مقابر مشعة

تُعتبر قارة أفريقيا أكبر مقبرة ومدفن للنفايات النووية حول العالم، حيث تستقبل 30 بالمئة منها قادمة من الدول التي تتهرب من تكلفة التخلص من المخلفات النووية والكيميائية الباهظة..

يخلف 250 ألف مفاعل نووي ومصنع كيميائي عبر العالم أكثر من 420 مليون طن من النفايات النووية المشعة والمخلفات الكيميائية السامة سنويا، إذ تعمل دول على دفنها في مناطق بعيدة عن أراضيها.

 



وتحظى أفريقيا بالنصيب الأوفر من النفايات، إذ تعتبر القارة السمراء مقبرة لـ30 بالمئة من من النفايات المشعة والسامة التي تخلفها مفاعلات ومصانع عدة دول.

وتتصدر قائمة المقابر الأفريقية كل من موزمبيق وأفريقيا الوسطى والسنغال والكاميرون، حيث يتم دفن طن واحد من النفايات الخطرة في إحدى الدول الأفريقية بعيدا عن شروط السلامة والأمان، ومن دون علم شعوبها، ما يكلف الدول الغنية 2.5 دولار.


في المقابل، فإن دفن الطن ذاته في أوروبا يكلف ما بين 250 و1000 دولار، ليصبح دفن المخلفات النووية والكيميائية تجارة أرباحها السنوية تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، من خلال دفنها في 34 دولة أفريقية، وفقا لمنظمة السلام الأخضر.


وتتسبب عملية دفن النفايات النووية والكيميائية في تسرب إشعاعي قاتل وأضرار بيئية وارتفاع درجة حرارة الأرض، وانخفاض خصوبة التربة، وزيادة نسبة الغازات الضارة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الجنينية، بحسب منظمة الصحة العالمية.


وتتصدر أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وألمانيا والنمسا وفرنسا قائمة الدول التي تصدر نفاياتها إلى أفريقيا، مستغلة فقرها واضطراباتها، وفقا  لصحيفة"لوسوار" البلجيكية.

وتجد هذه الدول ضالتها في دول فقيرة، وأخرى تشهد اضطرابات سياسية، أو صراعات عرقية مستمرة، من أجل دفن النفايات الخطرة في مكان آمن مقابل مئات المليارات من الدولارات.

وتتكفل المافيات العالمية بذلك حيث تتقاضى حوالي 20 مليار يورو سنويا من حكومات أوروبية، مقابل إغراق شحنات من النفايات الخطرة قرب السواحل الليبية، وأخرى على الشواطئ الصومالية، وفقا لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية.


وتقسم المواد المشعة إلى مواد ذات نشاط إشعاعي منخفض، طويل الأمد، وأخرى ذات نشاط إشعاعي مرتفع، قصير الأمد، فيما تظل النفايات النووية سامة ومميتة لفترات أطول من عمر البشر على سطح الأرض.


ويقول خبراء إن الحفاظ على ديمومة الحياة مستقبلا ينطلق من اتخاذ تدابير حمائية، إما ببناء المقابر باستخدام  الغرانيت على كامل حدود مواقع الطمر النووي، أو بتغطية المواقع بغابة شاسعة من الأشواك الخرسانية، وبكتابة عبارات تحذيرية بالقرب منها وبما يعرف بـ"الكهنوت الذري"، وفقا لـ"بي بي سي".


ورغم ذلك، فإنه لا وجود لهذه التحذيرات في أفريقيا التي تعد أكبر مقبرة ومدفن للنفايات النووية حول العالم.