حقوق وحريات

حقوقي: ثقب الأوزون أقل خطرا من ثقب الإخفاء القسري بمصر

خاطب توفيق قادة دول العالم الذين سيجتمعون قريبا في قمة المناخ بمصر- عربي21

قال الأمين العام لمنظمة نجدة لحقوق الإنسان، أشرف توفيق، إن "مناخ الاستبداد أشد وأقسى وأنكى على بني الإنسان من المناخ الكوني"، مُشدّدا على أن "ثقب الأوزون أقل خطرا من ثقب الإخفاء القسري بمصر الذي سقط فيه 15,000 مواطن قُتل منهم أثناء الاختفاء القسري 108 مختفين، وما زال المئات رهن الاختفاء، غير ما يستجد".


جاء ذلك في ندوة عقدها مركز "حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية" بعنوان "الحراك الإسلامي.. والتجديد الحقوقي"، مساء الأربعاء، بمدينة إسطنبول التركية، وذلك بمشاركة متخصصين في المجال الحقوقي.

 

وخاطب توفيق قادة دول العالم الذين سيجتمعون قريبا في "قمة المناخ" بمصر، قائلا: "المناخ الكوني في بلدي الذي تجتمعون فيه لم يُخلّف قتيلا واحدا، بينما خلّف مناخ الاستبداد 1200 قتيل و15,000 جريح في مذبحة واحدة في يوم واحد أو بضع يوم".


ومن المقرر أن تنطلق أعمال قمة الأمم المتحدة للمناخ (Cop27)، التي ستستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية خلال الفترة من 6 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل وحتى الـ 18 من الشهر نفسه.


ويجمع مؤتمر المناخ الدول الأطراف في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ"، بالإضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين وممثلي الشركات والمجموعات غير الحكومية، ويُشكّل فرصة مهمة للمجتمع الدولي للالتقاء ومناقشة العمل المناخي الطموح القائم على الحقوق.


انتهاكات مروعة بمصر


وأضاف توفيق: "أيها السادة والقادة أنتم تجتمعون في بلد سماؤه مُلبّدة بسحب دعوات أمهات ثكالى وزوجات أرامل وأطفال يتامى قُتل من ذويهم 105 على أعواد المشانق بأحكام إعدام مُسيّسة وجائرة، ومثلهم ينتظر".


ولفت إلى أن "تسونامي الاعتقال التعسفي في بلادي جرف أكثر من 60,000 معتقل سياسي تئن السجون من تكدسهم بها، وما زال التسونامي يجرف آخرين. وإن خريف الإهمال الطبي بسجون بلادي أسقط 1134 قتيلا".


وأوضح توفيق أن "شتاء التهجير القسري القارس في مصر جمّد أحلام آلاف الأسر والعائلات في حياة كريمة - هُدمت بيوتهم- في الشطر الأخر من سيناء التي تجتمعون على أرضها، وفي جزيرة الوراق ونزلة السمان وغيرها من أراضي الوطن".


وتابع الحقوقي المصري: "إن السيول التي تجري في بلادي هي من دماء الآلاف من ضحايا التصفية الجسدية مُقيدي الأيدي من الخلف الذين قُتلوا بدم بارد ومن المسافة صفر، قُتلوا وهم ينظرون في أعين قاتليهم فلم يغير ذلك من مصيرهم شيئا".


وزاد قائلا إن "رياح الاستبداد التي هبّت على بلادنا قتلت العشرات تحت التعذيب، ولم تفرق بين جوليو ريجيني الإيطالي وأيمن هدهود المصري، وما عادت تمر على بلادنا نسائم ربيع الحرية، وفي جعبتنا الكثير، ولكن أخشى إن أثقلت عليكم أيها السادة أن يعرب الأمين العام (للأمم المتحدة) عن قلقه".


وقال إن "رقابنا مُحمّلة بشكر مستحق لرواد العمل الحقوقي في الدول العربية والإسلامية، وخاصة من التيار اليساري، الذين كان لهم قصب السبق في هذا المضمار وتميزوا فيه، وأخص منهم بالذكر الأستاذين المصريين أحمد نبيل الهلالي وأحمد سيف الإسلام حمد، حيث أسّسا في مصر لمنهج الدفاع عن كل مظلوم بغض النظر عن الخلاف الفكري أو السياسي".


