أجرى الرئيس
الجزائري عبد المجيد
تبون تعديلا وزاريا واسعا شمل عديد الحقائب أبرزها وزارة الخارجية، بعد أسابيع من الشائعات بشأن اقتراب موعد التعديل الحكومي، عقب إعراب الرئيس عن غضبه من أداء
الحكومة.
وعيّن تبون، أحمد عطاف وزيرا للشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، خلفا لسابقه رمطان لعمامرة. كما أنهيت مهام كمال رزيق كوزير للتجارة وترقية الصادرات، ليعيّن خلفا له الطيب زيتوني.
وشمل التعديل أيضا منصب وزارة المالية، الذي وكّل لعبد العزيز فايد، خلفا لسابقه إبراهيم جمال كسالي، فيما عُيّن البطل الأولمبي السابق عبد الرحمان حمّاد، وزيرا للشباب والرياضة، خلفا لعبد الرزاق سبقاق. وعيّنت مريم بن ميلود وزيرة للرقمنة والإحصائيات خلفا لحسين شرحبيل.
كما تم تعيين المدير العام السابق لصندوق الضمان الاجتماعي للأجراء فيصل بن طالب، وزيرا للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، خلفا ليوسف شرفة.
وفي وزارة البيئة والطاقات المتجدّدة عيّنت فايزة دحلب خلفا لسامية موالفي. كما مسّ التعديل أيضا وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية التي سيغشلها أحمد بداني خلفا لهشام سفيان صلواتشي.
كما عيّن تبون، عبد العزيز خلف وزيرا للدولة مستشارا لدى الرئيس، ومحمد النذير العرباوي مديرا للديوان في الرئاسة.
كما أحدث تبون وزارتين جديدتين في الحكومة، وهما وزارة الريّ التي أسندت لطه دربال، بعد فصلها عن وزارة الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية التي يشغلها لخضر رخروخ، ووزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، التي نشأت عن إسناد وزارة الصناعة التي كان يشغلها أحمد زغدار، لوزير الصناعة الصيدلانية علي عون.
غضب تبون
والشهر الماضي، كشفت الرئاسة الجزائرية عن غضب الرئيس تبون من عدد من الوزراء خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد الإثنين، ولمحت إلى توجه نحو اتخاذ ما وصفتها "بإجراءات صارمة" ضد وزراء ومسؤولين حكوميين وصفتهم "بالمتقاعسين، قد يشمل تغييراً حكومياً وشيكاً، وتغييراً في عدد من المؤسسات الحكومية التي لم تساير القرارات الرئاسية".
وأفاد تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية، التابعة للرئاسة، أن "بيان مجلس الوزراء ليوم الإثنين وجب تحليله بل قراءة ما بين الأسطر، ويليق له عنوان مثل غضب الرئيس"، مضيفاً أن "الرئيس غاضب حقاً وغير راض عن وتيرة معالجة الحكومة للعديد من الملفات".
كما كشف التقرير عن أن "القرارات التي تسبب الاختلال والارتباك في يوميات المواطنين وعلى المتعاملين الاقتصاديين أثارت حفيظة الرئيس"، في إشارة إلى رفض الرئيس في مجلس الوزراء لخطة قدمها وزير النقل تخص إنشاء خطوط سكة الحديد باتجاه مناجم الفوسفات والحديد في شرقي وجنوبي البلاد.
وأشار التقرير إلى وجود سوء فهم واضح بين الرئيس والحكومة، بسبب ترجمة الوزراء لقرارات وخطابات الرئيس على نحو غير صحيح، موضحاً: "عندما يتحدث رئيس الجمهورية عن هيبة الدولة يفهم البعض التسلط، ولما يشدد على حماية المنتوج الوطني يفهم البعض الحمائية، ورئيس الجمهورية لم يأمر أبداً بهدم بنايات غير قانونية، بل بأخذ الإجراءات اللازمة كي لا يتكرر ذلك مستقبلاً".
وفي تعليق، قال مصدر رسمي، اشترط عدم الكشف عن هويته، لمجلة "
لوبوان" الفرنسية إن "مشاورات ومفاوضات وتحكيم، هذه العملية استغرقت وقتاً أطول مما كان متوقعاً".
واعتبرت المجلة هذا الانتظار الشتوي الطويل، المليء بغيوم التكهنات حول اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، تميز مع ذلك بقليل من الصواعق التي أعطت أدلة على الطقس الداخلي في القصر الرئاسي.
وعن تقرير وكالة الأنباء الجزائرية، قالت "لوبوان" إن الرسالة كانت غامضة، حيث أشارت لتناقض عنوانها مع اللغة التقليدية لوسائل الإعلام الرسمية، من خلال الحديث عن "تأخير في بعض المنتجات واستمرار ممارسات معينة"، كما تحدثت الرسالة علانية عن “غضب الرئيس”، وقالت إنه ليس سعيدًا على الإطلاق بمعدل معالجة العديد من الملفات من قبل الحكومة.
