أفكَار

"التوحيد والإصلاح" المغربية.. في معضلة التجديد الفكري

أوس رمال يتولى رئاسة حركة التوحيد والإصلاح في المغرب خلفا لعبد الرحيم الشيخي

عقدت حركة التوحيد والإصلاح المغربية جمعها الوطني السابع في ظرفية كثرت فيها التساؤلات حول مشروعها ورؤيتها، وما إذا كان أسلوبها السابق في إدارة العمل الإصلاحي قد استنفذ أغراضه، وهل بقدرة بنيتها القيادية الحالية أن تبلور عرضا جديدا يمكنها من إعادة إحياء دورها كفاعل مدني مشارك بقوة في صناعة الحدث وإدارة النقاش العمومي؟

المعطيات التي أسفر عنها الجمع، تزكي الأولويات التي تم اقتراحها مع تعديلات طفيفة، مع انتخاب قيادة تقريبا جديدة، فقد غابت الأسماء التي كانت تتداول القيادة، وظهرت أسماء أخرى، أغلبها من الجيل الذي أعقب جيل ما بعد القيادة التاريخية.

 



السلاسة التي تمت بها عملية الانتخاب، وحضور الديمقراطية الداخلية كمحدد حاسم للتحولات سواء في شقها الفكري أو شقها التنظيمي، يزكي النسق العام للتجربة، وكونها تحتكم دائما إلى لخيارات التنظيمية لترسيخ التحولات أو تدبير الخلافات داخل التجربة المغربية.

في هذا المقال، نحاول أن نقرأ نتائج هذه المحطة في ضوء التحديات التي تعيشها حركة التوحيد والإصلاح ولرهانات التي رفعتها وما إذا كانت البنية القيادية من جهة والخيارات الفكرية والتنظيمية تسعفها في ذلك، وهل سيكون بإمكانها أن تحرك الجليد الذي كسا أسلوبها في تدبير العلاقة بين الدعوي والسياسي؟

في أزمة القيادة

قبل ثمان سنوات، وأثناء مناقشة الخيارات القيادية بالجمع الوطني الخامس لحركة التوحيد والإصلاح، تحدث الأستاذ عبد الإله بن كيران ـ بصفته مؤتمرا ـ عن ضيق الخيارات الموجودة لاختيار قيادة للحركة، وقدم تشخيصا قاسيا، خلص فيه إلى أن حركة التوحيد والإصلاح تعيش أزمة قيادة، ورجح اختيار عبد الرحيم الشيخي، باعتباره أفضل الموجود، لا باعتباره الشخص المناسب الحامل للمواصفات القيادية الضرورية.

التجربة القيادية داخل الحركة تزكي هذه الخلاصة، فبعد أن انخرط حزب العدالة والتنمية في مسار المشاركة السياسية، فقدت الحركة عددا من قيادييها الذين اختاروا العمل في التخصص السياسي، وغادرت القيادة الأسماء المعروفة (محمد يتيم، أحمد الريسوني، عبد الإله بنكيران)، واتجهت إلى قيادة تنظيمية تقنوقراطية غير ذات كاريزما فكرية أو سياسية (محمد الحمداوي)، وظهرت أزمة القيادة في محطة تجديد القيادة في شخصه لولايتين، ثم تعمقت هذه الأزمة في محطة اختيار عبد الرحيم الشيخي الذي وقع إقرار داخل المؤتمر بأن الأزمة القيادية هي التي جاءت به، وبرزت الأزمة بوجه أشد عمقا بتجديد ولاية ثانية لعبد الرحيم الشيخي.

سؤال التجديد للقيادة لولاية ثانية، وهو أقصى ما يتيحه القانون داخل الحركة، مع ارتباطه بأزمة القيادة، فإنه يثير جانيا آخر، يتعلق بالإضافة التي تم التقاطها في القياديين، الحمداوي، كقيادي تنظيمي، تم الرهان عليه لتقوية التنظيم وشحذ فعاليته، والشيخي، كقيادي تجميعي، تم الرهان عليه، لتيسير إحداث تحولات توافقيه داخل التنظيم.

