سياسة عربية

تعرف على أهم محطات الخلاف السعودي الإيراني قبل توقيع المصالحة في بكين

هل انتهى زمن الخلافات الإيرانية السعودية؟ - جيتي
دخلت العلاقات السعودية الإيرانية منحى جديدا بعد سنوات من القطيعة، في مشهد مألوف في العلاقات بين البلدين التي اتسمت بالتوتر على الدوام، حتى قبل الثورة الإيرانية.

وليست الخلافات السعودية الإيرانية وليدة الثورة، بل سبق أن حدثت قطيعة دبلوماسية بين البلدين أيام حكم الشاه؛ بسبب إعدام الرياض لحاج إيراني.

وتعود آخر فصول التوتر الدبلوماسي بين البلدين إلى عام 2016، عندما أحرق متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في طهران، والقنصلية في مشهد؛ ردا على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر.


وأعدمت الرياض النمر،  الأمر الذي أغضب إيران، ودفع وزارة الخارجية السعودية لاستدعاء السفير الإيراني لدى المملكة آنذاك، وسلمته "مذكرة احتجاج شديدة اللهجة" حيال التصريحات الإيرانية "العدوانية".

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية آنذاك، حسين جابر أنصاري، اعتبر أن السعودية ستدفع "ثمنا باهظا" لإعدامها رجل الدين الشيعي، متهما المسؤولين في المملكة بـ"التهور واللامسؤولية".

جهود عراقية عمانية

واستضافت بغداد منذ 2021 مباحثات بين إيران والسعودية، لإنهاء القطيعة الممتدة منذ عام 2016، والتوصل إلى تفاهمات بشأن الخلافات القائمة بينهما في عدة ملفات، أبرزها الحرب باليمن والبرنامج النووي.

ولأول مرة، وفق البيان الثلاثي، يعلن الجانبان الإيراني والسعودي عن وساطة سلطنة عمان التي تجمعها علاقات قوية بالبلدين.

وساطة صينية

وتوجت اللقاءات السعودية الإيرانية بمصالحة بوساطة من الصين، في 10 آذار/مارس 2023، حيث أعلنت إيران والسعودية استئناف علاقاتهما الدبلوماسية إثر مفاوضات استضافتها بكين.

وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) ووكالة أنباء "إرنا" الإيرانية الرسمية، أن إثر مباحثات "تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق، يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران".

وذكر البيان المشترك أن البلدين اتفقا في المحادثات التي أجريت بين 6 و10 آذار/مارس، على "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

ولعل أحد أبرز أوجه الاتفاق، أنّه جرى التوصل إليه في الصين، التي لطالما كان يُنظر إليها على أنها مترددة في الانخراط في مستنقع دبلوماسية الشرق الأوسط الشائك.

وقال الخبير السعودي المقرّب من مركز القرار في الرياض علي الشهابي: "الصين الآن هي عراب هذه الاتفاقية، وهذا له وزن كبير".



كذلك رأى الباحث في معهد المجلس الأطلسي جوناثان فولتون، أن الاتفاق يشير إلى أن الصين مستعدة للقيام بدور أكبر في المنطقة.

تاريخ حافل بالخلافات

وتتنافس القوتان الإقليميتان الكبيرتان على زعامة المنطقة منذ عقود عدّة، في إطار خصومة بدأت بشكل رئيسي مع قيام الثورة الإسلامية في طهران العام 1979.

في الآتي محطات رئيسية في العلاقات المتوترة بين القوتين الشيعية والسنية، في الفترة التي سبقت قرار استئناف العلاقات:

زمن الشاه

يعود أول التوترات بين السعودية وجارتها إلى عام 1943، بعد أن أعدمت السلطات السعودية حاجّا إيرانيا، بتهمة تدنيس الكعبة المشرفة، وشتم الصحابة.

ونفت السلطات الإيرانية التهم وقالت؛ إن الحاج الإيراني أصيب بالدوار خلال الطواف حول الكعبة، ما أدى لاستفراغه في المكان.

وقطع البلدان العلاقات الدبلوماسية قرابة ثلاث سنوات، قبل أن تعود مجددا في عام 1946، لكنها لم تكن خالية من التوترات، خصوصا بعد اعتراف نظام الشاه بإسرائيل عام 1950، وتصريحاته التي اعتبرت مسيئة للعاهل السعودي الراحل الملك سعود.

