تعتزم الحكومة
المصرية، للمرة الأولى، تحويل 38% من الدين الخارجي البالغ نحو 165 مليار
دولار ويعادل نحو 5 أضعاف الاحتياطي النقدي للبلاد إلى استثمار أجنبي مباشر.
ويمثل أكثر من 85% من إجمالي احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ودائع لدول عربية، هي كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت وليبيا، وتبلغ قيمتها نحو 30 مليار دولار.
وقالت الحكومة؛ إنها تخطط لتشكيل لجنة وزارية عليا من أجل التفاوض مع عدد من البلدان والبنوك الدائنة لمصر، من أجل مبادلة الدين العام بحصص في بعض الشركات المملوكة للدولة، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة حادة في نقص النقد الأجنبي.
وبررت تلك الخطوة، غير المسبوقة، أنها تأتي ضمن وثيقة سياسة ملكية الدولة، بهدف تحويل جزء معتبر من الدين الخارجي لمصر إلى استثمارات أجنبية، ولكنها تمت بعد أن استنفدت الحكومة وسائل توفير العملة الصعبة، وصعوبة الوصول إلى أسواق الدين أيضا.
إلى جانب ذلك، أعلنت الحكومة المصرية عن خطط كبيرة للتوريق؛ بهدف جمع ما بين 1.4 إلى 10 مليار دولار سنويا ابتداء من هذا العام وحتى عام 2030، من خلال توريق 20-25% من عائداتها الدولارية أمام بنوك الاستثمار والمستثمرين الدوليين.
وتعد خطة التوريق إحدى "الأولويات الطارئة" العديدة على المدى القصير ، وجاءت الخطوة ضمن حزمة إجراءات عاجلة لتوفير سيولة بالعملة الأجنبية.
فضلا عن نية الحكومة المصرية إصدار سندات بآجال استحقاق تتراوح بين 20 و30 عاما لخدمة الدين الخارجي المستحق في العام المالي الحالي والمقبل، من أجل تمديد نطاق ديون البلاد إلى ما هو أبعد من المدى القصير.
حكومة الاقتراض والجباية
فند المستشار
الاقتصادي، أحمد خزيم، خطط الحكومة المصرية لبيع ديونها، وقال: "هذا ليس له علاقة بالاستثمار كما تروج له الحكومة، الدولة المدينة التي عملت بشكل عشوائي، والتي أطلقت أكبر برنامج في عام 2016 للإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي دون أي رؤية لمستقبل الاقتصاد، كل همها هو الاستدانة، وما تطرحه من حلول هو المزيد من الاقتراض، ولم تستطع أن تنتج من استخدام هذه القروض العوائد التي تسدد بها فوائد وأقساط تلك القروض".
واعتبر في حديثه لـ"عربي21"، "أن من أخطاء تلك السياسة بعد 8 سنوات، هو عرض كل أصول الدولة للبيع من أجل سداد تلك القروض، كل هذا يحدث دون عرضه على لجان اقتصادية متخصصة أو حوار مجتمعي، ويأتي في وقت تعاني فيه 3 من أهم موارد الدولة الدولارية التراجع، هي تحويلات المصريين بالخارج والسياحة وإيرادات قناة السويس بسبب توترات باب المندب".
وحذر خزيم من توجه الحكومة للتوريق، قائلا: "إذا كانت الحكومة ترى أنها قادرة على توريق الأصول أو عوائد الدولار، عليها التوجه إلى نادي باريس وطلب خفض الدين أو إعادة جدولته، وليس هناك طريق آخر لحل أزمة مصر بخلاف هذا، طبقا لوثيقة الحكومة فإن أصلا من الأصول سوف يرهن ولا يوجد أصل كبير مثل قناة السويس، وباقي الإيرادات الدولارية ليست أصولا مثل السياحة؛ لأنها شركات خاصة وتحويلات المصريين هي قطاع أهلي والصادرات كذلك قطاع خاص، ماذا لو تعثر كالعادة .. سيضطر إلى رهن القناة".
شكوك ومساعدات مشروطة
أعرب الخبير الاقتصادي والمحلل المالي بواشنطن، شريف عثمان، أن "خطة الحكومة ببيع جزء ليس بالقليل من ديونها، ليس حلا للأزمة المالية التي تعاني منها البلاد، وهو جزء من سلسلة الحلول القصيرة الأجل التي تسير بها الحكومة منذ أكثر من عامين، وهو مؤشر على تراجع الدول الداعمة على تقديم المزيد من القروض الميسرة؛ نتيجة زيادة الشكوك في القدرة على تحصيلها في القترة المقبلة".
وأضاف لـ"عربي21": "اليوم استبعد بنك "جيه.بي مورغان" الأمريكي مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة، على الرغم من أنها تحصيل حاصل، بسبب وجود صعوبات لدى المستثمرين في تحويل أرباحهم خارج البلاد، ولكنه يعكس في الوقت ذاته انصراف المستثمرين عن شراء السندات المصرية بسبب ضبابية المشهد".
وتوقع عثمان: "أن يحصل الوفد المصري برئاسة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي خلال زيارته إلى واشنطن ولقائه وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين ومديرة الصندوق، كريستالينا جورجيفا، على وعود بالدعم والمساعدة وزيادة حجم القرض وصرف الدفعتين المتأخرتين، ولكن بلا شك سيكون مصاحبا له خفض جديد للجنيه المصري".
في غضون ذلك، خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي المصري خلال العام المالي 2023/2024 إلى 3.5% في العام المالي، جراء المشكلات الاقتصادية الحالية في البلاد.
ارتفع الدين العام المستحق على مصر إلى 95.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية السنة المالية الماضية المنتهية في حزيران/يونيو الماضي، بحسب وزارة المالية المصرية، مع الإشارة إلى ارتفاع أعباء الديون المستحقة على مصر هذا العام إلى 42.3 مليار دولار.