سياسة تركية

2023 عام الانتخابات في تركيا.. ما القضايا التي ستبرز على الأجندة الداخلية؟

تحتدم المنافسة بين الأحزاب التركية بشأن الانتخابات- جيتي
تدخل السياسة الداخلية التركية عاما جديدا، يواكبها الاستعدادات للانتخابات التي تأتي بالتزامن مع دخول الجمهورية في مئويتها الثانية، وسط تساؤلات حول استمرار حزب العدالة والتنمية مواصلة الحكم.

وسيكون العام 2023، حاسما بالنسبة للأحزاب التركية، لأسباب عدة أبرزها الانتخابات، وتداعياتها على البيئة السياسية للبلاد.

وتنتظر تركيا العديد من التطورات الحاسمة، أبرزها: القرار الذي ستتخذه الطاولة السداسية في الأشهر الأولى من العام 2023، والتصويت على التعديلات الدستورية بشأن الحجاب وحماية الأسرة، والعملية القضائية بشأن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والنظر في إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي المتهم بدعم منظمة العمال الكردستاني، وسيناريوهات ما بعد الانتخابات، والاستعدادات للانتخابات البلدية التي ستجرى في آذار/ مارس 2024.

وتاليا تفاصيل أهم الأحداث التي تنتظر تركيا في العام 2023 داخليا:


هل يذهب التعديل الدستوري بشأن الحجاب والأسرة إلى استفتاء؟

سيكون أحد بنود جدول الأعمال المهمة للبرلمان في العام الجديد هو اقتراح تعديل دستوري بشأن الحجاب والأسرة.

وأثار زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو مسألة إجراء تعديل قانوني حول حماية الحجاب، ليطرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقترحا بتعديل دستوري بشأنها، معتبرا إثارة القضية "تمريرة ذهبية" لصالحه.

وقدم حزب العدالة والتنمية بدعم "الحركة القومية" مقترح التعديل الدستوري، مطالبا المعارضة التركية بدعمه، وستقوم لجنة برلمانية من الحزب الحاكم بزيارات لإقناعها بتمرير التعديل الدستوري.

وشملت التعديلات المادة 24 المتعلقة بالحجاب، حيث أضيف إليها أنه "من ضمن الحقوق والحريات الأساسية فإنه لن يكون هناك أي شرط يتعلق بالاستفادة من الخدمات العامة والخاصة بمسألة غطاء الرأس أو عدم تغطيته".

وتشمل أنه "لا يمكن لأي فتاة بسبب خياراتها ومعتقداتها الدينية سواء بغطاء الرأس أو اللباس الذي ترتديه أن تُحرم من التعليم أو العمل أو الانتخاب أو الترشح أو ممارسة النشاطات السياسية، أو الدخول في الخدمات العامة، وبسبب خياراتها فإنها لن تتعرّض للإدانة أو الاتهام أو التمييز".

أما التعديل المتعلق بالعائلة وحمايتها من الشذوذ، فإنه كان ضمن المادة 41 التي تشمل حماية العائلة وحقوق الأطفال، حيث إنه سيجري تغيير العنوان إلى "حماية العائلة ووحدة العائلة وحقوق الأطفال".

وتقول هذه التعديلات: "رجل وامرأة فقط هما من يشكلان العائلة من جنسين مختلفين، وبخلاف ذلك فإنه لا يقبل أن يكون هناك وحدة عائلة، ويتم قبول أساس المساواة بين الرجل والمرأة في العائلة، وبذلك تجري حماية الزواج من كل المخاطر والتهديدات والهجمات والممارسات الشاذة".

وتتطلب الموافقة على إجراء تعديل في الدستور بالبرلمان التركي الحصول على 400 صوت، وإذا تراوحت الأصوات ما بين 360 و400 صوت فإنه يمكن نقل طرحه إلى الاستفتاء الشعبي.