سؤال الأولويات ومحدودية التدافع القيمي والمجتمعي

في مرحلة هذين القياديين، وعلى مدى عقد ونصف من الزمان، انشغلت بعدد من الأولويات، كان أبرزها، ترشيد التدين، وتقوية فعالية الحركة في التدافع المجتمعي باعتبارها فاعلا مدنيا، وترسيخ مبدأ التمايز بين الدعوي السياسي.

واقع الممارسة، بعد أربع سنوات من ولاية عبد الرحيم الشيخي الأولى، أثبتت تراجع الأولوية الثانية، ودخول حركة التوحيد والإصلاح منطقة الظل، وضعف أدائها المدني، بل ضعف مشاركتها في النقاش العمومي على واجهات عدة.

في المؤتمر السادس للحركة، والذي جسد الولاية الأولى لرئيسها عبد الرحيم الشيخي، تم برهان إعادة تحيين أوراقها التأسيسية (الميثاق)، وتقييم طبيعة العلاقة بين الدعوي والسياسي، مع المحافظة على أولوياتها القديمة (الإسهام في الإصلاح وترشيد التدين)، وقد حاولت أن تغطي على أزمة تراجع دورها التدافعي في المجتمع، برهانات تجديد الأوراق، وإعادة تقييم علاقتها بالحزب في ضوء خلافات المرحلة، وتقديرها للدور الذي يمكن أن تقوم به للتدخل لمعالجة بعض الظواهر القيمية التي ظهرت في سلوك أعضائها المنتسبين إلى حزب العدالة والتنمية (الخلافات التي اخترقت الحزب بعد إعفاء الأستاذ عبد الإله بن كيران وتفجر خلافات الولاية الثالثة).

 

واجهت حركة التوحيد والإصلاح تحدي إعادة تعريف الهوية والدور، في سياق ما بعد المشاركة السياسية لشريكها الاستراتيجي المتمثل في حزب العدالة والتنمية، إذ ظهرت في صورة الحركة غير القادرة على أخذ مسافة من الحزب، وإعادة رسم أدوارها بمعزل عن الدور السياسي للحزب، وكان الجمود وطول الصمت وتجنب الخوض في النقاشات القيمية أو السياسية المثيرة لحفيظة الحكومة، هو عنوان المرحلة.

 



المؤشرات التي برزت خلال أربع سنوات من الولاية الأولى لعبد الرحيم الشيخي، لم تكن في الحقيقة كافية للحكم على جدية الديناميات الداخلية التي تعيشها الحركة، فقد واجهت الحركة تحديات كبيرة، بسبب واقع الاستنزاف الذي واجته بسبب رحيل أغلب قياداتها إلى الحزب والتخصصات ألأخرى، وأيضا بسبب واقع رئاسة الحزب للحكومة، واضطرارها إلى تخفيف حراكها التدافعي، بسبب الإحراج الذي يشكله للحكومة، إذ شكلت الشراكة مع الحزب عبئا ثيلا عليها منها في كثير من الأحيان من أداء وظيفتها في التدافع القيمي وفي تكثيف حضورها المجتمعي، فكان العنوان في هذه االمرحلة هو الانكفاء على أدوراها التقليدية (التربية، الدعوة، التكوين) مع الانعطافة إلى تجديد الأوراق التصورية، وهو ما يفيد بوجود عطب كبير تسبب في تراجع أدائها في المجتمع، حاولت أن تلتمس المدخل للجواب عنه في مراجعة الأوراق، والتدقيق في بعض مفردات الشراكة مع الحزب، ومراجعة العلاقة بين الدعوي والسياسي..

