ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن عضو الكنيست الإسرائيلي والمستوطن "أيتمار بن غفير" يستقي أفكاره من مؤسس حزب "كاخ" المتطرف الحاخام مائير كاهانا، حيث أشاد به خلال حفل تذكاري بمناسبة مقتله العام 1990، رغم زعمه الاعتدال.
وساعدت شعبية "بن غفير" المتزايدة في إعادة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو إلى السلطة في الانتخابات العامة التي جرت الأسبوع الماضي، حيث بات حزبه القومي المتطرف "القوة اليهودية''، ثاني أكبر كتلة في إئتلاف نتنياهو وثالث أكبر كتلة في البلاد، بحسب الصحيفة.
والخميس، أشاد المستوطن "بن غفير" بالحاخام العنصري الراحل مئير كهانا في خطاب ألقاه في النصب التذكاري في القدس، وفقا للغارديان.
وذكرت الصحيفة، أن "بن غفير" لطالما أعجب بـ"كاهانا" الذي اعتُبرت أيديولوجيته العنيفة المعادية للعرب -بما فيها دعوات حظر التزاوج بين اليهود والعرب والطرد الجماعي للفلسطينيين- لدرجة أن إسرائيل منعته من البرلمان وأدرجت الولايات المتحدة حزبه على أنه جماعة إرهابية.
وقال بن غفير في خطابه امام النصب التذكاري لكاهانا في القدس: "أعتقد أن السمة الرئيسية لكاهانا كانت الحب.. محبة إسرائيل بدون مساومة وبدون أي اعتبارات أخرى".
ومائير كاهانا، هو حاخام إسرائيلي متطرف نشأ في الولايات المتحدة، ولد في نيويورك عام 1932 وقتل فيها عام 1990.
وبسبب أنشطته المتطرفة، واجه كاهانا السجن في الولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب حيازة أسلحة والتخطيط لأعمال إرهابية ضد وفود سوفياتية وعربية وصنع قنابل.
والعام 1971، انتقل مائير كاهانا وعائلته إلى إسرائيل، حيث أسس حزب "كاخ" اليميني المتطرف الذي طالب برنامجه بضم جميع الأراضي المحتلة وتهجير الفلسطينيين قسرا.
وتتمثل رؤية كاهانا في أن "الإرهاب اليهودي المضاد باستخدام العنف"، هو الحل للصراع العربي الإسرائيلي.
كما دعا الخاحام المتطرف إلى تفجير المسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل الثالث، مؤكدا استعداده الكامل لتنفيذ ذلك.
اقرأ أيضا: بن غفير يطلب تعديل تعليمات إطلاق النار لتشمل راشقي الحجارة
في الوقت ذاته، سعى بن غفير إلى تصوير نفسه على أنه أكثر اعتدالًا منذ دخوله السياسة ، حيث قال يوم الخميس إنه "ليس سراً أنني اليوم لست الحاخام كهانا".
ولفتت الغارديان إلى تشكيك النقاد الإسرائيليون في صدق تحوله، بحجة أن وجوده في النصب التذكاري لكاهانا يلغي محاولاته للاعتدال.
وأشارت الصحيفة إلى أن "بن غفير" أزال صورة في منزله لباروخ غولدشتاين، وهو متطرف أمريكي إسرائيلي قتل 29 فلسطينيًا وجرح أكثر من 100 في هجوم إطلاق نار أثناء ركوعهم في الصلاة عند الحرم الإبراهيمي في الخليل في عام 1993.
ومؤخرًا، حث المستوطن أنصاره للهتاف "الموت للإرهابيين" بدلاً من "الموت للعرب"، لكن الجمهور أطلق الحشد صيحات الاستهجان عندما قال لهم بن غفير إنه "لا يؤيد طرد كل العرب".
وأضاف: "لن أسن قوانين لشواطئ منفصلة لليهود والعرب.. رغم أنه من المؤكد أننا سنعمل ونبذل قصارى جهدنا لطرد الإرهابيين من البلاد من أجل الطابع اليهودي لإسرائيل، من أجل المستوطنات وهويتها اليهودية".
ورغم حرصه على النأي بنفسه علناً عن معتقدات كهانا الأكثر تطرفاً، فقد دعا إلى ترحيل المشرعين العرب، وإصدار حكم بالإعدام على الإرهابيين المدانين، وحصانة أكبر لقوات الأمن الإسرائيلية التي تقاتل المسلحين الفلسطينيين، وفقا للغاردين.
