وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مساء الثلاثاء، إلى
السعودية، في زيارة تهدف إلى توطيد العلاقات بين البلدين بعد سنوات من خلافات عميقة بشأن قضايا تتراوح من إيران والأمن الإقليمي إلى أسعار النفط.
وحطت طائرة بلينكن في جدّة على ساحل البحر الأحمر، ومن المتوقع أن يلتقي بلينكن خلال زيارته للعاصمة الرياض ومدينة جدة الساحلية بمسؤولين سعوديين كبار، وربما بولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة.
وهذه هي الزيارة الثانية لمسؤول أمريكي كبير في الآونة الأخيرة. وزار مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان السعودية في السابع من أيار/ مايو.
وتأتى زيارة بلينكن التي تستمر من السادس إلى الثامن من حزيران/ يونيو لأكبر مصدّر للنفط في العالم بعد أيام من تعهد الرياض بخفض إنتاجها النفطي بصورة أكبر، في خطوة من المرجح أن تزيد التوتر الذي تعاني منه بالفعل العلاقات الأمريكية السعودية بسبب سجل المملكة في حقوق الإنسان والخلافات بشأن سياسة واشنطن مع إيران.
هل يفتح ملف التطبيع؟
بحسب وكالة "رويترز"، فإن من بين أهداف الزيارة إعادة التفاهم مع الرياض بشأن أسعار النفط والتصدي للنفوذ الصيني والروسي في المنطقة، إضافة إلى تعزيز الآمال في تطبيع العلاقات السعودية
الإسرائيلية في نهاية المطاف.
وقال بلينكن أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) المؤيدة لإسرائيل أمس الاثنين، إن لواشنطن "مصلحة حقيقية تتعلق بأمنها القومي" في الدعوة لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والسعودية، لكنه أشار إلى أن ذلك لن يحدث بسرعة.
وقال ريتشارد غولدبرغ، كبير المستشارين في مؤسسة (الدفاع عن الديمقراطيات) البحثية ومقرها واشنطن، إن إثناء الرياض عن تعزيز علاقاتها مع الصين ربما يكون الجانب الأكثر أهمية في زيارة بلينكن.
وأضاف أنه سيتعين على بلينكن أن يوضح "لماذا لا تتوافق المصالح الصينية مع السعودية، وكيف سيعوق التقارب في العلاقات بطريقة استراتيجية (مع بكين) العلاقات الوثيقة مع واشنطن".
ممنوعون من سفر
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قال خلال حملته الانتخابية عام 2019 إنه سيجعل السعودية "منبوذة" إذا تم انتخابه، وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه في عام 2021، سمح بالكشف عن تقييم للمخابرات الأمريكية أشار إلى أن ولي العهد السعودي أعطى موافقته على عملية لاعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018.
ولم تنجح زيارة قام بها بايدن إلى المملكة في تموز/ يوليو 2022 في تخفيف التوترات، وسعت الرياض حثيثا لتعزيز نفوذها الإقليمي وأصبحت أقل اهتماما بالتوافق مع الأولويات الأمريكية في المنطقة.
وكان أحدث مثال على ذلك عندما رحب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحرارة برئيس النظام السوري بشار الأسد خلال القمة العربية في أيار/ مايو، والتي شهدت عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد عقد من تعليق عضويتها، وهي خطوة قالت واشنطن إنها لا تدعمها ولا تشجعها.
وتضخ المملكة مئات المليارات من الدولارات من أجل تقليل اعتماد اقتصادها على النفط. واقترنت الإصلاحات بعدد كبير من الاعتقالات لمنتقدي الأمير محمد وكذلك لرجال أعمال ورجال دين ونشطاء حقوقيين.
ووجه مواطنون أمريكيون ومقيمون في
الولايات المتحدة لهم أقارب محتجزون في السعودية رسالة إلى بلينكن اليوم الثلاثاء، طلبوا منه فيها الضغط على المسؤولين السعوديين للإفراج الفوري عن أقاربهم.
وشملت القائمة رجل الدين البارز سلمان العودة وأقارب مسؤول المخابرات السابق سعد الجبري وناشط حقوق الإنسان محمد القحطاني وعامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان.
وكانت المملكة قد أطلقت سراح أمريكيين محتجزين من سجونها لكن مع بقاء بعضهم ممنوعين من السفر.
وقال مسؤولون أمريكيون في إفادة للصحفيين بشأن الزيارة الأسبوع الماضي إن هناك "حوارا مستمرا بشأن تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية" مع السعودية، لكنهم رفضوا الإفصاح عن ما إذا كان بلينكن سيطلب أي ضمانات من مسؤولي السعودية بهذا الشأن.