حذرت كاتبة إسرائيلية معروفة من أنه من
الصعب على حكومة الاحتلال الإسرائيلي التنصل من تداعيات قتل عمال
الإغاثة الأجانب.
ومساء الاثنين، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي
قافلة لمنظمة "
المطبخ العالمي" بمدينة دير البلح وسط قطاع
غزة، ما أسفر عن
مقتل 7 أشخاص يحملون جنسيات أستراليا وبولندا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا وفلسطين.
وقالت عميرة هاس إن وجع الرأس الذي
أصاب الحكومة الإسرائيلية جراء مقتل عمال الإغاثة الأجانب "لم يكن ليصيبهم لو
أن القتلى السبعة كانوا من الفلسطينيين وليس مواطني دول غربية".
وأكدت هاس في مقال لها بصحيفة
"هآرتس" أن الإعلام في "إسرائيل" لا يمكنه تبرير الهجوم أو طمس
خطورته بسبب "هوية القتلى"، وأيضا بسبب "أهمية المطبخ المركزي العالمي
في عملية تدفع إسرائيل بها قدما منذ بضعة أشهر وهي تقليص نشاطات وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين
الأونروا".
المطبخ المركزي العالمي هو اللاعب الرئيسي الذي يعمل في المسار البحري لنقل
الغذاء إلى شمال قطاع غزة الذي تتفشى فيه المجاعة. وهذا المسار تبنته الولايات المتحدة
ودفعته قدما وسوقته بعد أن رفضت "إسرائيل" طلبات منظمات الإغاثة المخضرمة
السماح بالمسار البري القصير، السريع والرخيص.
الإرسالية البحرية الأولى التي نظمها "المطبخ" بتمويل من دولة الإمارات
وصلت إلى القطاع في بداية شهر آذار/ مارس، والإرسالية الثانية بتمويل الإمارات أيضا
وصلت في يوم الاثنين أمام شاطئ مدينة غزة. ولكن من بين الـ 400 طن من المواد الغذائية
والمعدات، التي كانت ستكفي لمليون وجبة، أنزل العمال من السفن 100 طن فقط. الآن بسبب
الهجوم وقرار المنظمة تجميد نشاطاتها في القطاع فإن السفن ستعود مع حمولتها إلى قبرص.
تحذر هاس من أن "قتل المتطوعين الشجعان
في منظمة "المطبخ" يمس أيضا بجهود إسرائيل في أن تظهر بأنها تلتزم بتعليمات
محكمة العدل الدولية".
بدأ المطبخ المركزي العالمي عمله في غزة منذ تشرين
الأول/ أكتوبر 2023، حيث وفّر أكثر من 35 مليون وجبة ساخنة، وأقام أكثر من 60 مطبخا مجتمعيا. الناس لاحظوا أنه يوجد غاز للطهي في مطابخه، الذي لم يكن متوفرا لمنظمات أخرى،
وأنه يقدم الخضراوات الطازجة في الوقت الذي كانت فيه هذه الخضراوات غير متوفرة في الأسواق
أو أن سعرها كان مرتفعا جدا.
ونقلت هاس عن مصدر في جهاز الإغاثة غير
الحكومي (إسرائيلي) قوله إنه تقريبا "بين عشية وضحاها بدأت هذه المنظمة في تشغيل
جهاز يساوي في حجمه حجم الأونروا، وأن سرعة نشاطاته تشير إلى خطوات بيروقراطية إسرائيلية
سهلت العملية"، وتضيف هاس: "أي أن من شغلوا المسيّرة تسببوا بالضرر لمنظمة
كانت نشاطاتها هامة بالنسبة لإسرائيل، ليس فقط لأسباب إنسانية بل أيضا من ناحية سياسية،
في إطار هدفها لمحو الأونروا من الخارطة".
مثل أي منظمة إغاثة أخرى تعمل في القطاع في فترة الحرب فإن المطبخ المركزي العالمي
قام بتنسيق نشاطاته مسبقا مع الجيش. ومثلما في منظمات أخرى فإن موقع أي منشأة له معروف
للجيش وسياراته توجد عليها أعلام وإشارات، والعاملون يرتدون الستر الواقية مع إشارات
خاصة، وهويتهم معروفة لقوات الجيش التي صادقت على كل واحد منهم. أيضا فإن سفر أي سيارة
أو قافلة بحاجة إلى مصادقة جيش الاحتلال. باللغة العسكرية وباللغة التنظيمية الإنسانية
هذا يسمى عملية "منع الاحتكاك".
هذه ليست المرة الأولى منذ بداية الحرب التي يهاجم فيها الجيش سيارات ومنشآت
تعود لمنظمات إغاثة، محلية ودولية. وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإنه ليس أقل من
196 عاملا إنسانيا قتلوا منذ بداية الحرب. و6 من الفلسطينيين المرتبطين بـ "أطباء
بلا حدود"، عاملون وأبناء عائلاتهم، من بينهم طبيبان وطفلة، قتلوا بنار الجيش
الإسرائيلي. أيضا أصيب عدد من الفلسطينيين الذين كانوا في مبنى المنظمة البريطانية
"ام.إي.بي" (مساعدة طبية لفلسطين). و15 من العاملين في طواقم الإنقاذ للهلال
الأحمر قتلوا عندما كانوا في الطريق لإنقاذ مصابين.
بحسب هاس فإن "قتل عاملي المطبخ المركزي
يظهر 3 أسس حول طبيعة نشاطات الجيش الإسرائيلي في غزة؛ الأول، عدم التنسيق بين القوات
المختلفة رغم التصريح عكس ذلك. الثاني، المستوى المتدني نسبيا الذي أعطي الصلاحية الفورية
للقتل من الجو. الثالث، المرونة الكبيرة في تقدير الضرر الجانبي الذي يسمح الجيش الإسرائيلي
لنفسه به، أي العدد المرتفع جدا من غير المقاتلين ومن غير المسلحين، من بينهم أطفال،
المسموح قتلهم من أجل المس بـ "هدف شرعي واحد"".
وأضافت: "في حادثة أمس (المطبخ
العالمي) يتبين أن فقط الاشتباه بـ "شخص مسلح" (حتى الآن لا نعرف هويته)
كان يكفي للسماح لمشغل المسيرة العسكرية بأن يقتل سبعة أشخاص غير مشبوهين وغير مسلحين.
هذا الإطلاق السهل هو أحد التفسيرات بأن نحو 14 ألف طفل في غزة قتلوا حتى الآن، حسب
معطيات اليونسيف".