نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحفية نينا لاخاني، قالت
فيه إن صنفا جديدا من القمح القاسي تم تطويره وهو يتحمل الجفاف كجزء من برنامج
تربية دولي لتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ في النظام الغذائي من خلال زيادة
تنوع المحاصيل.
يستخدم القمح القاسي في صنع المعكرونة والبيتزا والخبز المسطح مثل
البيتا وخبز الشاباتي، وكذلك للكسكس والبرغل والمعجنات للحلويات مثل البقلاوة.
تم تطوير القمح الجديد والذي منح الاسم العربي الجبل، من قبل
المزارعين وعلماء المحاصيل من خلال تهجين قمح قاس تجاري مع قريب بري من منطقة
قاحلة في سوريا، لإنشاء صنف جديد من القمح الصلب يمكنه تحمل الجفاف.
إنه جزء من مشروع الأقارب البرية الذي ترعاه مؤسسة Crop Trust، والذي يستخدم أنواعا متنوعة من المحاصيل وراثيا للمساعدة في
تطوير أنواع أكثر مرونة وتكيفا من القمح والشعير والأرز والبطاطس التي يمكنها تحمل
الظروف الجوية القاسية والمتقلبة الناجمة عن الانهيار المناخي.
في حين أنه ليس متاحا تجاريا بعد، فإن المزارعين في المغرب سيكونون
أول من يبدأ في زراعة النسخة الجديدة من القمح الصلب، الذي يتم تناوله على نطاق
واسع في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، في حوالي ثلاث سنوات.
ويعاني المغرب من أسوأ جفاف منذ أربعة عقود، وانخفض إنتاج الحبوب بنحو
70% بسبب الظروف شديدة الجفاف.
قام المربون والمزارعون في المناطق المتضررة من الجفاف بزراعة العديد
من أصناف القمح القاسي الجديدة بين عامي 2017 و2021.
برز صنف الجبل لأنه كان قادرا على الازدهار وإنتاج الحبوب بينما فشلت
جميع الأصناف التجارية من القمح الصلب. قال العلماء إن أشواكها السوداء المميزة
أنتجت أيضا غلة عالية من الحبوب الممتلئة التي صنع منها خبز لذيذ.
قال فيليبو باسي، كبير العلماء في برنامج تربية القمح القاسي في المركز
الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) في لبنان: "قال العديد
من المزارعين إنه كان حبا من النظرة الأولى عندما رأوا أنه يقف بقوة عندما يدمر
الجفاف جميع الأصناف الأخرى".
يُزرع القمح، وهو الحبوب الأكثر استهلاكا على مستوى العالم، في كل
قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية ويأكله مليارات البشر.
أدى فشل المحاصيل بسبب فقدان التنوع البيولوجي والظواهر الجوية
القاسية مثل الجفاف والحرارة الشديدة والفيضانات إلى ارتفاع أسعار القمح وانعدام
الأمن الغذائي في أجزاء كثيرة من العالم، والتي تفاقمت بسبب حرب روسيا على
أوكرانيا، حيث كان كلا البلدين مصدرين رئيسيين للقمح.
في العام الماضي، ارتفعت أسعار القمح الصلب بنسبة 90% بعد انتشار
الجفاف وموجات الحر غير المسبوقة في كندا، أحد أكبر منتجي الحبوب في العالم، تلاها
بعد بضعة أشهر معدل قياسي لهطول الأمطار. على مدى القرن الماضي، اعتمد المزارعون
الكنديون بشكل متزايد على أنواع القمح عالية الإنتاجية المتشابهة وراثيا، متسببين
بخلو الساحة من التنوع الضروري.
يستغرق استنباط أصناف جديدة من القمح سنوات، في سباق معقد لا ينتهي مع
الزمن، حيث يتسبب الاحتباس الحراري في حدوث كوارث مناخية وظهور مسببات أمراض جديدة
أو متكيفة أو أكثر عدوانية.
تعتبر الأقارب البرية الأكثر مرونة مقارنة بالمحاصيل التجارية، حيث
تطورت في الطبيعة لتحمل الظروف الصعبة مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات
والتربة الفقيرة. يتطلع مربو النباتات بشكل متزايد إلى الأنواع البرية وغيرها من
الأصناف المنسية المخزنة في بنوك البذور من أجل التنوع الجيني المفيد، والذي تم
تهميشه لصالح المحصول والتوحيد والأرباح بعد الثورة الخضراء.
لكن فريق الخبراء الدولي المعني بالنظم الغذائية المستدامة يحذر من
أنه بالإضافة إلى التنوع الجيني، فإن بناء المرونة في النظام الغذائي يتطلب أيضا
التنوع في المزارع والمساحات الخضراء، فضلا عن المزيد من المبادرات التي يقودها
المزارعون.
قال بات موني، الخبير الزراعي في مجال التنوع والتكنولوجيا الحيوية:
"قام المزارعون بتدجين 7000 نوع مختلف من المحاصيل وتبرعوا بأكثر من 2.1
مليون نوع نباتي لبنوك الجينات الدولية، ولكن معظم أرباح هذا الجهد تم الحصول عليه
من قبل أربع أو خمس شركات بذور دولية. . يُظهر [جبل] ما يمكن إنجازه من خلال
التعاون متعدد الأطراف حيث يكون المزارعون في قلب عملية صنع القرار".