سياسة دولية

المتهم بصنع قنبلة "لوكربي" أمام قضاء أمريكا.. لا يواجه الإعدام

خلف تفجير طائرة أمريكية فوق لوكربي الاسكتلندية عام 1988 270 قتيلا - جيتي

مثل الليبي المتّهم بصنع القنبلة التي استخدمت لتفجير طائرة بانام الأمريكية فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في 1988، في هجوم أوقع 270 قتيلاً، أمام محكمة في واشنطن، التي أكدت أنه لا يواجه عقوبة الإعدام.


ولدى مثول أبو عجيلة محمد مسعود (71 عاماً) أمام قاضية فيدرالية في محكمة بواشنطن في جلسة استماع مقتضبة، أُبلغ الليبي بالتّهم الموجّهة إليه، من بينها خصوصاً "تدمير طائرة أوقع قتلى".


لكن على الرّغم من خطورة هذه التّهم، فإنّ مسعود، المولود في تونس، لا يواجه خطر الإعدام؛ لأنّ هذه العقوبة لم تكن مطبّقة على الصعيد الفيدرالي في الولايات المتّحدة في 1998 في ما يتعلّق بالتّهم الموجّهة إليه.


وخلال الجلسة التي تواصل فيها مسعود مع المحكمة بواسطة مترجم، أُبلغ المتّهم بأنّه سيظلّ موقوفاً حتى موعد الجلسة الثانية في 27 كانون الأول/ ديسمبر الجارين التي يمكن خلالها لوكلاء الدفاع عنه أن يقدّموا طلباً لإطلاق سراحه.


وأكّدت النيابة العامّة مسبقاً أنّها ستعترض على أيّ طلب لمنح المتّهم إطلاق سراح مشروطاً، فيما رحّب وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند بنقل المتّهم إلى الولايات المتّحدة لمحاكمته على أراضيها، حيث قال في بيان إنّ "هذه خطوة مهمّة في تحقيق العدالة للضحايا وأحبائهم".

وكان القضاء الأمريكي وجّه الاتهام إلى مسعود غيابياً في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2020، حين كان الأخير موقوفاً في بلده. ويومها قالت واشنطن إنّها "متفائلة" بإمكانية تسلّمه من طرابلس.


والأحد، أعلن مدّعون عامّون اسكتلنديون أنّ مسعود بات محتجزاً لدى السلطات الأمريكية، لكن من دون أن يوضحوا كيف نُقل من ليبيا إلى الولايات المتّحدة.


وفي بيان مقتضب، اكتفى البيت الأبيض بالقول إنّ الولايات المتّحدة أوقفت المتّهم "بشكل قانوني".


وكان المتهم اختطف من منزله في منطقة بوسليم في العاصمة طرابلس، يوم السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من قبل قوة مسلحة مجهولة، تبين لا حقا أنها القوة المشتركة التابعة للحكومة برئاسة الدبيبة، وقد أودع في مقر لها في مدينة مصراتة.


وبعيد وصوله إلى الولايات المتحدة، نُقل مسعود إلى منشأة تابعة لوزارة العدل في ألكسندريا بولاية فيرجينيا؛ لإتمام المراحل الأولى من معالجة ملفه.


وأدين شخص واحد حتى الآن على خلفية تفجير رحلة بان أميركان 103 في 21 كانون الأول/ ديسمبر 1988، في اعتداء إرهابي هو الأكثر دموية الذي تشهده الأراضي البريطانية. 


وانفجرت الطائرة التي كانت متوجّهة إلى نيويورك بعد 38 دقيقة من إقلاعها من لندن، ما أدّى إلى سقوط هيكلها في بلدة لوكربي، بينما تناثر الحطام على مساحة شاسعة.


وأسفر التفجير عن مقتل 259 شخصا، بينهم 190 أمريكياً كانوا على متن الرحلة، إضافة إلى 11 شخصاً كانوا على الأرض.


وأمضى ضابط المخابرات الليبي السابق عبد الباسط المقرحي سبع سنوات في سجن اسكتلندي، بعد إدانته في هذه القضية عام 2001، وتوفي في ليبيا عام 2012. ولطالما دفع المقرحي ببراءته. 


وفي تعليق له، أبدى رئيس الحكومة الموازية، فتحي باشاغا، خشيته من أن تكون عملية تسليم بوعجيلة تمت خارج الأطر القانونية، ودون إشراف القضاء الليبي. وقال في تصريحات له، إن تسليم بوعجيلة خارج الأطر القانونية يشكل خرقاً قانونيًا فاضحًا، ومساساً بسيادة الدولة الليبية واستقلال قضائها الوطني".


وأضاف: "نرفض الدكتاتورية والاستبداد، ونتطلع إلى ترسيخ دعائم الديمقراطية، ودولة القانون تحتم علينا جميعًا ضرورة احترام حقوق الإنسان ومحاكمة أي متهم تحت مظلة قانونية". وذكر أن "كل من ساهم في مخالفة القانون وانتهاك سيادة الدولة والمساس باستقلال القضاء تطاله المسؤولية الأخلاقية والوطنية، التي لن يمحوها التاريخ الوطني من الذاكرة".


وفي تصريح سابق لـ"عربي21"، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبد الله الكبير، أن هناك غموضا حول عملية التسليم، إذ لم تصدر أي بيانات توضيحية من أي جهة، لكن الرواية الشائعة تفيد بأن "القوة المشتركة" تقف خلف الحادث.


وشدد الكاتب على أن كل تهم التسليم موجهة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي يتعين عليها التوضيح، قائلا إن "الملف أغلق بشكل نهائي بالاتفاق بين ليبيا وأمريكا، وتمت التسوية بالتعويض، مع التأكيد على عدم المطالبة بأي إجراءات أو مطالب أخرى". ولفت إلى "احتمال أن تكون هناك صفقة لتسليم المريمي، لأن حالة الصراع الداخلي تحتم لجوء أطراف الصراع إلى طلب العون من الخارج، وسيبحث هو أيضا عن ثمن مقابل هذا العون".


بدوره، نشر إبراهيم بوشناف، مستشار الأمن القومي الليبي، نص الاتفاق على قفل قضية لوكربي نهائيًا، وقال في تصريحات في صفحته على "فيسبوك"، إن الاتفاق نص على قبول الطرفين للتسوية المادية مقابل تلك القضايا، على أن تعتبر الأموال المدفوعة تسوية كاملة ونهائية تمامًا.


وأضاف: "الاتفاق نص على أنه لا يجوز بعد هذه التسوية فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ 30 كانون الثاني/ يونيو 2006 (موعد إبرام الاتفاق).


وشدد على أن "الاتفاق نص على التزام الولايات المتحدة بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا، وألّا يستلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض إلا بعد توفير هذه الحصانة، وهو ما تم بالفعل عبر مراسيم رئاسية وتشريعية أمريكية".