المؤشرات التي برزت خلال الولايتين معا، زكت واقع تراجع أدائها المجتمعي وانخراطها في النقاش العمومي في قضايا الهوية والقيم، فقد توقفت أداتها الإعلامية (جريدة التجديد)، التي كانت تمثل تعبيرها القوي عن دورها التدافعي في المجتمع، وتراجع بشكل لافت أداء منظمتها الطلابية (منظمة التجديد الطلابي)، ولم يسجل في خانة إنتاجها الفكري ما يعكس رهاناتها المجتمعية، وتعمقت فيها أزمة الخلف القيادي، وضاق أفق رهانها الإشعاعي ذي البعد الترشيدي والوسطي، فالسلفية "التجديدية" المشرقية، التي راهنت حركة التوحيد والإصلاح على تجسير العلاقة معها وترشيدها، ذهبت في اتجاه معاكس، ومنتديات الوسطية التي انخرط جزء من قيادات الحركة في فعالياتها، صارت أشبه ما تكون بفرص سياحية من غير مردودية تذكر، في حين لم يثمر الرهان على غرب إفريقيا سوى علاقات محدودة الأفق وغير قابلة للامتداد في المكان ولا في الفعالي، وتبين أن العلاقة الوثيقة مع حركة حمس الجزائرية، كانت في الواقع بدون أثر، بعد أن اختارت هذه الحركة التي كانت تبدي تأثرا بالمدرسة الحركية المغربية، أن تتماهى مع موقف حكام الجزائر بخصوص الوحدة الترابية للمغرب، بعد أن كانت تتجنب نقاط التماس في هذا الموضوع، وتخدم هدف التقريب من أجل تقوية روابط الاتحاد المغاربي.
 
وقد واجهت حركة التوحيد والإصلاح تحدي إعادة تعريف الهوية والدور، في سياق ما بعد المشاركة السياسية لشريكها الاستراتيجي المتمثل في حزب العدالة والتنمية، إذ ظهرت في صورة الحركة غير القادرة على أخذ مسافة من الحزب، وإعادة رسم أدوارها بمعزل عن الدور السياسي للحزب، وكان الجمود وطول الصمت وتجنب الخوض في النقاشات القيمية أو السياسية المثيرة لحفيظة الحكومة، هو عنوان المرحلة.

مؤشرات ذلك، تراجع أدوراها المجتمعية، لاسيما في القضايا الهوياتية والقيمية، فلم يعد لها حضور في عدد النقاشات  القيمية سواء منها تلك التي تخص الحريات الفردية، أو التي تخص مقاومة دعوات حقوقية تطرح فكرة رفع التجريم عن عقوبة الإفطار في شهر رمضان، أو جريمة الفساد، أو تطالب برفع عقوبة الإعدام، فلم تنخرط الحركة في أي نقاش مجتمعي واسع حول اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادق عليها البرلمان، وصوت لصالحها أيضا نواب العدالة والتنمية، وكان موقفها شاحبا من نقاشات رفع العقوبات التي أقرها القانون الجنائي حول الإفطار في شهر رمضان، إذ خرج رئيس الحركة في موقف مثير، يدعم رفع العقوبة عن هذا الفعل، ويساير في ذلك وجهة نظر الدكتور أحمد الريسوني، الذي طالب بألا يكون للسلطة دخل في قضايا العبادة، ما دام للإفطار أعذار شرعية، وأن هذه الأعذار هي بين العبد وربه، ولا علاقة للسلطة بها. 

من أكبر المؤشرات على تراجع هذا الدور أيضا، إعدام جريدة "التجديد" التي لم تكن فقط ناطقا رسميا باسم الحركة، بل كانت أداتها الفعالة في خوض معارك قيمية وهوياتية، والتجسيد العملي لمشاركة الحركة في حقلها المدني، وتعبيرها عن شراكتها الاستراتيجية مع حزب العدالة والتنمية في خوض معركة الإصلاح السياسي والمؤسساتي.

في إمكان مساءلة الشراكة مع الحزب

الداخل التنظيمي منقسم حول تأثير هذه الشراكة في تفسير تراجع الدور المدني والإعلامي للحركة، ورأي مؤثر داخلها يرى أن لحظة رئاسة الحزب للحكومة (10 سنوات) كان لها تأثير كبير على دور الحركة، وأن إسنادها للحزب، جعلها تختار في كثير من الأحيان ـ إن لم يكن كل الأوقات ـ السكوت في معارك كان لها صولة سابقة فيها، لاسيما ما يتعلق باتفاقية سيداو، ومعارك الباكلوريا الفرنسية وغيرها.