ويدعم حزب الجيد التعديل الدستوري، فيما سيطرح حزب الشعب الجمهوري المسألة أمام الطاولة السداسية، أما حزب الشعوب الديمقراطي فقد يتخذ قرارا وفقا لموقف الأحزاب الستة.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه حزب العدالة والتنمية، أنه إذا تم قبول المقترح بتصويت يزيد على الـ400 فإنه لن يذهب للاستفتاء. وتشير التقديرات لدى المعارضة إلى أن أردوغان يسعى لطرحه في صناديق اقتراع ثالث للحصول على مكاسب في الانتخابات.

إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي

ستكون إحدى القضايا الهامة للعام الجديد هي قضية الإغلاق المرفوعة ضد حزب الشعوب الديمقراطي بتهمة دعم منظمة العمال الكردستاني.

وتقدمت النيابة العامة إلى المحكمة بطلب لوقف المحكمة الدستورية تجميد الدعم المالي لحزب الشعوب الديمقراطي وإغلاق الحسابات المصرفية التابعة له.

وأكد المدعي العام بكير شاهين، وهو كبير المدعين في محكمة النقض، أن "الصلات العضوية لحزب الشعوب الديمقراطي مع منظمة إرهابية مستمرة، وأن حسابات الحزب يجب تجميدها".

وأدرجت المحكمة الدستورية القضية المرفوعة بطلب إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي على جدول أعمال الاجتماع في 10كانون الثاني/ يناير 2023، وسيدلي المدعي العام شاهين، بمطالعته الشفوية في القضية.

وبعد المطالعة الشفوية للمدعي العام، فإنه سيتم تحديد جلسة ليقدم حزب الشعوب الديمقراطي دفاعه الشفوي، يلي ذلك قيام مقرر المحكمة الدستورية الذي سيجمع المعلومات والوثائق المتعلقة بالقضية، بإعداد تقريره حول الأسس الموضوعية.

وبعد توزيع التقرير على أعضاء المحكمة العليا، فإن رئيسها سيحدد يوما للاجتماع، لمناقشة الأسس الموضوعية لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي.

ويشكل القرار الذي سيتم اتخاذه بشأن الحزب الكردي أهمية كبيرة في الانتخابات العامة.

وقد تتخذ المحكمة الدستورية قرارا بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، أو يمكنها فقط اتخاذ قرار "بقطع مساعدة الخزانة".

وفي الكواليس السياسية، وبعد القرار المتعلق بإمام أوغلو، فإن إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي لن يكون مفاجئا، وتقول إدارة الحزب إنها مستعدة للسيناريو الأسوأ لاسيما بشأن القوائم الانتخابية.

هل يطبق قرار الحظر السياسي على إمام أوغلو؟

ويشكل العام 2023 عاما صعبا وحاسما بالنسبة لرئيس بلدية إسطنبول، بعد قرار محكمة بمنعه من ممارسة السياسة، بسبب إهانته للهيئة العليا للانتخابات.

وتعود فصول القصة إلى اتخاذ هيئة الانتخابات العليا قرارا بإعادة انتخابات إسطنبول التي أجريت في 31 آذار/ مارس 2019.

وفي مؤتمر صحفي عقده إمام أوغلو في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، شكك بنزاهة اللجنة العليا للانتخابات، مبينا أنه تعرض للظلم، واصفا إياها بـأنها "مجموعة من الحمقى".

ويذكر المحامي التركي محمد ساري في مقابلة عل قناة "سي أن أن" التركية، أن القرار ليس نهائيا، وأنه سيتم الاستئناف عليه، وإذا تم تأييد عقوبة السجن، فسيتم تحويلها إلى المحكمة العليا، التي إذا أيدت القرار فسيتم منع إمام أوغلو من السياسة ومن حق الترشح والتصويت لمدة خمس سنوات.

وقد يتم استبعاد إمام أوغلو من الترشيح للرئاسة، خشية من تفعيل القرار بشأنه واستعجاله، ما يعني أن الطاولة السداسية ستبقى دون مرشح في السباق الرئاسي، ولذلك فهي غير مستعدة للمخاطرة.

