نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور، قال فيه إن أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، وفي قضية هي الأولى من نوعها، تدرس طبيعة سيطرة "إسرائيل" على الأراضي
الفلسطينية المحتلة.
وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أن جلسات الاستماع بدأت الاثنين في محكمة
العدل الدولية في لاهاي حيث تسعى المحكمة إلى طرح رأيها بشأن شرعية السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967 بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على هذه المناطق بعد الحرب مع جيرانها العرب. وهذه المداولات هي نتيجة لقرار صدر عام 2022 في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب بتدخل المحكمة في هذه المسألة.
وتشارك أكثر من 50 دولة في الإجراءات التي ستستمر خلال هذا الأسبوع. يوم الثلاثاء، كانت 10 دول في جدول الأعمال مع عروضها – وجميعها، بما في ذلك هولندا وبلجيكا، أدانت إلى حد كبير السياسات الأساسية للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي التي تؤدي إلى ما تزعم مجموعات حقوقية كثيرة أنه تمييز عنصري منهجي وفصل عنصري. ويعيش ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية دون نفس الحقوق السياسية والمدنية التي يتمتع بها جيرانهم الإسرائيليون، في حين رزحت غزة تحت عبء سنوات من الحصار الاقتصادي، وفقا للمقال.
وقال ممثلون من جنوب أفريقيا، التي تقف وراء قضية منفصلة أمام محكمة العدل الدولية تزعم أن إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية بينما تقوم بحربها ضد حماس في غزة بعد الهجوم الذي شنته الجماعة المسلحة على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إن الدولة اليهودية تمارس شكلا متطرفا أكثر من الفصل العنصري مقارنة بما تم تحمله لعقود من الزمن في جنوب أفريقيا، ودعوا المحكمة إلى إصدار حكم يضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات سياسية للفلسطينيين.
وقال فوسيموزي مادونسيلا، سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا، للقضاة: "إن التوصيف القانوني الواضح لطبيعة النظام الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني لا يمكن إلا أن يساعد في معالجة التأخير المستمر وتحقيق تسوية عادلة".
وأصر ممثل السعودية على أنه "لا يمكن أن يكون هناك نقاش جدي حول أن السياسات والممارسات الإسرائيلية ترقى أيضا إلى مستوى التمييز العنصري وتعادل الفصل العنصري، في انتهاك خطير لحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني". وقال أحد الشخصيات البارزة من جيبوتي إن عقودا من
الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية كان لها "تأثير التمييز المنهجي ضد السكان الفلسطينيين – لصالح السكان اليهود الذين يعيشون في المستوطنات".
وفي اليوم السابق، عرض الوفد الفلسطيني مرافعته، وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: "لقد عانى الفلسطينيون من الاستعمار والفصل العنصري. هناك من يغضب من هذه الكلمات. يجب أن يغضبوا من الواقع الذي نعانيه".
وحبس رياض منصور، المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، دموعه عندما حث المحكمة على "توجيه المجتمع الدولي في دعم القانون الدولي وإنهاء الظلم وتحقيق سلام عادل ودائم" ونحو "مستقبل يُعامل فيه الأطفال الفلسطينيون. كأطفال، وليس كتهديد ديموغرافي".
وفي الأشهر المقبلة، ستصدر المحكمة رأيا غير ملزم قد يكون له تأثير قانوني ضئيل فقط. وفي نهاية الشهر الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية "تدابير مؤقتة" تدعو إسرائيل إلى كبح هجومها على غزة، والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 29 ألف فلسطيني، وتدمير البنية التحتية المدنية في غزة وتشريد الجزء الأكبر من سكان القطاع. لكن يبدو أن هذا الحكم لم يفعل الكثير لكبح جماح إسرائيل، التي لا تزال تستعد لهجوم على مدينة رفح الحدودية جنوب قطاع غزة، حيث يقيم أكثر من مليون لاجئ من قطاع غزة في ظروف يائسة، حسب المقال.
وذكر كاتب المقال أنه على الجانب الآخر من المحيط، فشل المسؤولون في أعلى هيئة لصنع القرار في الأمم المتحدة مرة أخرى في إيجاد طريقة للمضي قدما. استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن بقيادة الجزائر يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس. ووجدت إدارة بايدن نفسها وحيدة في التصويت، حيث صوتت 13 دولة، بما في ذلك حلفاء مثل فرنسا واليابان، لصالح القرار وامتنعت بريطانيا عن التصويت.
وقال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع قبل التصويت، إن "التصويت لصالح مشروع القرار هذا هو دعم لحق الفلسطينيين في الحياة. وعلى العكس من ذلك، فإن التصويت ضده يعني تأييدا للعنف الوحشي والعقاب الجماعي الذي يتعرضون له".
ووصفت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، القرار بأنه "متمنٍّ وغير مسؤول" في بيان وطرحت اقتراحا مخففا يدعو إلى هدنة "مؤقتة" ترتبط بشكل مباشر بالإفراج عن جميع الرهائن. في هذه الأثناء، أصر نتنياهو على موقفه: "نحن ملتزمون بمواصلة الحرب حتى نحقق جميع أهدافها. لا يوجد أي ضغط يمكن أن يغير هذا"، حسب المقال.
وذكر الكاتب أن ما لم يتغير أيضا هو التصور العالمي المتزايد بأن "إسرائيل" على خلاف مع النظام الدولي وتعتمد على الولايات المتحدة لحمايتها من المزيد من اللوم. وقد غضب المسؤولون الإسرائيليون من ادعاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش العام الماضي بأن هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر لم يحدث من "فراغ"، وهي ملاحظة جادلت "إسرائيل بأنها تبرر إرهاب حماس".
لكن إجراءات هذا الأسبوع في لاهاي، وفقا للمقال، تتعمق في ما كان يستشهد به غوتيريش، وتحاسب على أكثر من نصف قرن من السياق المأساوي الأعمق.
وقال الكاتب، إن "قرع طبول الخطاب المتطرف الحالي من جانب حلفاء نتنياهو السياسيين من اليمين - بما في ذلك رفض أي حديث عن الدولة الفلسطينية أو الحقوق السياسية المتساوية، والدعوات لتنفيذ تطهير عرقي فعلي في غزة وحتى إنكار وجود الشعب الفلسطيني - يقدم تذكيرا بالحوار الموازي الجاري داخل إسرائيل".
ونقل عن المالكي، المبعوث الفلسطيني، قوله للقضاة، إن "الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تمنح الشعب الفلسطيني سوى ثلاثة خيارات: التهجير أو القهر أو الموت. لكن شعبنا موجود ليبقى، وله الحق في العيش بحرية وكرامة في أرض أجداده. ولن يتنازلوا عن حقوقهم".