حظي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني
بلينكن، باستقبال "خافت" من
تركيا، في ظل الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع
غزة.
وبينما كان بلينكن يزور أنقرة، في محاولة للحصول على المساعدة من المسؤولين الأتراك بشأن الحرب في غزة، فقد كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقوم بجولة في منطقة البحر الأسود في تركيا، ويحتسي كأس الشاي مع السكان، بخلاف ما كان عليه سابقا.
وكان بإمكان أردوغان أن ينظم لقاء بينه وبين بلينكن في أنقرة، وبدلاً من ذلك، اختار عدم القيام بذلك، وهو ما اعتبر على نطاق واسع بمثابة ازدراء واضح.
ومنتصف الشهر الماضي، وجه أردوغان انتقادات إلى بلينكن في تعقيبه على زيارة له لدولة الاحتلال وصف نفسه فيها بأنه "يهودي".
وقال أردوغان: "إرسال
الولايات المتحدة حاملات طائرات إلى المنطقة لا يساهم في السلام أو تخفيف التوترات بين الطرفين. وزير الخارجية الأمريكي يقول: أنا أتعامل مع إسرائيل كيهودي، وليس كوزير".
وأضاف أردوغان: "ماذا تقولون لو قال لك أحدهم: أنا أقدم نفسي في المنطقة كمسلم؟ يجب أن نتعامل مع الناس كبشر".
وتزامنت زيارت بلينكن إلى أنقرة مع احتجاجات متواصلة من الأتراك على العدوان على غزة، وتعليق صورة على جسر في العاصمة عليها "بلينكن قاتل الأطفال"، إلى جانب مظاهرات أمام قاعدة إنجرليك الأمريكية في أضنة.
وكان اللقاء بين بلينكن ووزير الخارجية التركي هاكان
فيدان، فاترا، فلم يحظ الوزير الأمريكي باستقبال رسمي في المطار، كما أن اللقاء لم يعقبه مؤتمر صحفي بين الجانبين، وكان غامضا.
وذكرت صحيفة "
حرييت" في تقرير للكاتبة هاندا فرات، أن بلينكن أراد القدوم إلى تركيا مرتين بعد بدء الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي حولتها "إسرائيل" إلى مجازر، ولكن فيدان في اجتماع أمس تحدث بوضوح مع نظيره الأمريكي.
ولفتت إلى أن بلينكن أراد عندما وصل إلى أنقرة، تقبيل فيدان أثناء مصافحته عند مدخل مبنى وزارة الخارجية، لكن الوزير التركي تراجع ولم يسمح له بذلك.
وعندما وصلت سيارة بلينكن إلى باب مقر وزارة الخارجية، توجه هاكان فيدان إلى الطابق السفلي وظهر أمام باب الوزارة، كما هو الحال مع كل وزير ضيف. إلا أن بلينكن لم يخرج من السيارة لأنه كان يتحدث على الهاتف، وعندما لم يخرج عاد فيدان إلا الداخل واستقبله في الداخل ورفض تقبيله بسبب "فظاظته الدبلوماسية".
وذكرت أن وزير الخارجية هاكان فيدان تحدث بصراحة، ووجه تحذيرات إلى نظيره الأمريكي بشأن النقطة التي وصلت فيها صورة الولايات المتحدة أمام الرأي العام العالمي والمنطقة، بسبب دعمها للعدوان على غزة.
وفي الوقت الذي طالبت فيه تركيا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، فقد تحدث الوفد الأمريكي عن "وقف مؤقت" يتم فيه إطلاق سراح كافة الرهائن وضمان مغادرتهم، والبدء بعملية سياسية جديدة.
وذكر هاكان فيدان والوفد التركي أن حل الدولتين على حدود الـ67 ضروري، وشرح صيغة الضامن التي وضعتها تركيا على جدول أعمال في إطار الحل.
صحيفة "
صباح"، ذكرت أن أكبر دعم لرئيس وزراء الاحتلال "نتنياهو الدموي"، كان من بلينكن الذي زار "إسرائيل" ثلاث مرات منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والتزم الصمت إزاء استمرار الهجمات وقتل المدنيين الأبرياء.
وأشارت إلى الموقف المنافق الذي أبدته الولايات المتحدة، التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات باستمرار، وهي تبدي موقفا مخالفا عندما يتعلق الأمر بالأطفال المسلمين.
وتابعت بأن بلينكن لم يتم استقباله في المطار إلا من نائب والي أنقرة، وعلى مدخل مقر وزارة الخارجية حاول معانقة فيدان الذي رفض ذلك.
وذكرت أنه تم وضع مجسم للمسجد الأقصى، والهلال والنجمة بجانب مقعد بلينكن، وكانت هذه الخطوة رسالة للعالم أجمع الذي تجاهل القمع الإسرائيلي، أظهرت فيها تركيا أنها تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
الكاتب أوكان مدرس أوغلو، قال في مقال على صحيفة "
صباح"، إن زيارة بلينكن إلى أنقرة كانت على مضض، ولم يتم استقباله بحرارة، وكانت تهدف إلى "الضغط على حماس لإطلاق سراح الأسرى".
وأضاف أن بلينكن لم يحظ بترحيب حار، بخلاف البروتوكول الكلاسيكي في أنقرة، ووجه الوزير فيدان رسائل واضحة برفض محاولة بلينكن "العناق المصطنع" بمصافحة بسيطة.
وأشار إلى أن زيارة بلينكن تأتي في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة الدعم الصريح لـ"إسرائيل" في مجزرة غزة، وتشجيع بلينكن لهذه الوحشية بهويته اليهودية، وزيادة التعاون مع وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وإسقاط المسيرة التركية، وتأخر حزمة مبيعات مقاتلات الـ"أف16"، وعدم إلزام ستوكهولم بإبداء الحساسية تجاه المنظمات الإرهابية في الوقت الذي تسعى فيه إلى انضمامها إلى "الناتو"، وإجراء مناورات مع أرمينيا، ورفع حظر الأسلحة عن قبرص اليونانية، والتعزيزات الضخمة في "أليكساندروبولي".
وأكد أن هذه القضايا، لا تأتي في إطار روح التحالف بين البلدين، مشيرا إلى أنه رغم أن لقاء بلينكن فإنه لم يكن على جدول أردوغان، ولكن الولايات المتحدة لو أنها كانت تبدي مرونة وصدقا حتى لو قليلا لالتقى الرئيس التركي بوزير الخارجية الأمريكي.
ونقلت شبكة "
بي بي سي" بالنسخة التركية، عن مصادر دبلوماسية أن زيارة بلينكن إلى تركيا في جولته الأولى لم تتم بسبب الانتقادات الحادة التي وجهها أردوغان إلى بلينكن.