ملفات وتقارير

بينها غزة وزيادة الأسعار.. هذه أسباب غضب المغاربة على منصّات التواصل (شاهد)

تستمر الأصوات الغاضبة في المغرب، للمطالبة بحلول واقعية- إكس
عبارات غاضبة، يُعبر بها عدد متسارع من المغاربة، على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، في الأيام القليلة الماضية، بعد الإعلان عن مواعيد مهرجان الموسيقى "موازين"، وزادت بعد إفصاح حكومة عزيز أخنوش، عن الزيادة في سعر "البوطاغاز" وما سيترتّب عليها من زيادات في عدد من المنتوجات الغذائية المرتبطة بها.

تقول ياسمين، أم لطفلين، تقطن مدينة الرباط: "إنها زيادة ليست بسيطة أبدا، لأمثالنا من ذوي الدخل المحدود خاصة، حيث إن 10 دراهم في كثير من الأيام تكون هي مصروفنا اليومي أساسا".

وتابعت المتحدثة لـ"عربي21": "المشكل الأكبر هو التداعيات التي ستُحيط بهذه الزيادة، ثمن المخبوزات بكافة أنواعها سترتفع، ثمن المقاهي، حتى أكل الشوارع ستُصيبه الزيادة حتما، حيث إن البوطاغاز هي الأساس".

استنفار متزايد 
الزيادة الجديدة في أسعار "البوطاغاز"، التي دخلت حيز التنفيذ، الاثنين، استنفرت أرباب المقاهي والمطاعم، حيث قالوا إنها ستُجبرهم على رفع تكاليف الإنتاج، ممّا سينعكس على أسعار المنتوجات والخدمات المقدمة إلى المستهلكين، خلال الفترة المقبلة.

وكانت وزارة الاقتصاد والمالية، قد أعلنت، الأحد، أنه "سيتم الشروع، ابتداء من يوم 20 مايو الجاري، في التقليص الجزئي من الدعم الموجه لقنينات غاز البوتان برسم سنة 2024".

وتابعت: أن "الأمر يهم ما قدره 2,5 دراهم (ما يناهز ربع دولار) بالنسبة لقنينة غاز البوتان من فئة 3 كيلوغرامات، و10 دراهم (ما يناهز 1 دولار) لقنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما".

كذلك، قال رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، محمد عبود، إن "الزيادة في أسعار غاز الطهي سوف يرفع تكاليف الإنتاج في ما يخص مربي الدواجن"؛ فيما يرى عدد من المتابعين للشأن الفلاحي المغربي أن "عددا من المزارعين يعتمدون في إنتاج الخضر والفواكه، على تشغيل آلات الضخ بالغاز، من أجل استخراج المياه للسقي".

أسعار الأضاحي في الواجهة 
"إن التخبط والفشل عنوان تدبيركم للفلاحة، وإن مليار سنتيم خصّصت للفلاحة باسم الجفاف ودعم المدخلات، بما فيها الأعلاف، من دون أثر"، هكذا واجهت عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية (معارض)، عائشة الكوط، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، الاثنين، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بالبرلمان.

وأضافت النائبة: "سعر لحم الغنم اليوم من 120 إلى 130 درهما، ولحم البقر من 90 إلى 100 درهم"، فيما اعتبرت أن "الدعم المخصص لاستيراد 600 ألف رأس باحتساب 500 درهم للرأس يبلغ 30 مليار سنتيم، بالإضافة إلى 20 مليارا من الإعفاء الضريبي، أي 50 مليار سنتيم، واستفاد منها 4 مستوردين كبار انتماءاتهم معروفة".

وأكدت: "الأموال المذكورة لو ذهبت لدعم الفلاحين والكسابة (بائعي المواشي) ستساهم في تجديد القطيع الوطني، وإذا ارتفعت الأسعار مرحبا، المهم ألا تذهب الأموال لغير مستحقيها". وهو نفس السياق الذي مضى نحوه الفريق الاتحادي، بالقول إن "الدعم المخصص لاستيراد الأغنام لا أثر له على المواطنين".

واعتبر الفريق الاتحادي أن "الحكومة تدعم المستوردين فقط"، فيما دعا إلى "التفكير في طريقة لدعم المواطنين على أرض الواقع، لأنه لا يوجد أي أثر لهذا الدعم". معتبرا أن "الكسّاب المغربي هو الأحق بالدعم، من المستوردين الذين يغتنون على حساب المواطنين".

وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، وجد نفسه في جلسة الأسئلة للبرلمان، عرضة للنقد من طرف النواب، فيما قال: إن "الحالة التي نعيشها استثنائية، ولأول مرة نعيشها للسنة الثانية"، نافيا صحة الاتهامات التي وجهت لوزارته بدعم الفلاحين الكبار.

وأضاف الوزير: "20 أو 30 مليارا التي قيل إنها خصصت للفلاح الكبير رقم غير صحيح، فيما 7 ملايين قنطار من الشعير والعلف المدعم وزعت على الفلاح الصغير والمتوسط، ولا يمكن تغيير الحقائق؛ وأن 100 استفادوا من استيراد الأغنام وليس 4".