الرأي الثاني، يميل إلى أن هذا السكوت، أو على الأقل، تراجع الحركة في منسوب الدور القيمي، لا يعود إلى فكرة إسنادها لحزب العدالة والتنمية في حد ذاتها، وإنما يعود إلى رؤية تنطلق من تلافي سياسية استدراجها لمعارك تنتهي فيها إلى إعادة النظر في مفهوم شراكتها مع العدالة والتنمية، وأن الحركة اختارت تفويت الفرصة على خصوم الإصلاح السياسي والمؤسساتي، الذين يبحثون عن تفكيك الجبهة الإصلاحية، وبشكل خاص، خلق توتر بين المكونين يؤثر سلبا على شراكتهما!

مهما يكن التبرير، فالنتيجة واحدة، كانت بالأمس مجرد انتقادات لملاحظين من داخل الحركة ومن خارجها هي تراجع دور الحركة المجتمعي، فأضحت اليوم تشخيصا داخليا، مؤثرا في صياغة أولوياتها في المرحلة القادمة، بين رأي يدعم استمرارية هذه الشراكة مع التدقيق في مفرداتها، وبين رأي يرى أن هذه الشراكة هي مسار، وليس قرارا، بما يعني أنه في أي لحظة يمكن أن يتم إعادة النظر في مضمونها أو مفهومها أو تحديد ضوابط حاكمة لها.

أولويات الحركة في المرحلة المقبلة.. سؤال الإمكان والقدرة

السيد عبد الرحيم الشيخي، في تصريحاته الإعلامية التي سبقت انعقاد المؤتمر بأيام، بعد أن ثمن خيار التمايز بين الحركة والحزب، تحدث عن ثلاث أولويات أساسية، تجديد العرض الإصلاحي التربوي والدعوي، وتقوية حضورها المجتمعي، وتقوية البناء التنظيمي الداخلي.

الجديد في هذه الأولويات نقطتان اثنتان، أولهما الحديث عن تجديد المناهج والمسلكيات في العمل التربوي والدعوي والرهان على الفضاء الرقمي، وثانيهما، توسيع وعاء التدافع المجتمعي، بالارتكاز على فكرة الترافع والاقتراح وبناء المشاركة في القضايا المطروحة مجتمعيا على الاجتهاد الفكري، وذلك بموازاة مع خط الاحتجاج، في حين، لم يتغير شيء في الرهان الثالث المرتبط بتقوية الموارد البشرية والمالية، فقد ظل هذا العطب يلاحق الحركة منذ زمن طويل، بل ظل يلاحق الحركات الإسلامية بشتى تشكيلاتها بسبب ضعف استقطابها من جهة، وبسبب التحاق قياداتها بتخصصات أخرى أكثر إغراء مثل العمل السياسي أو النقابي أو حتى الخيري الاجتماعي.

 

الحاصل في قراءة هذه التحولات، أن التركيبة القيادية الجديدة، أملتها حالة الجمود التي عرفتها الحركة طيلة السنوات الماضية، ووجود تتطلع للقطع معها، بالتوجه نحو قيادة تربوية تعرف المجال الرقمي وتمتلك مهارات اختراقه، وبالرهان على طاقات شبابية، يراهن على أن تعمم حيويته السابقة على كل التنظيم.

 



والحقيقة أن النظر إلى هذه الأولويات، خصوصا الأولين، يشير في الظاهر إلى تحول مهم، لجهة إقحام المعامل الفكري التجديدي والتركيز عليه، سواء من زاوية البحث عن مناهج جديدة في العمل التربوي والدعوي، أو من خلال تغيير المقاربة في خوض المعارك القيمية بالتركيز على البناء والاقتراح والترافع، بدل وضع البيض كله في سلة الاحتجاج، لكن يبقى السؤال دائما حول تناسب الهدف مع الإمكانات، وهل تملك الحركة التي تعيش أزمة قيادية منذ أكثر من ثمان سنوات، الكفاءات الفكرية التي تجعل الهدفين السابقين ممكني التحقق.