خطر آخر ينتظر إمام أوغلو في العام الجديد هو إمكانية الفصل، إذا أثبتت تحقيقات مفتشي وزارة الداخلية توظيفه أشخاصا على علاقة بمنظمة العمال الكردستاني واتهموا سابقا بقضايا "إرهاب"، وهذا يعني تعيين وصي على البلدية من حزب العدالة والتنمية.

متى تجرى الانتخابات التركية؟

وتجري نقاشات داخل أوسطة حزب العدالة والتنمية، بتقديم موعد الانتخابات المقررة في 18 حزيران/ يونيو المقبل.

وفي ظل التكهنات بتقديمها إلى 30 نيسان/ أبريل أو 14 أيار/ مايو، صرح المتحدث باسم العدالة والتنمية عمر أتشليك، أنه يتم التفكير بإجراء تغيير طفيف في موعد الانتخابات.

وقال أتشليك: "نريد إجراء الانتخابات في 18 حزيران/ يونيو، لكن بما أن هذا الموعد يتزامن مع موسم العطلة الصيفية حيث يسافر الناس فإننا نبحث تقديم الموعد قليلا".

وأضاف: "تغيير الموعد لن يصل إلى حد الانتخابات المبكرة، ولم يتخذ المجلس الأعلى للحزب قرارا نهائيا بعد.. إننا نبحث الأمر".

هل تتجه الطاولة السداسية لخوض الانتخابات بمرشح رئاسي مشترك؟

وتعد مسألة المرشح الرئاسي المشترك، من المواضيع الذي سيكثر الجدل بشأنها في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجديد.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه الطاولة السداسية أنها ستعلن عن مرشحها المشترك مع بدء التقويم الانتخابي، فإن النقاشات بشأنه لم تحسم بعد وقد يتححد المسار بشأنه في شباط/ فبراير.

ومن أبرز الأسماء التي ظهرت كمرشح مشترك، هو اسم رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وهو الاسم الذي يضع حزب الجيد "فيتو" بشأن ترشحه، ولا ترى قواعده أنه يمكن الفوز معه.

وكان رؤساء بلديات إسطنبول وأنقرة، من بين الأسماء البارزة، ولكن تبرز عوائق كبيرة أمام إمكانية ترشيحهم، ومنها استمرار العملية القضائية ضد إمام أوغلو، والتصور بأن ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي لن يصوتوا لمنصور يافاش.

وكشفت صحيفة "ملييت" سابقا أن طاولة المعارضة تخطط لصيغة (1+5) في حكم البلاد، بحيث يكون أحد قادتها مرشحا رئاسيا مشتركا، على أن يكون القادة الخمسة الآخرون نوابا للرئيس ويتمتعون بصلاحيات واسعة، فيما قال زعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو إن احتمالية التوجه بمرشحين اثنين مطروح على الطاولة.

ويبقى كليتشدار أوغلو الاحتمال الأقوى، وإذا لم يتم طرح أي حل وسط على الطاولة، فإن من الممكن أن يضع كل حزب مرشحه الخاص كما جرى في انتخابات 2018.

داود أوغلو كشف أن الطاولة السداسية ستعلن عن وثيقتين، الأولى بشأن "خارطة الانتقال" والتي قد تمتد إلى 6 أشهر أو 5 سنوات، والثانية تتعلق ببرنامج الحكومة التي ستشكلها الطاولة السداسية إذا فازت بالانتخابات، ومن المتوقع الإعلان عنها في الشهر الأول من العام الجديد.

كيف ستبدو خريطة التحالفات؟

يؤكد "تحالف الجمهور" المكون من "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" أن مرشحه للرئاسة رجب طيب أردوغان، يواصل طريقه للاستعداد للانتخابات، فيما تغير اسم وشكل "تحالف الأمة" ليتوسع على شاكلة طاولة سداسية تضم "الشعب الجمهوري" و"الجيد" و"السعادة" و"المستقبل" و"الديقراطية والتقدم" و"الحزب الديمقراطي".

