أثار
إعلان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني، عزمه تدويل ملف الهجمات الصاروخية
المتكررة على الإقليم، العديد من التساؤلات بخصوص جدوى هذه الخطوة في إيقاف الضربات
التي بدأت تشهد تصاعدا ملحوظا في الآونة الأخيرة.
وشهد
إقليم كردستان العراق خلال أقل من أسبوع، ثلاث هجمات صاروخية استهدفت حقل غاز كورمور،
الذي تعمل فيه شركة "دانة" الإماراتية، وفق اتفاق مبرم منذ 2007، لإنتاج
وتسويق وبيع البترول والغاز الطبيعي من حقلي كورمور وجمجمال في الإقليم.
"صراع
الطاقة"
وتعليقا
على ذلك، قال الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان كفاح محمود في حديث لـ"عربي21"
إن "التدويل هو رد فعل ضد هجمة منظمة ومبرمجة تستهدف البنى التحتية لملف الطاقة
في الإقليم، فخلال أقل من أسبوع وقعت ثلاث هجمات على حقل الغاز الرئيسي لكردستان".
وأوضح
الكاتب أن "هناك أذرعا ربما إقليمية وراء مثل هذه الأفعال، خاصة لو رأينا خارطة
صراع الطاقة في المنطقة، فمنذ إعلان رئيس حكومة الإقليم مسعود البارزاني في مؤتمر الطاقة
بدبي أن كردستان بالتعاون مع بغداد ستستطيع استثمار خزين هائل للغاز في الإقليم للمساهمة
في سد النقص الحاصل بإمداد الغاز إلى أوروبا في السنوات القادمة، فإن هذا التصريح أقلق حتى الإيرانيين".
وأشار
محمود إلى أن "ذلك راجع إلى أن الجميع يعرف أن إيران هي
المُصدّر الوحيد للغاز إلى العراق، وأنها استطاعت أن تحصل على استثناء من الولايات
المتحدة لتصديره، لذلك يربط الكثير هذه العمليات بهذا النوع من الصراع على الطاقة".
وتابع:
"معظم هذه العمليات جاءت بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق بإلغاء
قانون النفط والغاز في الإقليم، وتصريح وزير النفط الاتحادي حول الإقليم، ثم إقامة
دعوى ضد الشركات الأجنبية، كل هذا السلوك صنع بيئة للجماعات المسلحة الخارجة عن القانون
لترجمة هذه الأفعال والتصريحات إلى فعل عدواني يتعرض له الإقليم".
ولا
يستبعد محمود أن تتعاون الولايات المتحدة مع الإقليم سواء بتقديم المعلومات أو الدفاعات
لحماية كردستان من الهجمات، لأنه "سبق أن طرح هذا الموضوع، وواضح من بيان واشنطن
وشجبها للعدوان على الإقليم أنها ربما تفعل ذلك، لأن هذه الأعمال تقع ضمن الأعمال الإرهابية
مهما كانت تسمياتها".
ولفت
إلى أن "التدويل ربما يذهب إلى الأمم المتحدة ثم إلى مجلس الأمن، وهذا أيضا سيكون
بالتعاون مع الحكومة العراقية وتحديدا وزارة الخارجية، وسنرى خلال الأيام المقبلة نتيجة
المشاورات التي تحصل ما بين حكومة الإقليم وواشنطن والتحالف الدولي والاتحاد الأوروبي
وممثلية الأمم المتحدة".
اقرأ أيضا: حقل غاز في كردستان العراق يتعرض لقصف صاروخي
"ورقة
للضغط"
من جهته،
قال رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق الدكتور إحسان الشمري لـ"عربي21"
إن "قضية القصف على إقليم كردستان هي ورقة ضاغطة على الجهات الداخلية، خصوصا أن
الإقليم سبق أن اتهم أحد الفصائل المسلحة بقضية الاستهداف للحقول النفطية والشركات
وحتى أمن إقليم كردستان".
وأعرب
الشمري عن اعتقاده بأن "الذهاب نحو تدويل القضية صحيح أنه قد يشكل ضغطا، لكن بالنهاية
يبدو أن هناك قرارا بهذا الصدد، خصوصا في ظل عدم القدرة الداخلية على تقويض نشاط هذه
الجماعات المسلحة".
وتابع:
"الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي قد يكون رادعا للهجمات، خصوصا أن هناك قاعدة يمكن
أن يستند عليها مجلس الأمن أو حتى إقليم كردستان هي وجود الكثير من الزعامات للفصائل
المسلحة مدرجة على قائمة العقوبات للخزانة الأمريكية".
ورأى
الشمري أن "توجه إقليم كردستان نحو التدويل هو استشعاره بأن الحكومة العراقية
لها حساباتها الخاصة، ولا سيما أنها لا تتجه إلى التدويل، وبالتالي يبدو أن الإقليم
استشعر أنه لا حلول داخلية لموضوع الهجمات الصاروخية".
وأشار
إلى أن "موضوع التدويل ليس متروكا للحكومة الحالية، وإنما إلى الخارطة السياسية
القادمة، خصوصا إذا ما علمنا أن الحكومة الحالية هي لتصريف الأعمال اليومية وبذلك هي
مقيدة".
ورجح
الشمري أن "يخضع موضوع التدويل مرة أخرى لقضايا التسويات السياسية والحصول على
مكاسب".
وكان
البارزاني أعلن، الاثنين، أنه تحدث مع الشركاء السياسيين الرئيسيين في إقليم كردستان
والعراق، إلى جانب الأصدقاء في الخارج، وكذلك مع رئيس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي،
بخصوص الهجمات.
وشدد
البارزاني للكاظمي على الحاجة إلى تشكيل قوة مشتركة من البيشمركة والقوات العراقية
لملء أي فراغ قائم في المناطق التي تستخدمها الجماعات الخارجة عن القانون لزعزعة استقرار
البلاد، داعيا إلى "اتخاذ إجراءات علنية وعملية لكبح جماح تلك المجاميع".
وأكد
البيان أن البارزاني تحدث أيضا مع منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت
ماكغورك، بخصوص الموضوع ذاته، مشيرا إلى أنه بصدد "حث الأصدقاء والشركاء الدوليين،
ومجلس الأمن الدولي على تجديد الجهود مع أربيل وبغداد وإيجاد سبل لنا على حد سواء للحماية
من المزيد من الهجمات الإرهابية".
ونبه البارزاني إلى أن "حكومة إقليم كردستان ستدافع عن الاستثمارات وتحميها في قطاع
النفط والغاز وجميع البنية التحتية العامة، وأن أي هجوم على كردستان في أي مكان هو
اعتداء على كل كردستان وشعبها".
دعوات لإجراء انتخابات مبكرة بالعراق.. ما إمكانية ذلك؟
ماذا وراء استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي؟