وعرفت العلاقات تقاربا تسببت به ثورة تموز/ يوليو في مصر، وصعود جمال عبد الناصر وحرب اليمن إلى حين انسحاب مصر من اليمن عام 1967.

ثم توترت العلاقات مجددا بعد انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج، حيث طالبت طهران بضم البحرين لأراضيها، لكن السعودية دعمت استقلالها.

الثورة الإيرانية

تأسست الجمهورية الإسلامية في إيران في نيسان/ أبريل 1979. واتهم قادة  دول خليجية زعيمها آية الله الخميني برغبته في "تصدير" الثورة إليهم.

وفي أيلول/ سبتمبر 1980، هاجم العراق إيران، في حرب استمرت حتى عام 1988 كانت السعودية خلالها أبرز ممولي الرئيس صدّام حسين، وشجعت غيرها من الدول الخليجية على فعل الأمر نفسه.

 قطيعة أولى

قمعت قوات الأمن السعودية في تموز/ يوليو 1987 تظاهرة للحجاج في مكة، ما أسفر عن سقوط أكثر من 400 قتيل غالبيتهم من الإيرانيين. وفي العام 1988 قطعت الرياض علاقاتها بإيران، وتغيّب الإيرانيون عن الحج حتى 1991.

سوريا واليمن

في ذروة ما سمي بمرحلة "الربيع العربي"، أرسلت الرياض في آذار/مارس 2011، ألف جندي إلى البحرين لقمع الحركة الاحتجاجية، واتهمت إيران بالوقوف وراء الاضطرابات.

واعتبارا من العام 2012، تواجهت طهران والرياض في النزاع السوري. فإيران، بمساعدة حزب الله اللبناني، هي الحليف الإقليمي الرئيسي، عسكريا وماليا، للنظام السوري، في حين كانت السعودية تقدّم دعما للفصائل السورية المعارضة.

في اليمن، تقود السعودية منذ آذار/مارس 2015، تحالفا عسكريا ضد المتمردين الحوثيين، لمنعهم من السيطرة بشكل كامل على البلد الفقير بعد العاصمة صنعاء. واتهمت الرياض وواشنطن إيران بمد الحوثيين بالأسلحة، ما تنفيه الأخيرة.

 قطيعة جديدة

في أيلول/ سبتمبر 2015، دانت إيران "عدم كفاءة" السلطات السعودية بعد حادثة تدافع خلال مناسك الحج في مكة، أدت إلى مقتل مئات الإيرانيين.

وفي كانون الثاني/ يناير 2016، أعدمت السعودية 47 شخصاً محكومين بتهمة "الإرهاب"، بينهم رجل الدين الشيعي نمر النمر. وفي اليوم التالي، قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران إثر مهاجمة محتجين سفارتها في طهران.

وأعلن وزير الخارجية السعودي آنذاك، عادل الجبير، أن الرياض قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، كما قررت طرد دبلوماسييها من المملكة.

وطلبت الخارجية السعودية مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية خلال 48 ساعة، وأبلغت السفير الإيراني بالمملكة بذلك.

قطر وحزب الله

في 2016، صنّفت الدول الخليجية حزب الله منظمة "إرهابية".

وفي حزيران/يونيو 2017، قطعت السعودية ودولة الإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر بشكل مفاجئ، واتهمتها بدعم جماعات متطرفة، الأمر الذي نفته الدوحة، واتهمتها أيضا بالتقارب مع إيران، وعادت العلاقات إلى مجراها في 2021.

الملف النووي

في تشرين الأول/أكتوبر 2017 ، أعربت السعودية عن دعمها للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما رفض الاستمرار في اتفاق عام 2015 الذي يهدف إلى الحد من أنشطة طهران النووية.

في 15 آذار/ مارس 2018، قارن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بين الطموحات الإقليمية المزعومة للمرشد الإيراني علي خامنئي وطموحات أدولف هتلر.

وقال ابن سلمان: "إذا طوّرت إيران قنبلة نووية، سنقوم بالمثل في أسرع وقت". ووصفت إيران ابن سلمان بأنه "ساذج".