ديمقراطي تماما، لأن أمريكا تستحق رئيسا يمكنه الفوز بصناديق الاقتراع دون تسليح السلطة القضائية لتنحية خصمه".

الأكاديمي والباحث القانوني جوناثان تورلي، قال: "من الواضح أنني لا أتفق مع هذا الحكم كما يفعل كثيرون آخرون، وأعتقد أن هذه القضية سيتم عكسها في النهاية، سواء في أنظمة الولاية أو الأنظمة الفيدرالية".

وتابع تورلي في منشور له على منصة "إكس": "ومع ذلك، كان هذا أسوأ توقع للمحاكمة في مانهاتن، أشعر بالحزن بسبب النتيجة بالنسبة للنظام القانوني في نيويورك أكثر من حزني للرئيس السابق، كنت آمل أن يتمكن المُحلفون من استعادة نزاهة النظام الذي تم استخدامه لأغراض سياسية".




علامة سلبية ضد بقاء ترامب
روبرت شابيرو، أستاذ الحكومة والشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا الأمريكية، قال إن "قرار الإدانة علامة سلبية كبيرة ضد وجود ترامب، فهو أدين في محكمة جنائية من قبل هيئة محلفين مُشكلة من مواطنين استمعت إلى الأدلة ضده".

وتابع شابيرو في حديث خاص لـ"عربي21": "يُعتقد أن هذه هي أضعف قضية ضده، وهذه الإدانة تُشير إلى أنه ستتم إدانته بشكل أكبر في قضايا فيدرالية يمكن أن تكون أقوى وأكثر أهمية بالتأكيد، كما يؤكد أنه في نظر هيئة المحلفين والجمهور على نطاق أوسع، كاذب ومُذنب بارتكاب جرائم".

ويرى أن "هذه الإدانة من الواضح أنها لن تساعد ترامب، وستؤثر عليه، لأنها قد تؤدي إلى إقناع الناخبين المترددين أو المؤيدين الضعفاء بعدم التصويت له".

واستدرك بالقول: "لكن هذا لا يعني أنهم سيصوتون لصالح بايدن، فقد يحرم ترامب من الأصوات، وبالتالي يساعد بايدن، لكن قاعدة مؤيدي ترامب والمعارضين للديمقراطيين لن تتأثر بهذا القرار".

دعم جهوري ثابت لترامب
وعلى الرغم من وجود عدة قضايا جنائية ضد ترامب، ما زال الحزب الجمهوري يريد ترشيحه كمرشح للحزب في انتخابات الرئاسة الأمريكية المُقبلة، خاصة بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب.

ووفقا للتقارير، فإن المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، الذي سيُعقد في 15 تموز/ يوليو، سيؤكد ترشيح ترامب كمرشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري ضد الرئيس الحالي جو بايدن.

شابيرو يرى أن سبب إصرار الحزب الجمهوري على ترشيح ترامب هو "أن الجمهوريين يعارضون ويكرهون الديمقراطيين أكثر بكثير، وسيبقون مع ترامب لهزيمة الديمقراطيين".

وأكد أن "الحزب الجمهوري سيستمر في دعم ترامب في سباق الرئاسة"، مضيفا: "مندوبو الجمهوريين في مؤتمر الحزب ملتزمون بالتصويت له، ما يجعله المرشح الجمهوري للرئاسة، وسيبذلون قصارى جهدهم لهزيمة بايدن والديمقراطيين، الحزب هو حزب ترامب، وكل قياداته تدعمه".

توماس والين، أستاذ مشارك في العلوم الاجتماعية في جامعة بوسطن الأمريكية، قال لـ"عربي21"، إنه "من المؤكد أن هذا الحكم يقلل من احتمالات فوز ترامب بأربع سنوات أخرى في البيت الأبيض، كما أن هذا القرار سيمنح الناخبين المستقلين وأنصار نيكي هيلي داخل الحزب الجمهوري فترة توقف عند دخولهم إلى مقصورة الناخبين في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل".

مستقبل سياسي مجهول
وتطرح هذه الإدانة تساؤلات حول تأثيرها على مستقبل ترامب السياسي، وتحديدا فرص نجاحه بالانتخابات الرئاسية.

كما أن الإدانة تأتي في وقت زادت فيه الأصوات الديمقراطية الغاضبة من موقف بايدن من الحرب على غزة، وهذا يضع الناخب الأمريكي أمام خيارين، رئيس سابق مُدان بتهم جنائية، ورئيس حالي يتم اتهامه بتأييد ارتكاب جرائم حرب من قبل الاحتلال في قطاع غزة.

الأمر الذي يجعل المشهد التحضيري للانتخابات ضبابيا، بحيث يُصبح من الصعب توقع من سيكون الرئيس القادم.

البروفيسور بيل شنايدر، أستاذ السياسة العامة والشؤون العامة والدولية في جامعة جورج ميسن الأمريكية، قال إن "قرار الإدانة يعني أنه للمرة الأولى على الإطلاق، سيواجه الأمريكيون مجرماً مداناً كمرشح رئاسي لحزب كبير".


ويرى شنايدر في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "الإدانات الجنائية تجعل من الصعب للغاية على ترامب الفوز في الانتخابات القادمة، لكن ليس بالضرورة أن يكون مستحيلاً، ومن غير المحتمل أن يصبح على الفور سلعة فاسدة".
 
وحول سر تمسك الجمهوريين بترشيح ترامب للرئاسة، قال شنايدر إن "ترامب يُعتبر شخصية بطولية بالنسبة للعديد من الجمهوريين، ولقد استحوذ على الحزب الجمهوري لأنه شعبوي مُحافظ يُعبر عن أقوى قناعاته، إن ترامب مناهض بشدة للمؤسسة، وسوف يرى أنصاره الأساسيون في هذا الأمر بمثابة انتقام من المؤسسة السياسية ضد شخص يهددهم".

ويعتقد شنايدر أن "أغلب الجمهوريين سوف يستمرون في دعم ترامب، على الرغم من أنه سيخسر الأقلية التي وجدت سلوكه مروعا دائما، وبما أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن نتائج الانتخابات متقاربة للغاية حتى الآن، فإن خسارة ولو عددا صغيرا من المؤيدين السابقين ستكون كافية لهزيمته في الانتخابات".

وخلص شنايدر بالقول: "سوف يرى العديد من أنصاره، وربما أغلبهم، في إدانته (كما يراها هو) دليلاً على فساد السياسة الأمريكية، لكن نظراً لطبيعة الجرائم، سيكون من الصعب دعم هذه الحجة".