إلى ذلك، أكد الوزير أن "عملية الاستيراد أسفرت عن إدخال 220 ألف رأس، وخلال اليومين المقبلين سنصل إلى 250 ألفا، ونستهدف 600 ألف؛ وذلك بهدف الحفاظ على القطيع واستقرار الأسعار"، مسترسلا: "في غياب الإجراءات التي اتخذناها لم يكن المغاربة ليواجهوا الغلاء فقط، بل لن يجدوا الأضاحي".

ضحايا تحرير الغاز
إلى ذلك، أوضح الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الحسين اليماني، أنه: "بقراءة بسيطة في استهلاك واستعمالات وأسعار غاز البوطان، يتبين بأن الزيادة في استهلاك الغاز سوف تصل في المتوسط لحوالي 250 درهما (25 دولارا) في الشهر لعائلة من 5 أفراد".

وأضاف اليماني، في حديثه لـ"عربي21" أنه: "حينما نضيف لذلك الارتفاع المرتقب للأرباح الفاحشة للفاعلين في توزيع الغاز، حيث أن نسبة التركيز في سوق الغاز تفوق بكثير سوق المحروقات (فاعل واحد يحتكر الاستيراد عبر ميناء طنجة وميناء الجديدة)، وحينما نضيف كذلك تداعيات ارتفاع أسعار الغاز على كلفة الإنتاج في الفلاحة وتربية الدواجن وغيرها، فإن مجموع الزيادات المباشرة وغير المباشرة في استهلاك البوطاغاز، قد تتجاوز 1000 درهم (100 دولار) شهريا للعائلة من 5 أفراد".

وأكد: "الغرض من حذف الدعم وتحرير سعر الغاز، لن يستفيد منه في الأخير إلا الفاعلون في القطاع، وأما عموم الشعب المغربي فسيكون ضحية تحرير الغاز"، مردفا أن "تحرير أسعار الغاز بدعوى توجيه الدعم لمستحقيه، لا يصمد أمام الإحصائيات التي تشير بأن 60 في المئة من الاستهلاك يوجه للأغراض المنزلية و40 في المئة للأغراض غير المنزلية وخصوصا الفلاحة".

وتابع: "حينما نضيف تداعيات الجفاف على صعوبة استخراج مياه السقي واللجوء أكثر لاستهلاك الغاز (في انتظار البدائل التي طال انتظارها)، سيزيد الطين بلة، في اشتعال أسعار المنتوجات الفلاحية التي يتغذى بها عموم الشعب المغربي، وأساسا البصل والبطاطس والطماطم، وحينئذ لن ينفع الدعم لمن توصّل به وسيزيد الضغط على من لم يتوصل به".

موازين.. غضب على غضب
زيادة سعر البوطاغاز، وتخوف من غلاء المواشي مع اقتراب عيد الأضحى، وتفكير متواصل من شريحة كبيرة من المجتمع المغربي في الزيادات المتسارعة على جُل المنتوجات الغذائية الأساسية، لم يجعلهم يغضّون الطرف عن إعلان مواعيد المهرجان الغنائي "موازين" في ظل ما يُعاني منه قطاع غزة المحاصر، من عدوان أهوج من الاحتلال الإسرائيلي.

وبمنشورات مختلفة، ومقاطع فيديو، وكذلك عبر وقفات واحتجاجات ميدانية، رفع المغاربة صوت الرفض القاطع، للمهرجان، عبر عدد من الوسوم والشعارات، من قبيل: "لا ترقص على جراح إخوانك"، و"قاطعوا مهرجان موازين"، و"لا خير فينا إلا (إذا) مشينا"، "واش خصك يا فلسطين؟ (ما الذي تحتاجينه يا فلسطين)، غير حفلات وموازين".

وفي محاولات للدفاع عن نفسها، برّرت "مؤسسة مغرب الثقافات"، وهي الجهة المنظّمة لموازين، قرارها، بالقول "إن دور المهرجان لا يقتصر على صناعة الترفيه، بل يساهم في توفير 3 آلاف فرصة عمل في قطاعات النقل، والمطاعم، والفنادق والمتاجر، ويستقطب أكثر من مليوني شخص كل عام".

وفي الوقت الذي يشير فيه عدد من المحتجّين الرافضين للمهرجان، إلى القول: إنه تبذير للمال العمومي، قالت الجهة المنظمة: "إن التمويل العمومي للمهرجان انتهى عام 2012، وأصبح يعتمد بنسبة 32 في المئة على تمويل خاص و68 في المئة من عائدات أخرى كالتذاكر والبطاقات والمساحات الإعلانية".

إلى ذلك، تستمر الأصوات الغاضبة في المغرب، للمطالبة بحلول واقعية لغلاء الأسعار الذي بات يُحيط بهم من كل جهة، وأيضا بإلغاء المهرجان الغنائي، طالما هناك إنسان يُمارس عليه العدوان والظلم في قطاع غزة المحاصر، لأكثر من نصف سنة.