تقارير

ميرون قرية مدمرة ترفض مغادرة الذاكرة

منظر عام للقرية تظهر مستوطنة ميرون الدينية اليهودية المقامة على القرية وشارع صفد 2003

دمرت بالكامل، ولا تزال جدران بعض البيوت موجودة، بعد أن نفذت عملية تطهير عرقي وتشريد واسعة النطاق لسكانها العرب دون استثناء، وما بقي منها عمار قليل يشير إلى أن ثمة شعب كان يعمر هذه الأرض ويزرعها ويفلحها ويعتني بآثارها وتاريخها.

 

ميرون قرية فلسطينية مهجرة تقع غرب مدينة صفد، يعتقد أن اسمها تحريف لكلمة ميروم الكنعانية بمعنى مرتفع وعرفت في العهد الروماني باسم ميروث.

 

وأنشئت ميرون في جبال الجليل الأعلى فوق جبل الجرمق أعلى جبال فلسطين عام 1208 .

 

وقد ذكرها الدمشقي الجغرافي العربي باعتبارها قرية من قرى صفد تقع قريبا من كهف مشهور. وروى أن اليهود (ربما غيرهم من سكان القرى) كانوا يقصدون الكهف لاحتفال ببعض مواسمهم ومشاهدة ما كانوا يعتبرونه ارتفاعا عجائبيا للماء من بعض الأحواض والنواويس الموجودة في الكهف.

 

وكانت ميرون قرية في ناحية جيرة (لواء صفد) وعدد سكانها 715 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على الماعز وخلايا النحل ومعصرة كانت تستعمل لعصر الزيتون أو العنب.

 

وفي أواخر القرن التاسع عشر ذكر الرحالة أن ميرون كانت قرية صغيرة عند سفح التلال العالية في جبل الجرمق. وكان سكان القرية الخمسون يعتنون ببساتين زيتون وفيرة الشجر في شمالي القرية وشماليها الشرقي، وقد وصفها بيدكر في عام 1912 بأنها قرية صغيرة تبدو قديمة وسكانها من المسلمين.

 

وكانت إلى حين أجري إحصاء عام 1931 تتألف من حارتين: حارة للعرب وحارة لليهود. وكانت حارة العرب في الشمال الغربي كبرى الحارتين. أما حارة اليهود فكانت مبنية في الجنوب الغربي حول ضريح زعم أنه ضريح الحاخام شمعون بار يوحاي. وذكر أن السكان كانوا يتألفون من 259 عربيا و31 يهوديا، في حين يبين كتاب (الإحصاءات القروية 1945) أن السكان كانوا كلهم من العرب المسلمين.

 

وكانت الزراعة وتربية المواشي أهم موارد الرزق لسكان القرية وكانت الحبوب أهم الغلال وتليها الفاكهة. وفي موسم 1942/1943 كان 200 دونم من أراضي القرية مزروعة بشجر الزيتون.

 

وكان في جوار القرية خرب عديدة تعود إلى الفترة الواقعة بين أوائل عهد الرمان والقرن الثالث عشر للميلاد. وقد كشفت التقنيات في خربة شمع التي تقع على بعد نحو كيلومتر إلى الجنوب الشرقي، عن بقايا كنيس لليهود شيد في القرن السابع للميلاد، وتضم المكتشفات الأخرى موقعا أثريا يحتوي على جدران ومدافن منقورة في الصخر ونواويس وصهاريج ومعاصر زيتون، وبقايا معمارية وأبنية متهدمة.

ويمر وادي ميرون بجنوبها فيشكل الحد الجنوبي لأراضيها.

 

وتقع عين ميرون جنوب القرية، وتقع عين التينة في جنوبها الشرقي، ويحيط بالقرية أراضي قرى عين الزيتون وقديتا وصفصاف والسموعي. وبحسب إحصائيات عام 1945 بلغ عدد سكان القرية 290 شخصا، واحتوت على 47 منزلا.

 

قصفت القرية بعنف بواسطة طائرات الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1948، وهجرت العصابات الصهيونية أهلها بالكامل، فقد طرد سكان ميرون من قريتهم على دفعتين: الأولى بعيد سقوط صفد في يد عصابات "الهاغاناه" في أيار/ مايو 1948، والأخرى في أواخر تشرين الأول\ أكتوبر بعد أن احتلت القرية نفسها.

 

ويورد المؤرخون أن ميرون لم تسقط بسهولة، وأن لوائي "شيفع" و "كرملي" الصهيونيين واجها صعوبة في احتلالها، ما دفعهم للتقدم نحو صفصاف، وتجاوز ميرون، في بدايات تهجيرهم لتلك القرى الممتدة بين صفد وعكا.

 

وشتت أهالي ميرون العرب إلى مخيمي "عين الحلوة" و" المية مية" في لبنان وفي الشتات، فيما أسس يهود هاجر معظمهم من أوروبا الشرقية والبلقان "موشاف ميرون" على بعد كيلومتر شمال موقع القرية.

وفي عام 2021 وقع حادث انهيار الجسر الحديدي المقام على أنقاض القرية المهجرة ميرون، والذي أدى إلى سقوط ما يقارب 44 قتيلا و150 جريحا.

 

وعلى الرغم من أن القسم العربي من القرية دمر، فإن بعض الغرف والحيطان الحجرية بقي قائما رافضا مغادرة المكان مثل سكانها. أما فيما عدا ذلك فإن الأعشاب والأشجار تغطي الموقع الذي بات جزءا من مستعمرات ميرون. وأما الأراضي المحيطة، فقد زرع جزء منها شجر تفاح، وأقيمت غابة في جزء أخر، كما تستعمل بعض الأراضي مواشي، والمنطقة موقع سياحي مقصود من قبل الزوار لأنها تتمتع بإطلالة رائعة على الكثير من التلال في الجليل الأعلى .

 

وكثيرا ما توصف ميرون بأنها من أجمل قرى فلسطين المبادة.

                           أحد البيوت المتبقية من آثار قرية ميرون المدمرة 

المصادر

 

ـ موقع فلسطين في الذاكرة.

ـ أنيس صايغ، "بلدانية فلسطين المحتلة (1948-1967).

ـ وليد الخالدي، "كي لا ننسى : قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1997.

ـ عدي محاميد، ميرون: قرية فلسطينية مهجرة، موقع عرب48، 1/5/2021.

ـ ميرون قضاء صفد( قرية مزالة)، موسوعة القرى الفلسطينية.

ـ يامن نوباني، "ميرون" المهجرة، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، 1/5/2021.

ـ "مَيرون".. حينما كان قبر يهودي "مدعاة" لإبادة أجمل قرى فلسطين، صحيفة السبيل الأردنية، 6/11/2022.

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع