انتهت محكومية عدد كبير من معتقلي جمعية الإصلاح الإماراتية، الذين قضت المحكمة الاتحادية العليا بسجنهم 10 سنوات كاملة، بعد القبض عليهم في الأعوام (2012-2013).
وقال مصدر حقوقي إماراتي لـ"عربي21"، إن مدير مكتب التخطيط الاستراتيجي بالدائرة المالية في أبوظبي أحمد غيث السويدي، والمدير السابق للتفتيش القضائي في أبو ظبي أحمد الزعابي، أنهيا محكوميتهما بالسجن 10 سنوات في 26 آذار/ مارس الماضي.
ولفت المصدر إلى أن محكومية ستة معتقلين آخرين في قضية "جمعية الإصلاح" انتهت في آذار/ مارس أيضا، وهم الأكاديمي علي الحمادي، وعضو هيئة كبار العلماء محمد الصديق (والد الناشطة الراحلة آلاء الصديق)، بالإضافة إلى رئيس قسم التدريب والتطوير في بلدية أبوظبي حسين الجابري، وشقيقه حسن.
كما انتهت محكومية كل من شاهين الحوسني، وإبراهيم المرزوقي، والشيخ سلطان بن كايد القاسمي، ابن عم حاكم رأس الخيمة ورئيس "دعوة الإصلاح"، بالإضافة إلى محكوميات كل من الداعية صالح الظفيري، وأمين عام مجلس النفط في الشارقة سالم السويدي، بالإضافة إلى المعتقلين خالد اليماحي، وأحمد النعيمي.
اللافت أن 7 معتقلين آخرين على خلفية "جمعية الإصلاح" أنهوا محكومياتهم في الفترة بين 2017 و2020، إلا أن السلطات لا تزال تواصل اعتقالهم.
والمعتقلون السبعة هم "عبد الله الحلو، عبد الواحد الشحي، خليفة ربيع، عمران الحارثي، محمود الحوسني"، بالإضافة إلى الشقيقين عبد الله وفهد الهاجري.
"وعود زائفة"
قال المصدر الحقوقي الإماراتي، إن المعتقلين الذين انتهت محكومياتهم قد يجدون مصير زملائهم في ذات القضية ممن أمضى بعضهم أكثر من ألف يوم منذ انتهاء محكوميته دون الإفراج عنه.
وتابع أنه بالسنوات الماضية، كان يتم إبلاغ ذوي المعتقلين من قبل مسؤولين بأن هناك نوايا حقيقية للإفراج عنهم، إما عند حلول المناسبات الدينية (رمضان والأعياد)، أو بالمناسبات الوطنية (اليوم الوطني).
وأوضح أن جميع تلك الوعود كانت "زائفة"، ولم يتم الإفراج سوى عن عدد قليل من المعتقلين، وتحت شروط من ضمنها الظهور في برامج تلفزيونية والإدلاء بمعلومات واعترافات لم يرتكبوها.
وفي الثاني من تموز/ يوليو 2013 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي، حكمها في قضية "جمعية الإصلاح"، التي اتُهم أعضاؤها بإنشاء تنظيم سري يهدف إلى قلب نظام الحكم.
صنّف القاضي آنذاك فلاح الهاجري المتهمين الـ94 إلى 4 فئات، الأولى حكم عليها غيابيا بالسجن 15 سنة، وهم 8 مواطنين خارج الإمارات.
والصنف الثاني وهو الأكبر، 56 مواطنا، تم الحكم عليهم بالسجن 10 سنوات، فيما حكم على خمسة مواطنين بالسجن 7 سنوات.
وبرّأ القاضي 25 متهما من القضية، وجلهم من النساء، وذلك في جلسة الحكم مطلع تموز/ يوليو 2013.
ومن أصل 61 معتقلا على خلفية هذه القضية، أفرجت السلطات عن 7 فقط، برغم انتهاء محكومية نحو 20 منهم، علما أن شهر آذار/ مارس من العام المقبل سيشهد انتهاء محكومية جميع معتقلي "الإصلاح".
اقرأ أيضا: مجلة: ما التغيرات المتوقعة بالإمارات بعد رئاسة ابن زايد؟
"مراقبة ومناصحة"
عندما أصدر القضاء الإماراتي أحكامه ضد المعتقلين، أتبع أحكام السجن 10 سنوات ضد 56 متهما بالمراقبة لمدة ثلاث سنوات بعد انتهاء الحكم.
