صحافة دولية

WP: حركة الشباب الصومالية.. "مافيا" تبحث عن "خلافة"

قالت الصحيفة إن حركة الشباب تبحث عن فرص للتقدم خارج حدود الصومال وإنشاء "خلافة إقليمية" - جيتي

لم يظهر الجيش الصومالي الجاهزية الكافية لاستلام الملف الأمني في البلاد رغم تدريبه لسنوات، حيث لا يزال المتشددون الصوماليون يسيطرون على نحو 70 في المئة من جنوب ووسط الصومال، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

 

ولفتت الصحيفة إلى أن حركة الشباب ومقاتليها الذين يتراوح عددهم بين 5 و7 آلاف عنصر تشرف على جزء كبير من الريف في البلاد، بينما تحكم الحكومة الهشة مقديشو وعواصم المقاطعات.


وفي الثاني من أيار/مايو الماضي، فجر انتحاريون تابعون للحركة ثلاث سيارات محملة بالمتفجرات على قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، يشغلها جنود حفظ سلام من بوروندي.


بعد التفجيرات، هاجم المقاتلون المتشددون القاعدة بالرصاص والقذائف الصاروخية، مما أسفر عن مقتل عشرات من الجنود.


ونقلت الصحيفة عن صادق مختار، عضو البرلمان الصومالي الممثل للمنطقة التي وقع فيها الهجوم قوله إن المقاتلين المتشددين "هاجموا قوات حفظ السلام على حين غرة"، وأضاف أن بعض الجنود أسروا وتم قتلهم لاحقا فيما هرب آخرون.


وذكرت الصحيفة أن التنظيمات المتشددة "تستخدم الترهيب وتكتيكات شبيهة بتكتيكات المافيا لابتزاز المدنيين وإجبارهم على دفع أموال، فيما يقومون أيضا بإدارة الخدمات الصحية والتعليمية والقضائية في محاولة لتقويض الحكومة".


وفي مناطق أخرى، يستخدم المتطرفون التخويف والتكتيكات الشبيهة بالمافيا لابتزاز الضرائب مع توفير الخدمات الصحية والتعليمية والقضائية في محاولة لتقويض الحكومة وتأسيس قاعدة من الولاء، وفقا لواشنطن بوست.


وأودى هجوم الثاني من أيار/مايو بحياة أكثر من 50 شخصا وفقا لمسؤولين محليين وغربيين في الصومال مما يجعله الضربة الأكثر دموية على بعثة حفظ السلام المدعومة من الولايات المتحدة منذ ست سنوات.


وألمحت الصحيفة إلى أن نجاح الهجوم "أكد عودة ظهور حركة الشباب والتحديات التي ستواجهها القوات الأفريقية والأمريكية لاحتواء الجماعة".

وبعد أسبوعين من الهجوم، وافق الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على إعادة نشر حوالي 450 جنديا أمريكيا في الصومال، مما يلغي أمرا أصدرته إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، في عام 2020 بإنهاء عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية في البلاد بعد أكثر من عقد من الزمان.


وتضاعفت هجمات التنظيم تقريبا من عام 2015 إلى عام 2021، وفقا للبيانات التي جمعها المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن.


وفي العام الماضي، انحصر جزء كبير من أعمال العنف على مواجهات مع قوات الأمن، فيما قالت الصحيفة إنه إذا استمر التنظيم على الوتيرة الحالية حتى كانون الأول/ديسمبر المقبل، فإن الهجمات ستكون قد زادت بنسبة 71 في المئة في غضون عام واحد فقط.


وشكلت عمليات حركة الشباب الصومالية، أكثر من ثلث هجمات المتشددين في أفريقيا في عام 2021.


ونقلت الواشنطن بوست عن رئيس القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، الجنرال ستيفين تاونسند، في شباط/فبراير خلال زيارة إلى مقديشو، قوله إن "الشباب لا يزال أغنى وأعنف التنظيمات التابعة للقاعدة".

 

اقرأ أيضا:  اغتيال مسؤول أمني كبير بالصومال.. و"الشباب" تتبنى


عوامل تمرد "الشباب"


واعتبرت الصحيفة أن الأزمات السياسية الكثيرة في الصومال وتراجع الدعم الأمريكي وعدم فعالية قوة الاتحاد الأفريقي وانعدام استراتيجية متماسكة لمكافحة الإرهاب بين الحكومة الصومالية وشركائها، وعدم تمكن الجيش الصومالي من الوصول لمرحلة الجاهزية رغم سنوات من التدريب الذي قدمته الولايات المتحدة ودول أخرى، عجل من حالة التمرد في البلاد.


وأشارت الصحيفة إلى أنه مع عودة القوات الأمريكية لدعم القوات الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي، فإنها ستواجه تنظيما متشددا يسعى إلى بناء خزائنه المالية و"مصداقيته" الدولية بين المتطرفين.


كما تبحث حركة الشباب عن فرص للتقدم خارج حدود الصومال وإنشاء "خلافة إقليمية"، وفقا للصحيفة.