ومن الممكن للأطراف الستة تشكيل تحالف تحت اسم جديد، ومن الممكن أن يشكل حزبا "الجيد" و"الشعب الجمهوري" تحالفات منفصلة في الانتخابات البرلمانية.

أما حزب الشعوب الديمقراطي، فقد قرر دخول الانتخابات بتحالف "العمل والحرية" والذي يضم الأحزاب السياسية اليسارية الاشتراكية.

وسيبث حزب الشعوب الديمقراطي قراره بشأن الرئاسة وفقا لقرار الطاولة السداسية، وما إذا كان مرشحها هو كليتشدار أوغلو أو إمام أوغلو، فإن الحزب الكردي سيتجه إلى عدم طرح مرشح رئاسي.

وتعتزم أربعة أحزاب معارضة صغيرة في تركيا تشكيل تحالف بينها لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع عقدها في 18 حزيران/ يونيو المقبل، وستكون الأشهر الأولى حاسمة بشأن الإعلان عنه.

التحالف المحتمل يتكون من أربعة أحزاب، وهي حزب البلد برئاسة المرشح الرئاسي السابق محرم إنجه، و"النصر" بزعامة أوميت أوزداغ المعروف بعدائه للاجئين، و"اليمين" بزعامة رفعت سردار أوغلو، و"العدالة" بقيادة وداد أوز.

ماذا تعني الانتخابات للحكومة والمعارضة؟

تعد انتخابات عام 2023 حاسمة لكل من الرئيس أردوغان وحكومته، وكذلك للمعارضة.

وأظهرت استطلاعات الرأي تراجعا في أصوات الحزب الحاكم مقارنة بنتائج انتخابات 2018، ويرى الناخب التركي أن المشكلة الأكبر التي تعاني منها تركيا هي الأزمة الاقتصادية والبطالة.

وارتفع التضخم بشكل كبير في العام 2022، وعانى المواطن من غلاء معيشي فاحش، وقد توعد أردوغان بخفض التضخم خلال العام الجديد.

وإذا فازت الطاولة السداسية بالانتخابات، فإنها ستعمل على تغيير نظام الحكم من "رئاسي" إلى "برلماني معزز".

وقد تعني خسارة الانتخابات للمعارضة أيضا نهاية الحياة السياسية لزعماء في الطاولة السداسية، وخاصة كليتشدار أوغلو، كما أنه سيكون لذلك تداعيات على تركيبة الأحزاب.

الكاتب التركي برهان الدين دوران، قال إن القضية الرئيسية تتعلق بالبيئة السياسية التي ستجرى فيها الانتخابات من حيث المعايير الداخلية والخارجية والخطابات ذات الشأن.

وتابع في تقرير على صحيفة "صباح" بأن "الأمل في الفوز" في انتخابات 2023، سينجم عنه صراع شرس بين الحكومة والمعارضة، وسط توقعات بمشاركة عالية في الانتخابات.

وأوضح أن المعركة الشرسة حول من سيحمل تركيا إلى القرن الثاني للجمهورية ، أو الجدل حول النظام  بادعاء أنه الأكثر ديمقراطية وتأثيرا ، هو الذي يحتل جدول أعمال سباق الانتخابات.

ورأى أنه من الخطأ وضع تصور أن فوز طرف على حساب الآخر سيقود البلاد إلى "سيناريوهات كارثية"، مشيرا إلى أن بعض المراقبين المعارضين  الذين يسعون لاتحاد الطاولة السداسية خلف مرشح رئاسي مشترك يصورون أن الانتخابات المقبلة هي المنافسة الأخيرة لها.

وشدد على أن تحويل الانتخابات إلى مسألة حياة أو موت تضر بالديمقراطية التركية.