سياسة دولية

اتهامات أممية للصين بارتكاب انتهاكات ضد الإيغور.. بكين ترد

أفادت لجنة حقوقية أممية، في 2018، بأن الصين تحتجز نحو مليون من الإيغور في معسكرات سرية- جيتي

ردت الصين على اتهامات الأمم المتحدة لها بارتكاب "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان"، متهمة إياها بالتواطؤ" عقب إصدار تقرير حول الانتهاكات في إقليم شينجيانغ، ضد أقلية الإيغور المسلمة.

 

واعتبر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن بعض الممارسات المرتكبة ضد أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية) ترقى إلى حد "جرائم ضد الإنسانية".


وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت، في بيان، صدر مساء الأربعاء، بالتزامن مع انتهاء ولايتها في 31 آب/ أغسطس الماضي، أن الاحتجاز التعسفي للأقلية المسلمة في شينجيانغ "قد يشكل جريمة ضد الإنسانية".


وأشار البيان إلى رصد المكتب الأممي "أحداثا موثوقة بشأن تعذيب أو إساءة معاملة للمعتقلين" في منطقة شينجيانغ.


وشدد على أن ممارسات الصين القمعية والتمييزية في تركستان الشرقية تجاوزت الحدود، وأن العديد من الأشخاص انفصلوا عن أسرهم بسبب الاعتقالات والعمل القسري في معسكرات التثقيف أو اضطروا إلى مغادرة بلادهم هربا من القمع.


وناشد التقرير الأممي الحكومة الصينية الإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفيا في معسكرات إعادة التأهيل والسجون ومراكز الاحتجاز المماثلة، وإعادة النظر في القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب والأمن القومي وحقوق الأقليات.


كما أنه دعا الصين إلى وضع خطة عمل من شأنها أن تؤدي إلى نظام تعليمي أفضل، والتحقيق الفوري في انتهاكات الحقوق في معسكرات إعادة التثقيف، وتوضيح الادعاءات حول تدمير المساجد والمعابد والمقابر.


وأعلنت المفوضية، في 10 كانون الأول/ ديسمبر أن تقريرها الخاص بممارسات الصين في تركستان الشرقية سيصدر في غضون أسابيع وهو ما لم يحصل.


وأثار تأخر الأمم المتحدة في نشر التقرير حفيظة المنظمات الحقوقية الدولية وخاصة التابعة منها للأقلية الإيغورية التركية.

 

موقف الصين


ومن  جانبها، حثّت الصين الأمم المتحدة على عدم نشر التقرير، ووصفته بأنه "مهزلة" رتبتها القوى الغربية.


وانتقدت الصين الخميس، مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واتهمته بـ"التواطؤ" مع الولايات المتحدة والغرب.


وقال الناطق باسم وزارة الخارجية وانغ وينبين، إن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان "أصبح بلطجيا متواطئا مع الولايات المتحدة والغرب ضد الغالبية العظمى من الدول النامية".

 

وأضاف أن هذا التقرير هو "مزيج من المعلومات المضللة وأداة في خدمة استراتيجية الولايات المتحدة والغرب التي تهدف إلى شينجيانغ لعرقلة (تنمية) الصين".

 

بدورها، كتبت السفارة الصينية لدى الأمم المتحدة في جنيف في تعليق أرفق بالتقرير أن الوثيقة مبنية على "معلومات مضللة وأكاذيب ملفقة من قبل القوى المناهضة للصين"، وهدفه هو "تشويه سمعة الصين والافتراء عليها عمدا والتدخل في شؤونها الداخلية".

 

اقرأ أيضا: الصين تغلق مدينة كاملة بسبب "كورونا".. سكانها 21 مليونا

اتهامات ومؤامرة؟

 

وتتهم دراسات غربية تستند إلى تفسير وثائق رسمية وشهادات لضحايا مفترضين وبيانات إحصائية، بكين بأنها تحتجز في "معسكرات" ما لا يقل عن مليون شخص، معظمهم من الإيغور، وبإجراء عمليات تعقيم وإجهاض "قسرا"، أو بفرض "عمل قسري".


وتنفي الصين هذه الاتهامات وتؤكد أن "المعسكرات"، التي أُغلقت الآن، هي في الواقع "مراكز للتدريب المهني" تهدف إلى إبعاد السكان عن التطرف الديني. كما أنها تنفي أي "تعقيم قسري" مؤكدة أن كل ما تفعله هو تطبيق السياسة الوطنية التي تقضي بالحد من الولادات.


ولا يؤكد تقرير الأمم المتحدة أي أرقام محددة لكنه يشير إلى أن "نسبة كبيرة" من الإيغور وأفراد الأقليات المسلمة في شينجيانغ قد تم اعتقالهم.


جرائم وانتهاكات


وكتب مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في التقرير أن "الادعاءات المتعلقة بتكرار التعذيب أو سوء المعاملة بما في ذلك العلاج الطبي القسري وسوء الظروف في السجن هي معلومات ذات مصداقية، وكذلك الادعاءات الفردية بالعنف الجنسي والجنساني".


وقالت مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في الصين، صوفي ريتشاردسون، إن التقرير "يعرّي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الصين".


وأضافت أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "يجب أن يستخدم هذا التقرير لبدء تحقيق كامل في جرائم الحكومة الصينية ضد الإنسانية".


وتطالب منظمة العفو الدولية أيضا المجلس "بإنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق" في هذه الجرائم في شينجيانغ.


أما المنظمات الإيغورية الموجودة في الخارج، فقد رحب بعضها بالتقرير بينما رأت أخرى أنه يجب أن يذهب أبعد من ذلك في إدانته لبكين.


وقال عمر كانات، المدير التنفيذي لمشروع الإيغور لحقوق الإنسان وهو منظمة للدفاع عن هذه الأقلية، إن التقرير "يغيّر مقاربة قضية الإيغور على المستوى الدولي".

 

وأضاف: "على الرغم من النفي الشديد من الحكومة الصينية، فقد اعترفت الأمم المتحدة رسميًا بأن جرائم مروعة ارتكبت".

 

وفي آب/ أغسطس 2018، أفادت لجنة حقوقية تابعة للأمم المتحدة بأن الصين تحتجز نحو مليون مسلم من الإيغور في معسكرات سرية بتركستان الشرقية.

 

ومنذ عدة سنوات تخضع المنطقة لمراقبة مكثفة، من كاميرات منتشرة في كل مكان إلى بوابات أمنية في المباني وانتشار واسع للجيش في الشوارع وقيود على إصدار جوازات السفر.


ومنذ 1949، تسيطر بكين على إقليم "تركستان الشرقية"، الذي يعد موطن الأتراك "الإيغور" المسلمين، وتطلق عليه اسم "شينجيانغ"، أي "الحدود الجديدة".

 

وارتكاب إبادة بحق الإيغور هو اتهام موجه لبكين من الحكومة الأمريكية وكذلك من الجمعية الوطنية الفرنسية والبعثات الدبلوماسية التابعة للمملكة المتحدة وهولندا وكندا.