مقالات مختارة

بايدن "يُنذِر" نتنياهو... هل حقاً؟

أبرزت وسائل إعلام أمريكية وخصوصاً إسرائيلية (دع عنك بعض العربيّة التي لا تُدقّق في مضامين الأخبار أو تبحث عمّا بين سطورها).. على نحو يدعو للريبة والتشكيك، ما وُصفَ بـ"جرس إنذار" عاجل من الرئيس الأمريكي بايدن لـ"حكومة نتنياهو"، على ما غرّد رئيس حزب المعسكر الوطني/هَمحني همملختي الجنرال الدموي/بيني غانتس (المُنتشي بما نشرته الاستطلاعات عن تقدم حزبه الذي يُشاركه زعامته أحد خصوم نتنياهو اليميني المتطرف المنشق عن الليكود/جدعون ساعر، صفوف المعارضة في أي انتخابات برلمانية جديدة, ما يؤهله تشكيل ائتلاف حكومي ليس بالضرورة أن يضم حزب زعيم المعارضة الحالي/لبيد وحزبه/يش عتيد «يوجد مستقبل»، بل سيحاول/غانتس منح الأولوية لحزب الليكود الذي «قد» يكون تخلّص من نتنياهو حال استمرت الأزمة الراهنة, التي تعصف بدولة العدو الصهيوني), وبخاصة إذا ما فشل «الحوار» الجاري الآن بين حكومة نتنياهو والمعارضة برعاية رئيس الكيان الغاصب/اسحق هرتسوغ حيث عقدت حيث عقدت الجولة الأولى مساء الثلاثاء الماضي.

الطريف في كل ما يجري هو بروز تفسيرات رغائبية للتصريح الأخير الذي أدلى به بايدن, ومفاده أنه (لا يعتزم في المدى «القريب» دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض)، ما جعلها تتصدر عناوين الصحف ومقدمات المحطات التلفزيونية الأمريكية كما الإسرائيلية، مُتجاهلة رد نتنياهو «الناري» على بايدن عندما قال رئيس الائتلاف الفاشي: إن «إسرائيل دولة ذات سيادة، تتخذ قراراتها وفقاً لإرادة شعبها وليس استناداً إلى الضغوط من الخارج، بما في ذلك – أضاف – أفضل الأصدقاء».

هنا يتوجب على الذين وَقعوا أو قد يقعون في حِبال الأحبولة الأمريكية الزاعمة أن واشنطن «تضغط» على تل أبيب, أو أنها بصدد مقاطعة نتنياهو حال وصوله أمريكا, أو حتى عدم منح تأشيرة للوزراء العنصريين من أمثال: سموترتش وبن غفير, أو عدم الاتصال بهم إذا ما وعندما يزورون أمريكا, يجب عليهم التوقف عند «الاتهامات» المُضادة التي بثها ونشرها مُؤيدو نتنياهو وائتلافه الفاشي, بأن إدارة بايدن «تُموّل» الاحتجاجات الصاخبة ضد خطة نتنياهو «إصلاح القضاء»، بل إن «يائير» نجل نتنياهو أعاد نشر التغريدات التي بثها أنصار الليكود والائتلاف ?لحكومي المتطرف, ما شكّل «إنذارا» لإدارة بايدن بأن نتنياهو وأنصاره قادرون على شن حملة مُضادة تطال بايدن (الساعي للترشّح لولاية ثانية).. وهو أمر يدركه بايدن جيداً وعميقاً, خاصة عندما وجَّه نتنياهو «صفعة» مدوّية لإدارة أوباما ونائبه بايدن الذي تفاخرَ بأنه صهيوني مُتحمس, قائلاً: ليس شرطاً أن يكون المرء يهودياً حتى يكون صهيونياً.

وقتذاك ذهب نتنياهو إلى الكونغرس خطيباً بدعوة من عُتاة المؤيدين للدولة الصهيونية في الحزب الجمهوري, مُنتقداً على نحو لاذع إدارة أوباما وتوجّهها لتوقيع اتفاق نووي مع إيران و(مجموعة 5+1)، الأمر الذي أحرج أوباما خصوصاً أنه لم يعلم بخطاب نتنياهو سوى من وسائل الإعلام.

ومع ذلك، واصلَ أوباما دعمه لدولة العدو وقبل أشهر معدودات من مغادرته البيت الأبيض أرسل للكونغرس مشروع قرار بتقديم 30 مليار دولار نقداً لإسرائيل لعشر سنوات مقبلات دع عنك المساعدات العسكرية وغيرها مما يتم إغداقه على الدولة العنصرية, التي تُفاخر الإدارات الأمريكية المتعاقبة أنها شريكة لإسرائيل في القيم الديمقراطية. وهو ما أكده بايدن في معرض دعوته قادة إسرائيل إلى حل وسط في أقرب وقت ممكن، لكنه – كما أي مسؤول أمريكي آخر – لم يُلوح للحظة بحجب أو تقليص التمويل الأمريكي لإسرائيل, بما هي أكبر المُتلقّين للمساعدات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. على ما جاء في تقرير لـِ"خدمة الأبحاث» في الكونغرس الأميركي صدر في الأول من آذار الجاري.

من هنا أيضاً تأتي الأخبار التي بثتها أوساط صهيونية أمريكية وإسرائيلية داعمة لنتنياهو وائتلافه الفاشي، تتهم فيها واشنطن بمحاولة «إسقاط نتنياهو أكثر من مرَّة»، عبر ما وصفتها بـ"أنماط» تدخّل مُتعددة كما نقلت القناة «13", في غمرة تصاعد الاحتجاجات الرافضة خطة إصلاح القضاء يوم 25 آذار الجاري. مُستندة/القناة 13 إلى مسؤولين مُقربين من نتنياهو رافقوه في زيارته الأخيرة لبريطانيا.

ومن تلك «الأنماط» قال مقربو نتنياهو: هو قرار بايدن «عدم دعوة نتنياهو لزيارة واشنطن قبل تسوية الخلافات الداخلية في إسرائيل»، ناهيك – أضافوا- عن «توبيخ» الخارجية الأمريكية السفير الصهيوني في واشنطن مايك هيرتزوغ (شقيق رئيس دولة العدو) بعد قرار الكنيست السماح للمستوطنين اليهود بالعودة للمستوطنات التي أُخلِيتْ في شمال الضفة المحتلة/عام 2005.

في السطر الأخير يبدو أن زعيم حزب المعسكر الوطني/غانتس, في صدد تقديم «أوراق اعتماد» لإدارة بايدن, عندما وصفَ انتقادات بايدن لسلوك نتنياهو فيما يتعلق بالإصلاح القضائي بأنه «جرس إنذار", مُعتبراً «الإضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة، أفضل صديق لنا وحليفنا الأهم, بأنه هجوم استراتيجي»، داعياً نتنياهو «العمل بسرعة لتصحيح الوضع والحفاظ على الديمقراطية الإسرائيلية, التي هي أساس القيم المُشترَكة مع أمريكا».

الرأي