قال سياسيون ودبلوماسيون مصريون إن نشر
السعودية خريطتها الجغرافية الجديدة، قبل أيام، يحسم الجدل حول تسليم
تيران وصنافير للسعودية، رغم ما أثير إعلاميا حول تأخر أو تعطل عملية التسليم.
ونشرت الحكومة السعودية الخريطة الرسمية للمملكة، داعية إلى اعتمادها في كافة المحافل، والمؤسسات وعدم نشر أي خارطة للمملكة على خلاف الخارطة الرسمية، بحيث تكون حدودها الدولية البرية والبحرية والجزر موضحة عليها بشكل صحيح.
الخريطة التي نشرتها الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية بوصفها الجهة الوطنية المسؤولة عن إنتاج الخارطة الرسمية للمملكة بالحدود الدولية المعتمدة، كشفت عن ضم جزيرتي تيران وصنافير إلى حدود السعودية البحرية، بعد تنازل مصر عنهما.
وكان لافتا أن اسم الجزيرتين مختلف قليلا عن المتعارف عليه، إذ أطلقت السعودية "صنافر" على
صنافير، و"ثيران" على تيران، وهما غير مأهولتين بالسكان باستثناء وجود قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات منذ عام 1982.
وكان موقع أكسيوس الأمريكي نشر تقريراً في كانون أول/ ديسمبر الماضي، قال فيه إن النظام المصري يعرقل صفقة تسليم الجزيرتين إلى السعودية، التي كانت قد عقدت بتدخل أمريكي نشط وتنسيق تام مع الاحتلال الإسرائيلي.
ونقل "أكسيوس" عن أربعة مسؤولين إسرائيليين ومصدر أمريكي، تأكيدهم أن مصر بدأت في الأسابيع الأخيرة تتقدم بتحفظات على بنود في الاتفاق، معظمها فنية، ومنها تركيب كاميرات في الجزر التي تتعلق بها الاتفاقية.
"الخرائط لا تدوم"
اعتبر القيادي المصري في الحركة المدنية الديمقراطية، سمير عليش، أن "نشر السعودية خريطتها الجديدة وتعميمها دون أي تعليق رسمي من جانب مصر هو إقرار بنقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة بشكل فعلي، وأن كل ما أثير عن تأخير أو عرقلة إجراءات النقل هو للاستهلاك المحلي، وإشاعة بعض الهدوء".
في حديثه لـ
"عربي21" أكد أن "نقل الجزيرتين إلى السعودية لا يعني للمصريين الأحرار نقلهما إلى الأبد فكمان كانتا مصريتان بحكم التاريخ والجغرافيا ستعودان كذلك، ضمهما للخريطة السعودية لا يعني نقلهما إليها بشكل نهائي أو مليكتها لهما، هكذا قال القضاء والحقائق والتاريخ".
ورأى وهو المتحدث الرسمي السابق باسم "الجبهة الوطنية للتغيير"، أن "ملابسات التنازل عن الجزيرتين والحديث عن الشرق الأوسط الجديد؛ لأن المعني بنقلهما إلى السعودية في المقام الأول هو إسرائيل لأنهما لا تشكلان أي إضافة استراتيجية للمملكة، لكنهما تعتبران عنق الزجاجة لإسرائيل ومن مصلحتها تحول مياه خليج تيران إلى مياه دولية وليس داخلية".
أهمية بالغة
كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيطرت على الجزيرتين خلال حرب حزيران/ يونيو 1967 ثم استعادتهما مصر إثر معاهدة كامب ديفيد عام 1979، مع نزع سلاح الجزر ونشر قوات حفظ سلام دولية بقيادة أمريكية خارج مظلة الأمم المتحدة، وإبقاء مضيق تيران مفتوحاً أمام الملاحة الإسرائيلية والدولية.
وللجزيرتين الواقعتين في مدخل خليج العقبة بالبحر اﻷحمر أهمية استراتيجية لمصر وتبعدان عن بعضهما بمسافة نحو أربعة كيلومترات، و تتحكمان في مدخل خليج العقبة، وميناءي العقبة في الأردن، وإيلات في دولة الاحتلال.
