صحافة إسرائيلية

ما أبرز المعضلات التي تواجه نتنياهو في علاقته مع واشنطن؟

نتنياهو يستعد لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة- جيتي

بعد إعلان النتائج شبه النهائية للانتخابات الإسرائيلية، والكشف عما حققه بنيامين نتنياهو من فوز ساحق على خصومه بحصول معسكره على قرابة 65 مقعدا في الكنيست تجعله يشكل حكومة مستقرة، من الواضح أن العين اليمنى له ستكون على كيفية تشكيل الحكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية على شركائه اليمينيين المتطرفين، وعينه اليسرى باتجاه واشنطن التي أصدرت إشارات متلاحقة تحمل رفضا لتعيين بعض من هؤلاء المتطرفين في الحكومة.


في الوقت ذاته، يبدو من السابق لأوانه التكهن بالشكل الذي سيبدو عليه التحالف الحكومي الإسرائيلي، لكن اللافت فعلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يتصل بعد لتهنئة نتنياهو، الذي بات فوزه محققا، وسيشكل الحكومة المقبلة.


صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكرت أن "نتنياهو ارتبط بعلاقة حميمة للغاية مع الرئيس السابق دونالد ترامب، لكنه في المقابل انتظر حوالي نصف يوم من لحظة إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة حتى هنأ بايدن بالفوز، دون أن يذكر أنه "الرئيس المنتخب"، في حين انتظر بايدن 27 يوما بعد تنصيبه حتى اتصل بنتنياهو، أما ترامب وباراك أوباما، فقد اتصلا برئيس الوزراء الإسرائيلي بعد أيام قليلة من تنصيبهما، لكن بايدن تأخر".


وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "عدم اتصال بايدن مع نتنياهو حتى الآن أثار الشكوك، وطرح العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل علاقاتهما".

 

موريا أسراف مراسلة القناة 13، نقلت في تقرير ترجمته "عربي21" عن "أوساط إسرائيلية أن السفير الأمريكي في تل أبيب توم نيدس أعرب في محادثات مغلقة مع مسؤولين دبلوماسيين إسرائيليين، عن قلقه من أن يتولى إيتمار بن غفير رئيس العصبة اليهودية منصب وزير كبير في الحكومة الناشئة، صحيح أنه رفض التعليق على الأمر، لكن البيت الأبيض من الناحية العملية وهو ينظر للنتائج النهائية للانتخابات، لا يبدي الكثير من الحماس لشراكة ابن غفير في حكومة نتنياهو".

 

اقرأ أيضا: الغارديان: فوز نتنياهو بالانتخابات انتصار لليمين المتطرف
 

في الوقت ذاته، فإن هناك جملة تحديات تواجه نتنياهو بعد تنصيبه رئيسا للحكومة أمام الإدارة الأمريكية، على رأسها تعيين ابن غفير في الحكومة، وحرب أوكرانيا، والعلاقة الشخصية مع بايدن، ولعله من سوء حظه أنه سيتعامل مجددا مع إدارة ديمقراطية، خاصة وأنهما مختلفان في أسلوب التعامل مع الملف الإيراني، الأمر الذي قد يتسبب بإحراج في علاقتهما.


إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أشار إلى أن "نتنياهو سيواجه سلسلة معضلات بعلاقته الخاصة بالحليف الأكبر، الولايات المتحدة، لا سيما إن اضطر لاتخاذ قرارات ترضي ائتلافه المتطرف، مثل سياسة الضم، والبناء الهائل في المستوطنات، وتشديد السياسات ضد الفلسطينيين، لكنه إذا قاد حكومة يمينية، حريصة على عدم إغضاب بايدن، فسيخاطر بمواجهة مع شركائه المتطرفين، الذين سيطالبون بالوفاء بوعوده معهم، مما قد يدفعهم لتفكيك الحكومة بأي لحظة". 


وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "سلة الخلافات بين نتنياهو وبايدن كبيرة فعلا، ففضلا عما ذكر أعلاه من تباينات بشأن إيران والفلسطينيين، فإن الاتفاق البحري مع لبنان سيشكل مادة جديدة للخلاف، ولعل القرار الأول الذي سيواجهه نتنياهو ما إذا كان سيحترم الاتفاق، عقب تصريحاته بعدم احترامه، لأنه عرّفه بـ"استسلام"، كما أن التحدي الآخر الذي يواجهه نتنياهو مع بايدن هو طمأنته بأن حكومته ليست يمينية متطرفة، مما سيعتمد على المناصب التي سيمنحها لشركائه المتطرفين".


وأوضح أن "القضية الأساسية في الساحة السياسية ستكون علاقات نتنياهو وبايدن، وأنهما بشكل عام يرتبطان بعلاقات جيدة، وتعرفا على بعضهما منذ سنوات عديدة، لكن الأخير يعامله بريبة وشكوك، وسيردّ عليه بغضب إذا استغل تقوية الجمهوريين في الانتخابات النصفية لمهاجمة إدارته، كما فعل خلال عهد أوباما في خطابه أمام الكونغرس، وهي خطوة لا تزال صادمة بنظر الديمقراطيين، رغم أنه من غير المؤكد أنه سيواصل خط الحكومة السابق لإقامة العلاقات مع الحزبين الديمقراطي والجمهوري".


فضلا عما تقدم، هناك مسألة لا تزال غير واضحة تتعلق بالموقف الأمريكي من بعض أعضاء حكومة نتنياهو المستقبلية، ومدى السماح لهم بدخول الولايات المتحدة، بعد إدانتهم بدعم الإرهاب، والتحريض على العنصرية، خاصة ابن غفير، مع العلم أنه لم يطلب زيارتها إلا مرة واحدة في 1988، وفي الوقت الحالي لا يزال من غير الواضح ماذا سيحدث إذا تقدم بطلب للحصول على تأشيرة للولايات المتحدة كوزير في الحكومة عندما يحمل جواز سفر دبلوماسيا. 


وادعى ابن غفير عدة مرات في الأسابيع الأخيرة أنه التقى مسؤولين في السفارة الأمريكية، لكنهم لم يؤكدوا ولم ينفوا، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعمل معه في حال تعيينه وزيرا، فإن الارتباك والإحراج واضحان في الولايات المتحدة، التي لا تعرف حتى الآن أي وزارة سوف يستلمها، رغم أنه سيكون من الصعب عليها العمل معه.


معضلة أخرى لا تقل أهمية عما سبق، تتعلق بما يمكن وصفه بـ"الصداع الكبير" الذي سيعانيه نتنياهو في علاقاته مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الليبرالية للغاية، وتنظر إليه بأنه حنث بوعده فيما يتعلق بحائط البراق، واستسلامه للحريديم، كما سيواجه قرارًا مهمًا آخر بشأن الانضمام لبرنامج الإعفاء من التأشيرة للإسرائيليين لزيارة الولايات المتحدة، بحيث سيواصل الإسرائيليون الوقوف في طوابير أمام السفارة الأمريكية.