الدبلوماسية الجزائرية
وسبق الإعلان عن التعديل الحكومي غياب وزير الخارجية رمطان لعمامرة خلال لقاءاته الأخيرة مع ضيوف أجانب آخرهم جوزيب بوريل رئيس الدبلوماسية الأوروبية الأسبوع الماضي، وهو ما فتح باب التوقعات بأن الدبلوماسي الكبير والوزن الثقيل للسلطة التنفيذية، لن ينجو من التغيير.
كما أشارت بعض التقارير إلى أن تبون يتوجه نحو التخلي عن لعمامرة، الذي قضى في منصبه عاماً وثمانية أشهر فقط، وسط أنباء عن تدهور الوضع الصحي له، في حين أشارت تسريبات أخرى إلى وجود صدام حقيقي بينه وبين الرئيس.
وفي
التعديل الوزاري، تم تغيير لعمامرة بأحمد عطاف، الذي سبق أن شغل المنصب بين 1996 و1999 عندما كانت الجزائر تعمل على الخروج من عزلتها الدولية التي أحدثتها الحرب الأهلية في التسعينيات من القرن الماضي، قبل وصول عبد العزيز بوتفليقة للحكم.
وكان قبلها شغل منصب وزير مكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية. وهو دبلوماسي متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج منها تبون نفسه.
وكان أحمد عطاف أمينا عاما لحزب “طلائع الحريات”، الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس المعارض للرئيس المخلوع الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
وعن وزير الخارجية الجديد، قال المصدر لمجلة "لوبوان" إنه "كانت هناك عدة أسماء على الطاولة، لكن كانت هناك حاجة لدبلوماسي له خبرة دولية ويمكنه أيضًا إعادة ترتيب البيت"، مضيفا أن "هذه اللؤلؤة النادرة، عثر عليها في شخص أحمد عطاف، الرئيس الجديد للدبلوماسية الجزائرية. وهي حقيبة سبق له توليها تحت رئاسة اليمين زروال من 1996 إلى 1999، وكان يتولى منصب الأمين العام للشؤون الخارجية قبل أن يصبح وزيراً لها، وكان قبلها سفيرا للجزائر في الهند ويوغوسلافيا والمملكة المتحدة".
وتابع أن "عطاف أحد كبار الدبلوماسيين، مثل زميله لعمامرة، عمل رئيس الدبلوماسية الجزائرية الجديد سيحكم عليه من خلال مقياس إدارة التوترات الحالية مع المغرب وفرنسا وإسبانيا وأوروبا”.
الأسعار والعملةكما شمل التحوير كمال رزيق، وزير التجارة، الذي واجه انتقادات واسعة في الجزائر، لا سيما حملته ضد ما زعم أنها "ألوان المثليين" في المتاجر، وسياسته الشاملة ضد الواردات التي انتقدها تبون في مجلس الوزراء الشهير في 21 شباط/ فبراير الماضي، وصعوباته في مكافحة تضخم الأسعار، التي انتقدها بشدة الشارع الجزائري مع اقتراب شهر رمضان.
في المقابل، عيّن تبون مدير شركة المعارض والتصدير، الطيب زيتوني كوزير للتجارة وترقية الصادرات، ويترأس الطيب زيتوني أيضاً حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الموالي للحكومة.
كما عيّن الرئيس عبد المجيد تبون مدير الميزانية في وزارة المالية، لعزيز فايت خلفاً لجمال كسالي، الذي عجز عن إعادة البريق للدينار الجزائري الذي سجل أرقاماً قياسية في عهده أمام العملات الأجنبية.
وعجل ملف "السيارات" بذهاب وزير الصناعة محمد زغدار الذي فشل في تسيير ملف تجميع واستيراد السيارات، بعد عجزه عن طرح دفاتر الأعباء وتأجيل طرحها منذ نهاية 2020، بالرغم من وصول أولى دفعات السيارات الجديدة المستوردة بعد غلقٍ دام منذ مطلع 2019، وقرر الرئيس الجزائري دمج وزارتي الصناعة مع الصناعة الصيدلانية ومنحهما لعلي عون المدير الأسبق لشركة "صيدال" لإنتاج الأدوية وهي شركة عمومية.
كما أطاح التعديل بيوسف شرفة من على وزارة العمل والتشغيل والضمان، بالرغم من نجاحه في تمرير قوانين مثيرة للجدل حول الحق النقابي وإقامة الإضرابات العمالية، الذي دافع عنه الرئيس تبون رغم معارضة النقابات الرئيسية في البلاد.