كما يأمل حزبه في إنهاء الحكم الذاتي الفلسطيني في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، بحسب الصحيفة البريطانية.
ولفتت الغارديان إلى فوز بن غفير ونتنياهو في انتخابات الأسبوع الماضي، أثار مخاوف الفلسطينيين الذين يرون في ذلك ضربة لمشروعهم الوطني.
ومن جانبها، رصدت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، بعض تصريحات المستوطن المتطرف.
ونقل إليشع بن كيمون مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت، بعضا من مقتطفات "بن غفير" خلال مشاركته بالاحتفال التذكاري.
وقال بن غفير إنني "مدين للحاخام كهانا أنني تبت ودخلت المدرسة الدينية، كان لي شرف دراسة كتاباته".
وحين أعلن أنه لا يؤيد ترحيل كل العرب، أطلقت صيحات الاستهجان ضده، وأضاف: "قد حرصت على حضور تجمعات إحياء ذكراه منذ كنت مراهقًا، لتكريم من قتل لتقديسه لله، ومن حارب معاداة السامية ضد اليهود في الولايات المتحدة، وعمل على تشريع قانون عقوبة الإعدام للإرهابيين".
وأضاف بن كيمون في تقرير ترجمته "عربي21" أن بن غفير أوضح بالقول: "دوري في الفترة القادمة الدفاع عن اليهود في النقب، والرد بالنار على إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف على الجنود، وإذا خشيت العائلات اليهود من الذهاب لحائط البراق بسبب الخطر الأمني، فينبغي أن تنتهي هذه الخشية".
وفي السياق، برز استياء أمريكي من مشاركة المستوطن "بن غفير" في التجمع التذكاري للحاخام المتطرف.
وذكر إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، أنه "عندما سُئل المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس عن مشاركة بن غفير في تجمع تذكاري لكهانا، فأجاب أن الاحتفال بإرث منظمة إرهابية أمر شنيع، لا توجد كلمة أخرى له، ولذلك فما زلنا قلقين بشأن إرث كهانا، واستمرار استخدام خطابه العنيف بين نشطاء اليمين الإسرائيلي المتطرف، لقد شجبنا التحريض والعنف والعنصرية بكافة أشكالها، وهناك سبب وجيه وراء تصنيف جماعة كاهانا بأنها كيان إرهابي".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "كلمات برايس هي المرة الأولى التي يهاجم فيها الأمريكيون بن غفير علانية منذ انتخابات الكنيست"، فيما رد عضو الكنيست ميكي زوهار من الليكود أن "الانتقاد الأمريكي ليس مبررًا، وليس في محله، إنه أمر مخز أنهم لم يتحققوا مما حدث في المسيرة، وما قاله ابن غفير فيها، إنه أمر محزن وغير ضروري"، مع العلم أن ملصقات علقت في الاحتفال كتب عليها "الموت لمنفذي العمليات" و"اليساريين الخونة".
وأشار أن "الاستنكار الأمريكي الرسمي لموقف ابن غفير تزامن مع تسريب منسوب للرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ خلال حديثه مع بعض الكتل الانتخابية بشأن قلق يسود العالم بشأن تعيين محتمل لابن غفير وزيرا للأمن الداخلي، وهو ما تكرر خلال لقاء هرتسوغ مع الملك الأردني عبد الله الثاني على هامش مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، الذي أعرب عن مخاوفه من تعيينه المتوقع، وحذر من أي محاولة للإضرار بالوضع الراهن في المسجد الأقصى، وكذلك استمع هرتسوغ لذات القلق في محادثاته مع قادة آخرين، وتلقى استفسارات من قادة اليهود حول العالم الذين أعربوا عن مخاوفهم من صعود اليمين المتطرف".
وأكد أن "هرتسوغ كشف عن مخاوفه هذه لابن غفير ذاته حين التقاه في مكتبه، لكن الأخير رد عليه بالقول أننا "بحاجة للدفاع عن أنفسنا، وإن المسجد الأقصى هو قلب الشعب اليهودي، يبدأ تاريخنا هناك، ولا يمكنك إخبار أي يهودي أنك لا تدخله إليه لأنك يهودي".
وتابع: "الغريب أنه بعد هذا الاجتماع على الفور، ذهب للمشاركة في مسيرة إحياء مرور 32 سنة على مقتل كهانا، معلنا أنني سأعمل لطرد "الإرهابيين" من الدولة، من أجل الصورة اليهودية لإسرائيل، والاستيطان والهوية اليهودية".