ودعا توفيق، "كل شخص حر حول العالم" إلى مناصرة ودعم الناشط السياسي البارز، علاء عبد الفتاح، المُضرب عن الطعام لليوم السابع بعد المائتين في "قضيته العادلة لنيل حقوقه المُنتهكة، ومناصرة أسرته في نضالها ضد الظلم والاستبداد".


ترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان


وقال: "لم يعد مقبولا ونحن في الألفية الثالثة أن تُنتهك حقوق الإنسان بهذا القدر الكبير، وأن تظل الانتهاكات على مدى سنوات، رغم تقارير مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، التي تعرض على مجلس الأمن لتصطدم بفيتو المصالح دونما إجراء ملزم أو عقاب رادع".


وواصل توفيق حديثه بالقول: "لم يعد مقبولا عدم الملاحقة القضائية وإفلات المجرم من العقاب بحجة أنه ما زال في السلطة متحصنا بمنصبه، وهو ما يعني إفلاته من العقاب وخاصة أن الديكتاتور منتهك الحقوق لا يخرجه من السلطة إلا الموت".


ودعا إلى "تبني رؤية (العالم أكبر من خمسة)، والتي لا تزال تدافع عنها الدولة التركية، وإعادة النظر في منظومة القوانين والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان بما يضمن تحقيق التوازن بين احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وبين حماية حقوق الإنسان وحرياته وعدم إفلات منتهكيها من العقاب".


وطالب بإنشاء "شبكة علاقات دولية فعّالة تعيد الاعتبار لمفاهيم وقضايا حقوق الإنسان، وتعمل على الدفاع عنها في أي مكان من العالم"، مشيرا إلى أهمية وجود "إعلام حقوقي واسع الانتشار يتجاوز الأيديولوجيات والعقائد والقوميات والاثنيات".


ودعا توفيق إلى إطلاق "حملات توعية وتثقيف للشعوب مؤثرة تُعرّف جمهور الناس بحقوقهم، ولا سيما المتعلقة بحقوقهم تجاه الحكومات، وتضمين مفاهيم حقوق الإنسان في مناهج التعليم في مجتمعاتنا".


وطالب بإعداد مشروعات القوانين (والدراسات المقارنة بالشريعة الإسلامية) والتوصيات وعرضها على جهات الاختصاص، وعقد جلسات استماع مع صناع القرار داخل دوائر التأثير السياسي، مع ضرورة النضال من أجل استقلال القضاء الوطني فهو ملاذ المظلومين وحصن الحريات".


تجديد الحراك الإسلامي


من جهته، أوضح نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية، إسلام الغمري، أن ندوتهم الجديدة تأتي "في إطار أنشطة مركز حريات لتجديد الحراك الإسلامي الذي انطلق منذ ما يقرب من قرن من الزمان لاستعادة فاعلية الأمة الإسلامية وحضورها على الساحة الدولية".


ونوه الغمري، إلى أن "المركز أطلق سلسلة ندوات وورش عمل وأوراق بحثية تعالج الجوانب المهمة لأنشطة التنظيمات والحركات الإسلامية تقويما وتجديدا، وهو ما شمل: التجديد الفكري والسياسي والاستراتيجي والإعلامي والحقوقي والدعوي والتربوي والتعليمي والمؤسسي والمجتمعي والجماهيري والشبابي والتقني والبيئي".

 

اقرأ أيضا: الغارديان: مصر تمنع فعاليات المجتمع المدني بأول أيام "Cop27"

وأكمل: "لما كان للعمل الحقوقي أهمية خاصة نظرا لأولوية القضية الحقوقية ضمن سياق عالمي فرض نمطا معينا لقضية حقوق الإنسان، وفي ظل إمكانية اندراج العديد من مشكلات أمتنا وجوانب حضورها تحت العنوان الكبير لانتهاكات حقوق الإنسان بأشكالها وصورها المختلفة فقد اتجهت الجهود نحو تأسيس منظمات حقوقية فضلا عن الأنشطة والفعاليات الحقوقية العامة".


وذكر الغمري أن "التوجّه نحو تأسيس منظمات حقوقية رغم أنه جاء متأخرا، إلا أنه أثبت أهميته، وهو ما يؤهله لأن يكون رافدا مهما من روافد نهضة أمتنا وسعيها الدؤوب لاستعادة مكانتها".