وقالت دراسة لمجموعة الأزمات الدولية إن "التمرد المميت لحركة الشباب مستمر دون نهاية تلوح في الأفق".

 

وأضافت: "يبقى التنظيم دائما متقدما بخطوة على العمليات العسكرية المحلية والإقليمية، وإلى جانب الاختلال الوظيفي والانقسام بين خصومهم، سمحت خفة الحركة لدى المتشددين بترسيخ أنفسهم في المجتمع الصومالي، كما أن هذا يجعل من الصعب هزيمتهم".


إشارات كشفها الهجوم


وسيطر مسلحو الشباب على القاعدة العسكرية بعد تدميرها بالمتفجرات، حيث غنموا المدفعية وغيرها من الأسلحة الثقيلة بما في ذلك مدفع مضاد للطائرات من طراز ZU 23mm، وهو مدفع سوفيتي الصنع، وفقا لما نقلته الصحيفة عن أفراد الأمن الغربيين المطلعين على الهجوم.


وعزز الهجوم قوة الجماعة بشكل كبير في غضون ساعات فقط، كما زاد من الأسلحة القوية في خزانتها لاستخدامها ضد الحكومة وحلفائها.


ومقارنة بوضع الحركة قبل عقد من الآن، حينما كانت تتعرض لغارات جوية أمريكية مكثفة قتلت العديد من قادتها، فإن "الوضع أفضل بكثير" بالنسبة للحركة.


وفي 2010، دبرت الجماعة تفجيرات انتحارية في العاصمة الأوغندية، كمبالا، مستهدفة حشودا تشاهد نهائي كأس العالم لكرة القدم وقتلت 74 شخصا، وبعد ثلاث سنوات، حاصرت مركزا تجاريا في نيروبي، مخلفة 67 قتيلا.


وداخل الصومال، واصلت شن مئات الهجمات، استهدف الكثير منها المدنيين.


وفي عام 2017، أسفرت شاحنتان مفخختان في مقديشو عن مقتل أكثر من 500 شخص.


وفي عام 2020، قتل ثلاثة أفراد أمريكيين عندما استهدفت حركة الشباب قاعدة عسكرية تستخدمها القوات الأمريكية في كينيا.


وخلال العامين الماضيين، قال مسؤولو الأمم المتحدة والغرب والاتحاد الأفريقي، إن الجماعة استفادت من الأزمات السياسية المحيطة بالانتخابات التشريعية والرئاسية المؤجلة.


وقال سفير الولايات المتحدة لدى الصومال، لاري أندريه: "تسبب القتال السياسي العنيف بخلل وظيفي على مستويات متعددة من المجتمع، امتدت من نقص قوة الحكومة إلى نقص الاهتمام بالأمن".

 

اقرأ أيضا:  جيش الصومال يعلن مقتل 10 من "الشباب" واستعادة بلدة


تمويلات الحركة


وتمول الحركة نفسها من خلال "قاعدة ضريبية" واسعة تعتمد على الأتاوات التي تجمعها من مختلف النشاطات التجارية الكبيرة مثل الشركات والفنادق والمطورين العقاريين، وحتى ميناء مقديشو.


وقالت الصحيفة إنه "في الوقت ذاته، أنشأت الحركة مدارس وعيادات وإدارات شرطة في المناطق التي تسيطر عليها. كما أنها تنشر محاكم متنقلة، حيث يحل قضاتها النزاعات على الأراضي وبين العوائل، مما يزيد من تقويض سلطة الحكومة".


ونقلت الواشنطن بوست عن المسؤول في غرفة التجارة الصومالية، عيسى محمد هالان، قوله: "نحن نتعايش مع حركة الشباب، أينما كانوا يحكمون فمن المعروف أنه يتعين علينا الالتزام بقواعدهم".


وأضاف: "بعض الناس يحبون الطريقة التي يتعاملون بها، إنهم يفضلون الحركة عندما يتعلق الأمر بنظام العدالة، بينما هناك أشخاص آخرون يشتكون من ذلك".


وتعطل الحركة نشاطات أعضاء الحكومة، حيث يقيم العديد من المشرعين والمسؤولين أو يعقدون اجتماعات داخل جيب محصن بجوار مطار العاصمة يعرف باسم المنطقة الخضراء.


وتدرب القوات الأمريكية قوة صومالية خاصة معروفة باسم "الداناب"، أو "البرق" في اللهجة المحلية، ويتلقى أعضاء القوة الذين يبلغ عددهم 1500 شخص تدريبات قتالية واستخبارية متقدمة.


ولكن مع استمرار التمرد في عامه الـ15، فإن العديد من المحللين مقتنعون بأنه لا يمكن هزيمة المتشددين عسكريا، وفقا للصحيفة، وحثت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها قادة الصومال على الانخراط في محادثات سياسية لإنهاء الصراع.


وتوشك بعثة الاتحاد الأفريقي المكونة من 19 ألف عسكري على إنهاء عملها بعد نحو عامين، مما يهدد الحكومة بشكل خطير.