قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن تصريحات الرياض الرسمية في الاجتماع الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية تمثل "تنازلا فعليا عن موقف
السعودية التفاوضي بشأن التطبيع مع إسرائيل".
وكان وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، قال في البيان الحكومي الرسمي المرفوع إلى المؤتمر العام للوكالة الدولية، إن المملكة اتخذت قرارا بإبطال العمل ببروتوكول الكميات الصغيرة، والتحوّل إلى التطبيق الكامل لاتفاق الضمانات الشاملة.
وأكد المعهد في تحليل موجز له أن السعودية تعمل في إطار منظومتها الوطنية، على وضع الآليات اللازمة لهذا التطبيق الكامل، وفقا لأفضل الممارسات والتجارب الدولية بهذا الخصوص.
وأوضح أنه "يكمن وراء هذه المصطلحات تحول دبلوماسي كبير، عبّر عنه الأخ غير الشقيق للزعيم الفعلي للمملكة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومع ذلك، لا يزال البيان يثير سؤالين جوهريين: متى اتُخذ القرار ومتى سيدخل حيز التنفيذ؟".
وأضاف أنه "إلى جانب الضمانات الأمنية الأمريكية والوصول إلى التكنولوجيا العسكرية، يقوم أحد العناصر الرئيسية في مطالب السعودية للموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل على الوصول إلى التكنولوجيا النووية المدنية الأمريكية".
واعتبر المعهد أن "هذا الطلب مثير للجدل، ويُعزى السبب جزئيا إلى تصريحات ولي العهد المتكررة بأن المملكة ستسعى للحصول على قنبلة ذرية إذا حصلت
إيران على واحدة، كما يرجع إلى تردد الرياض سابقا في قبول ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما يتوافق مع رغبتها المعلنة في إنشاء محطات للطاقة النووية واكتساب القدرة على تخصيب اليورانيوم".
وذكر أن "التخصيب بمستوى منخفض ينتج وقودا مناسبا لمحطات الطاقة المدنية، ولكن يمكن استخدام مستويات أعلى من التخصيب لصنع قنبلة نووية".
وفي 23 أيلول/ سبتمبر الجاري، بعد وقت قصير من تصريح ولي العهد بأن بلاده "ستضطر إلى الحصول على سلاح نووي إذا حصلت عليه إيران"، أعرب رئيس وزراء دولة
الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن "وجود مشاكل كبيرة تتعلق باحتمال التخصيب السعودي".
وبين المعهد أن "بروتوكول الكميات الصغيرة الحالي الذي تطبقه الرياض، يحد بشكل كبير من وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى برنامجها النووي، ولم يعد هذا الترتيب مناسبا منذ فترة طويلة نظرا للأنشطة الحالية للمملكة ونواياها المعلنة".
وأشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرّف اتفاق الضمانات الشاملة على أنه يمنحها الحق والالتزام بتطبيق الضمانات على جميع المواد المصدرية أو المواد الانشطارية الخاصة المستخدمة في جميع الأنشطة النووية السلمية التي تُباشر داخل أراضي الدولة أو تحت ولايتها أو التي يتم تنفيذها تحت سيطرتها في أي مكان، وذلك حصرا من أجل التحقق من عدم تحويل هذه المواد إلى أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، وكما تُظهر الخلافات المستمرة حول التزامات إيران النووية، تفسّر الوكالة الدولية "القانون 3.1" بأنه "حالما تتبنى السعودية اتفاق ضمانات شاملة، سيتعين عليها تزويد الوكالة بمجموعة واسعة من المعلومات وحقوق التفتيش (على سبيل المثال، الوصول إلى جميع المباني في أي موقع ستتواجد فيه مواد نووية، بغض النظر عن الاستخدام المحدد لكل مبنى).
وفي المقابل، ادعت إيران أن مثل هذه المعلومات لا ينبغي تقديمها إلا من قبل الدول التي توافق على "البروتوكول الإضافي" للوكالة، والذي يفرض التزامات إضافية بشأن إعداد التقارير وعمليات التفتيش.
وتستطيع السعودية توضيح جوانب هذه المسألة بسهولة وتجنب مثل هذه النزاعات إذا حذت حذو معظم الدول الأعضاء الأخرى في "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وقبلت باتفاق ضمانات و"البروتوكول الإضافي"، بحسب ما ذكر المعهد.
واعتبر المعهد أن الوكالة الدولية لا تحتاج إلى توقيع السعودية على "البروتوكول الإضافي" للضغط عليها من أجل تفسير أنشطتها النووية السابقة أو السماح للمفتشين بالتحقق من صحة هذه التفسيرات.
وتشير تقارير "مثيرة للقلق" إلى أن المملكة كانت "الزبون الرابع" (بعد ليبيا وإيران وكوريا الشمالية) لخبير الانتشار النووي الباكستاني الراحل، عبد القدير خان، وعلى الرغم من أنه فقد نفوذه على الأنشطة النووية لبلاده منذ عام 2003، إلا أنه التقى بقادة في الجيش وغيرهم من كبار المسؤولين خلال زيارته التاريخية إلى إسلام آباد عام 2019، بحسب المعهد.
وفي جانب آخر، أعلن مسؤول في البيت الأبيض التوصل إلى "إطار أساسي" لاتفاق مستقبلي لتطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال، مؤكدا أن المحادثات بهذا الخصوص تواصل التقدم.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، في حديث مع صحفيين، "إن الطرفين وضعا على ما أعتقد هيكلية أساسية لما يمكن أن نسير باتجاهه".
وأضاف: "على غرار أي اتفاق معقّد، يتعيّن على الجميع تقديم تنازلات"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل، ويعد
البرنامج النووي المدني من الشروط التي أعلنتها الرياض سابقا مقابل إتمام التطبيع.