من السابق لأوانه الحكم على هذا المسار، لكن مؤشرات الواقع، خصوصا ما يرتبط بعلاقة الحركة بمفكريها التنظيميين، وهيمنة القيادات التنظيمية، يطرح تساؤلا كبيرا على إمكان تحقق هذين الورشين، إذ يمكن تصور نجاح على المستوى التقني، أي الاتجاه إلى المنصة الرقمية، وتصريف الفعل الدعوي أو حتى التربوي عبرها، فمثل هذا الهدف ممكن التحقق، لأنه لا يحتاج إلا لكفاءات تقنية، وهي موجودة ووافرة، لكن، الورش الفكري الاجتهادي التجديدي، فيتوقف على الشكل الذي ستظهر به الحركة في نسختها ما بعد الجمع العام السابع، وما إذا كانت هذه النسخة الجديدة تملك عناصر الجدب والإغراء لاسترداد  مفكريها الذين غادروها أو وضعوا مسافة عنها ولو مؤقتا، فضلا عن استقطاب آخرين من خارجها، يمكن أن تعول على مساهمتهم في هذا الدور. أما التعويل على الموجود من كفاءاتها حاليا، فالأرجح أنه لن يعينها على تحقيق شيء كبير في هذا الاتجاه.

الواقع، يؤكد صعوبة الأولوية الفكرية الاجتهادية التجديدية، فمسار الحركة منذ مسار الوحدة (1996)، يبين محدودية العمل الفكري داخلها، ومحدودية الإنتاج الفكري الكمي والكيفي، ومحدودية الكفاءات الفكرية، وتسارع هجرة الكثير منهم لتخصصات أخرى، أو لخيارات أخرى بعيدة عن الحركة. 

دلالات انتخاب القيادة الجديدة

في الظاهر تعكس القيادة الجديدة (أوس رمال) استمرار القيادات التقليدية داخل الحركة، فالرجل ينتمي إلى الجيل المخضرم الذي يقع بين جيل القيادات التاريخية والجيل الذي بعده، لكن، بالنظر إلى المواصفات القيادية، فهذا الانتماء الجيلي إن صح التعبير لم يكن هو المحدد، بل كانت المؤهلات التربوية هي الحاسم في الاختيار، فالرجل-باعتبار تخصصه التربوي كمفتش تربوي ممتاز بوزارة التربية الوطنية-هو الذي أشرف على منظومة سبيل الفلاح التربوية التي تؤطر عمل الحركة التربوي، كان يمثل نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وتحمل قبل هذه المهمة، مسؤولية قسم التكوين المركزي ، وكان قبلها مسؤول الجهة الكبرى للقرويين لحركة التّوحيد والإصلاح.

قد تبدو هذه المؤهلات القيادية كافية في الاختيار، بحكم الأزمة القيادية التي تعاني منها الحركة، لكن، ربما كان هناك مؤهل آخر مرجح، دفع به إلى دفة القيادة، وهو الكفاية التكنولوجية والتقنية التي يمتكلها، وهي ما تحتاجه الحركة في المرحلة القادمة بحكم رهانها على المجال الرقمي في أولوياتها للمرحلة القادمة.

ما عدا رئيس الحركة، فالقيادات التي انتخت في المكتب التنفيذي أو مسؤولية منسق مجلس الشورى، فتعكس هيمنة الجيل الشبابي الذي كانت له بصمات متفردة في مجالات مختلفة في وقت تراجع أداء الحركة العام.

الحاصل في قراءة هذه التحولات، أن التركيبة القيادية الجديدة، أملتها حالة الجمود التي عرفتها الحركة طيلة السنوات الماضية، ووجود تتطلع للقطع معها، بالتوجه نحو قيادة تربوية تعرف المجال الرقمي وتمتلك مهارات اختراقه، وبالرهان على طاقات شبابية، يراهن على أن تعمم حيويته السابقة على كل التنظيم.

الوضع الحالي الذي يعيشه حزب العدالة والتنمية، كحزب معارض وبحضور ضعيف داخل المؤسسات، يمكن أن يشجع الحركة، حتى بدون أن تراجع أو تدقق مفردات شراكتها مع الحزب، أن تستعيد حيويتها في معارك التدافع القيمي، وذلك باستعادة كل الأدوات التي كانت تراهن عليها في السابق لخوض هذه التجربة، وبشكل خاص الأداة الإعلامية (وسائل الإعلام) والبحثية (مراكز الأبحاث) والتواصلية (الحوار مع النخب) والفكرية (الانفتاح على المثقفين والإنتاج الفكري) الثقافية والإشعاعية (إعادة الاعتبار للحركية الثقافية) والتكوينية (الرهان على البعد العلمي والمعرفي في تكوين كوادر الحركة).