تقع جزيرة تيران على بُعد ستة كيلومترات عن منتجع شرم الشيخ على الساحل المصري المطل على البحر الأحمر ، وتتحكم في مضيق"مضيق تيران" على مدخل خليج العقبة، وهو طريق دولة الاحتلال لدخول البحر الأحمر.
خلال الصراع العربي الإسرائيلي استولى الاحتلال على الجزيرتين اللتين كانت تتمركز فيهما القوات عام 1950 خلال "العدوان الثلاثي" عام 1956، ومرة أخرى في حرب 1967 قبل أن تعيدهما إلى مصر بعد توقيع البلدين اتفاقية سلام في عام 1979.
كان من بين بنود إعادة الجزيرتين إلى مصر عدم وضع قوات عسكرية والالتزام بضمان حرية الملاحة في الممر البحري الضيق الذي يفصل بين جزيرة تيران والساحل المصري في شبه جزيرة سيناء.
ذهبتا دون عودة
من جهته، انتقد مساعد وزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، "قيام السعودية بتحريف أسماء الجزيرتين بعد ضمهما لخريطتها رسميا، وأن ذلك لن يغير من الحقائق التاريخية، ومجرد صمت السلطات المصرية عن نشر الخريطة الجديدة يؤكد نقل ملكيتهما بالفعل للمملكة، وهذا يعني أنهما ذهبتا دون عودة".
وأكد الأشعل، الذي كان يشغل منصب القنصل العام المصري في السعودية، أن "هذا يؤكد أن كل ما أثير حول عدم تسليم الجزيرتين لا أصل له من الصحة وكان يهدف لامتصاص غضب الشارع المصري، وحان الأوان بعد مرور عدة سنوات لإعلان ضمهما بالخرائط في وقت تواجه فيه ضغوطا اقتصادية غير مسبوقة وتحتاج إلى مساعدات واستثمارات السعودية".
وبشأن أهمية الجزيرتين، أوضح أن "انتقال ملكيتهما أو نقل تبعيتهما إلى السعودية هو تحرير إسرائيل من الجنوب وفتح الممر المائي الضيق أمامها في أوقات الحرب والسلم، وتحويل المياه الداخلية إلى مياه دولية يمنع مصر من استخدام سلطاتها وهو تفريط في الأرض، ولكن أي حاكم قادم حر يمكنه أن يعيد الجزيرتين ولكن ستكون التكلفة أكبر".
محطات تسليم الجزيرتين
دون مقدمات قرر رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي في نيسان/ أبريل 2016 بنقل تبعية الجزيرتين للسعودية ما أثار سلسلة من الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة وانقسام المؤسسات القضائية بين مؤيد ورافض بعد حزمة مساعدات سعودية ضخمة بمليارات الدولارات..
8 نيسان/ أبريل 2016، السيسي يوقع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة والرياض.
21 حزيران/ يونيو 2015، القضاء الإداري يقضي بـ"بطلان الاتفاقية ".
29 كانون الأول/ ديسمبر، مجلس الوزراء المصري يوافق على الاتفاقية.
16 كانون الثاني/ يناير 2017 الإدارية العليا تقضي بتأييد بطلان الاتفاقية بشكل نهائي.
14 حزيران/ يونيو 2017، مجلس النواب يوافق بالأغلبية ويصدق عليها.
21 حزيران/ يونيو 2017 السيسي يصادق على الاتفاقية.
4 آذار/ مارس 2018 قضت المحكمة الدستورية العليا بصحة إقرار اتفاقية إعادة ترسيم الحدود.
وكان رد الحكومة المصرية على الانتقادات الشعبية الرافضة للاتفاقية بأن الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعتا للإدارة المصرية عام 1967 بعد اتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض بغرض حمايتهما لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك، وكذلك لتستخدمهما مصر في حربها ضد إسرائيل.