تثير الخلافات المتصاعدة في المجتمع الأمريكي عموما، والطبقة السياسية والحزبية خصوصا، تخوفات إسرائيلية لافتة، لا سيما أن هذه الخلافات الأمريكية الداخلية سوف تزداد وتيرتها كلما اقترب موعد الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/ نوفمبر، ما يثير قلقا إسرائيليا متصاعدا من زيادة أعداد ممثلي اليسار في مجلسي النواب والشيوخ، وفق وسائل إعلام عبرية.
وترصد الأوساط الإسرائيلية حالة من الدعم المتدني، تصفها بـ"الأخطر على الإطلاق" التي يحظى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن، في ضوء ما يوصف بأنه "هروب" من المسؤولين الحكوميين من البيت الأبيض، على غرار ما يحدث في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، مما ساهم بانخفاض قيمة مكانته بين الأمريكيين، ولكن، وعلى عكس المعتاد، فإن الدعم الذي يحظى به دونالد ترامب، بما في ذلك داخل حزبه، يتعثر هو الآخر، وهو مصدر ملاحظة إسرائيلية لافتة، حسب صحيفة عبرية.
وذكر السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن، زلمان شوفال، في مقاله بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "حالة الاستقطاب الأمريكية الداخلية لا تبشر بالخير لدولة الاحتلال، لأن الولايات المتحدة تسعى لحل أزماتها الداخلية، وليس إعادة بناء مكانتها الدولية، وهذا أيضًا أمر سيء لإسرائيل، لأنه رغم خلافات تل أبيب وواشنطن حول إيران والقضية الفلسطينية، فإن الولايات المتحدة تبقى حليفا استراتيجيا للاحتلال، يقيم فيه ما يقرب من نصف يهود العالم".
وأضاف السفير السابق، أن "مصادر القلق الإسرائيلي الأخرى تتمثل في زيادة التأييد الأمريكي للفلسطينيين، فهناك حقيقتان تثيران المخاوف الإسرائيلية، أولهما أن الشباب الأمريكي حتى سن 29، يوجد بينهم مؤيدون للفلسطينيين أكثر من إسرائيل، أما بين الشبان الجمهوريين فإن الدعم لإسرائيل ضعف ما هو عليه للفلسطينيين، ولدى الشبان الديمقراطيين توجد ميزة طفيفة على الفلسطينيين، مع وجود من يكرهون اليهود، والدولة اليهودية، وينكرون حق إسرائيل في الوجود".
اقرأ أيضا: سفير واشنطن السابق لدى تل أبيب يكشف كواليس "صفقة القرن"
وحسب الصحيفة العبرية، يستحضر الإسرائيليون في قراءتهم للواقع الأمريكي ما ذكره مؤخرا رئيس جهاز الموساد السابق "تامير باردو" حول أن الفشل الإسرائيلي في حل القضية الفلسطينية، يزيد من حظوظ وجهات النظر المعادية لها حول العالم، بما فيها المعادية للسامية وتنامي تيار اليسار الراديكالي، وهذه الظواهر منتشرة في الجامعات الأمريكية، مثل هارفارد ونيويورك.
ورغم أن أغلب أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي غير معادين للاحتلال، فإن الأغلبية والقيادة في مجلسي الكونغرس، وكذلك الرئيس نفسه يدعمه تقليديًا، ويعارض المبادرات المعادية له، لكن اليسار التقدمي للحزب الديمقراطي يواصل نضاله ضده، باعتباره جزءًا من صراعه مع القيادة التقليدية، حيث يعمل بشكل منهجي على تعزيز مواقفه بدعم من أعضاء مجلس الشيوخ اليساريين بيرني ساندرز وإليزابيث وارين، وصولا إلى الخبراء الذين انضموا لقافلة المعادين، مثل ماثيو دوس مستشار السياسة الخارجية لساندرز، الذي هاجم في مقال له ما أسماه موقف إدارة بايدن المدلل تجاه إسرائيل".
وهناك مبادرات أطلقت مؤخرًا، دعت إلى قطع التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك المساعدات المقدمة للقبة الحديدية؛ ودعم "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين، وإقامة يوم تذكاري رسمي للنكبة، وهذه الدوائر المعادية لإسرائيل بين أعضاء الكونغرس يزيد وزنها النسبي مع مرور الوقت مقابل القيادة المخضرمة، حتى أنه في مجلس النواب بات الصراع علنيا بين أنصار إسرائيل ومعارضيها، وهذا تطور مقلق لدى الاحتلال، وفقا لصحيفة معاريف.