نشرت
مجلة "
نيوزويك" الأمريكية مقال رأي للكاتب نيكولاس سايدل، تحدث فيه عن
الأسباب التي من شأنها دفع الولايات المتحدة إلى منح التكنولوجيا النووية للمملكة
السعودية.
وقال
الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن على الولايات المتحدة
مساعدة السعودية في سعيها للحصول على برنامج نووي مدني مقابل تطبيع العلاقات مع الاحتلال،
مشيرا إلى أن إدارة
بايدن تنخرط في الوقت الراهن في حملة دبلوماسية عدوانية من أجل
صفقة سعودية-إسرائيلية.
وتتمثل
إحدى مطالب ولي العهد محمد بن سلمان في مساعدة الولايات المتحدة السعوديين في
تطوير برنامج نووي مدني، من شأنه أن يخلق مخاطر جديدة في منطقة مضطربة بالفعل، لا
سيما أن تطبيع العلاقات مع الاحتلال سيعيد تشكيل المشهد في الشرق الأوسط لصالح
الولايات المتحدة.
وذكر
الكاتب أن النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط واجه تحديات في آذار/ مارس 2023 عندما
توسّطت الصين في صفقة تاريخية لتحسين العلاقات بين الخصمين الإقليميين السعودية
وإيران، وقد مثل الاتفاق انتكاسة للولايات المتحدة لأنها ارتقت بمكانة الصين كوسيط
قوي في الشرق الأوسط وسمحت لإيران - وهي دولة معادية للمصالح الأمريكية - بالخروج
من عزلتها دون تقديم أي تنازلات بشأن برنامجها النووي.
في
أعقاب الاتفاق، قام حلفاء آخرون للولايات المتحدة في المنطقة على غرار مصر
والإمارات، بإعادة تقييم علاقاتهم تجاه إيران. لذلك، فإنه يجب أن توافق إدارة بايدن على
الطلب السعودي للطاقة النووية المدنية لمواجهة هذه التحديات الجديدة ولإنعاش زخم
الاتفاقات الإبراهيمية.
وأشار
الكاتب إلى أن إبرام اتفاق سعودي-إسرائيلي تفاوضت عليه الولايات المتحدة سيصلح
العلاقات بين التحالف المناهض لإيران الذي اهتز بسبب اتفاق الصين.
وقد
يرسل ذلك إلى إيران إشارة بأنه يتم اتخاذ إجراءات علنية لتشكيل هيكل أمني إقليمي
يهدف إلى مواجهة التدخل الإيراني. وهو قلق مشترك بين كل من إسرائيل والسعودية.
ومن
شأن الاندماج الرسمي لإسرائيل في المنطقة أن يعزز قوة الردع الأمريكية ومكانتها في
أي مفاوضات جديدة بشأن برنامج إيران النووي، كما أنه سيرسل رسالة إلى الصين ودول الشرق
الأوسط التي تتطلع الآن نحو الشرق، مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال القوة
العالمية المهيمنة الرئيسية في المنطقة، وفق "نيوزويك".
وأضاف
الكاتب أن روسيا والصين استفادتا من سوء تعامل إدارة الرئيس بايدن مع السعودية،
فقد أدى توبيخ بايدن للحملة العسكرية السعودية في اليمن وإزالة إدراجه للحوثيين من
قائمة الإرهاب إلى تراجع ثقة السعودية في الدعم الأمريكي.
وموقف
بايدن الأولي من مقتل الصحفي جمال
خاشقجي زاد من توتر العلاقات الأمريكية-السعودية،
ومنذ ذلك الحين، تسعى السعودية إلى التقارب مع منافسي الولايات المتحدة وهما الصين
وروسيا.
وأكد
الكاتب أن التعاون مع السعوديين لتطوير برنامج نووي مدني سيعيد المملكة العربية
السعودية إلى الحظيرة الأمريكية، إذ تسمح المهارات التقنية والموارد والبنية
التحتية المطلوبة لمثل هذا البرنامج بإشراف الولايات المتحدة الكامل على هذا
المشروع، ما سيساهم في تعزيز الشراكة الأمريكية السعودية.
وحسب
رؤية 2030، فإن السعودية تخطط للانتقال من اقتصادها القائم على النفط جزئيا، عن طريق
تعدين وتخصيب خام اليورانيوم الوفير لتصبح "أرامكو النووية" قادرة على
تصدير المنتجات والتكنولوجيا النووية في جميع أنحاء العالم.
وتتعاون السعودية بالفعل مع الوكالة الدولية
للطاقة الذرية لوضع الإطار القانوني لهذا التحول، حيث يستكشف السعوديون الصين
وروسيا كبدائل إذا كانت الولايات المتحدة لا ترغب في دعم خطتهم.
وأوضح
الكاتب أن هناك مخاوف مشروعة من قيام السعودية بعسكرة البرنامج أو بدء سباق تسلح
نووي في الشرق الأوسط. بصفتها عضوا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإن السعودية
ملزمة قانونا بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية. وعند النظر إلى سجل إيران، فسيدرك
السعوديون أن أي جهود عسكرة يمكن أن تؤدي إلى عقوبات وعزلة وتهديد بشن هجوم عسكري
على مواقعها النووية.
وأكد
الكاتب أن قبول إسرائيل لمثل هذه الصفقة مشكوك فيه، حيث تعارض المؤسسة الأمنية
بشكل قاطع، في حين أن الساحة السياسية تعد أكثر انفتاحًا على هذه الفكرة. لكن من
شأن مثل هذه الاتفاقية أن تعزز أهداف الاتفاقيات الإبراهيمية وتمهد الطريق لمزيد
من اتفاقيات التطبيع التي ستساعد في تحقيق الاستقرار والهدوء النسبي في الشرق
الأوسط.