في الوقت
الذي تتواصل فيه المخططات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، تنشط دولة
الاحتلال من خلال الصندوق الوطني لإسرائيل- كاكال، لزيادة سيطرة دولة الاحتلال على
الأراضي المحتلة عام 1948، من خلال زراعة آلاف الدونمات التي تعود ملكيتها لفلسطينيي48
بالغابات، صحيح أن المشروع يأتي بذريعة مواجهة تهديد التنمية الحضرية، لكن الغايات
السياسية لم تعد تخفى على أحد، وهو قطع الطريق على أي استعادة لهذه الأراضي، أو الاستفادة
منها.
وقد
كشف "كاكال" مؤخرا عن مخطط لإضافة مئات آلاف الدونمات لمناطق الغابات في
الأراضي المحتلة48، كجزء من خطة استراتيجية مدتها 25 عامًا، ويسعى المخطط لتحديد الغابات
المزروعة والطبيعية على أوسع نطاق، وتحديد المساحات التي لم يتم تخصيصها لـ"أغراض
أخرى"، مع العلم أن "كاكال" تأسس عام 1901 بهدف شراء الأراضي والسيطرة
عليها تمهيدا لإقامة الدولة اليهودية عليها، وهو ما تم فعلا، ويعتبر اليوم قيّماً على
13٪ من المساحة الإجمالية لأراضي الدولة.
سو سوركيس
مراسلة موقع "زمن إسرائيل" كشفت أنه "عند تأسيس كاكال لم يكن سوى
14 ألف دونم من مناطق الغابات في الدولة، ومنذ ذلك الحين زاد العدد إلى 1.55 مليون
دونم، ووُزرعت 500 ألف دونم إضافية من المنظمات والجهات الأخرى، بحيث يصل إجمالي مساحة
الغابات في إسرائيل إلى مليوني دونم، لكن الخطة الإستراتيجية لـكالكال تريد إضافة
500 ألف دونم من الغابات، وتوسيع المساحة الكلية للأراضي الحرجية إلى 2.5 مليون دونم،
أي 11٪ من إجمالي مساحة إسرائيل".
وأضافت
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "هذا المخطط سيقدم في الأشهر المقبلة للمكاتب
الحكومية والمنظمات البيئية وسلطة الطبيعة والحدائق، رغم أنه سيتطلب اقتلاع مئات الأشجار
التي يعود عمر بعضها إلى أكثر من قرن، أي زرعها الفلسطينيون قبل إقامة دولة الاحتلال،
مما يعني إلحاق الأضرار بهذه الثروة الطبيعية، التي تشمل أشجار الصنوبر والسرو المزروعة
التقليدية وأكوام الأشجار والبساتين على الجداول والسهول".
وأكدت
أن "هذا المخطط يقع بين المناطق الصحراوية في جنوب فلسطين المحتلة وحزام البحر
المتوسط، الذي يمتد على طول نوع من الصخور الصخرية، ومن شمالها إلى أطراف النقب الشمالي،
مع العلم أن العديد من المزارع التي أقامها كاكال في صحراء النقب أثارت انتقادات من
جمعية حماية الطبيعة، لأن الغابات المخطط لها لزراعتها في مناطق مفتوحة، حيث لا ينمو
سوى عدد قليل من الأشجار بشكل طبيعي، ستضرّ بالتنوع البيولوجي، وبالتالي ينتهك الالتزام
الدولي بالحفاظ عليه".
يأتي
هذا المخطط الإسرائيلي استكمالا لمخططات احتلالية سابقة على مدار مائة عام، حيث عملت
الحركة الصهيونية على تشجير مساحات واسعة من فلسطين، بهدف أساسي هو تغيير معالم المكان
لسرقته، وطمس هويّته، وتم تحويل 71 قرية فلسطينية مهجّرة إلى مواقع سياحيّة، وأكثر
من نصف هذا العدد غُطّيت بغابات وحملات تشجير كثيفة، في محاولة لتغيير ملامحها، وبالتالي
منع عودة اللاجئين إليها.
الغريب
أن دولة الاحتلال التي تبدي تطلعها لحماية البيئة من خلال زراعة هذه الغابات في الأراضي
الفلسطينية المحتلة48، لأغراض سياسية بعيدة المدى، هي ذاتها التي تقوم باقتلاع وإتلاف
عشرات آلاف أشجار الزيتون والمزارع الفلسطينية في الضفة الغربية بهدف إقامة المزيد
من المشاريع الاستيطانية غير الشرعية على أنقاض أراضي الفلسطينيين الزراعية.