وبعد نحو ست سنوات من صدور الأحكام، وفي نيسان/ أبريل 2019، أنشأت الإمارات "المركز الوطني للمناصحة"، والذي يعني السماح بنص قانوني جديد بتمديد اعتقال من انتهت محكوميتهم، لزعم القضاء أن "فكرهم المتطرف أو المنحرف" لم يتعدّل.
وبحسب قوانين مركز الإصلاح، فإنه "يقدم المركز إلى النيابة المختصة تقريراً دورياً كل ثلاثة أشهر عن النزلاء، مبيناً فيه مدى الحاجة إلى استمرار إيداعهم أو الإفراج عنهم، ولا يتم إخلاء سبيل السجناء إلا بقرار من النائب العام أو من المحكمة المختصة بناءً على طلب النائب العام".
بيد أن مصدرا قال لـ"عربي21" إن النزلاء المنتهية محكومياتهم لا يزال يقبع جلهم في سجن الزرين سيء السمعة في أبو ظبي، ولم يتم نقلهم إلى أي منشأة أخرى تتبع لمركز المناصحة.
فيما يخشى حقوقيون من أن الإمارات تضغط على من انتهت محكوميته للخروج في فيديوهات مصورة تتبرأ من جماعة الإخوان المسلمين وتهاجمها، على غرار ما فعل مع ثلاثة من المعتقلين؛ بدر البحري، وأسامة النجار، وعثمان الشحي، عند بث تسجيلات لهم تهاجم دعوة الإصلاح، مع صدور قرار رئاسي بالعفو عنهم.
وقالت مصادر لـ"عربي21" إن السلطات دأبت خلال السنوات الماضية على ربط الإفراج عن المعتقلين بتقديم الأخيرين تراجعات علنية عن أفكارهم، برغم انتهاء محكومياتهم.
"معايير فضفاضة"
في تقرير جديد لها صدر اليوم الإثنين، ذكرت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، أنه "ليس لدى السجناء طريقة مفيدة للطعن في استمرار احتجازهم لأن قانون المناصحة فضفاض، وغامض، وهو أحد أشكال الاحتجاز التعسفي".
وقالت المنظمة إن السلطات الإماراتية لم تكتف بحبس هؤلاء الأشخاص لمدد وصلت إلى 10 سنوات لمجرد طرحهم آراء لا تحتوي على أي تحريض على العنف، أو الإخلال في النظام، بل تقوم حاليا بمعاقبتهم بتمديد اعتقالهم.
ولفتت إلى أن الإمارات تبرر استمرار الحبس بعد انتهاء مدة عقوبة السجن بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2014، إذ نصت المادة 40 فيه على السماح للمحاكم بناء على طلب النيابة العامة بوضع أي شخص "يتبنى الفكر المتطرف أو الإرهابي" في "مراكز المناصحة".
وتابعت "أمنستي" في تقريرها الذي اطلعت عليه "عربي21": "تمكن ثلاثة سجناء هم بدر الحمادي، وأحمد الملا، وفيصل الشحي، من الطعن في قرار تمديد اعتقالهم أمام المحكمة الاتحادية العليا، لكن المحكمة رفضت التماسهم، وأبلغتهم أنهم لا يزالون يحملون أفكارًا متطرفة".
وعلقت المنظمة بأن "معيار الأفكار المتطرفة أو الإرهابية غامض للغاية".
أول مناشدة لابن زايد
بعثت 14 منظمة حقوقية، أول رسالة مناشدة للرئيس الإماراتي محمد بن زايد بعد توليه المنصب رسميا في أعقاب وفاة أخيه الشيخ خليفة بن زايد منتصف الشهر الجاري.
وطالبت المنظمات بضرورة "التدخل الفوري من أجل الإفراج عن معتقلي الرأي، ومعالجة هذا الملف بشكل حاسم ونهائي".
ودعت الرسالة محمد بن زايد إلى "إعطاء الأولوية لملف معتقلي الرأي، والنظر له كحالة إنسانية مستعجلة، تستلزم التدخل الفوري والمباشر".
وأكدت الرسالة أن "غياب السياسات المتجذرة في معايير حقوق الإنسان يمثل وصمة عار على سمعة الإمارات الدولية وتهديداً لصورتها كدولة مؤمنة بقيم التسامح والانفتاح، وهو ما يتطلب من رئيس الدولة العمل على وقف كل أشكال الانتهاكات في حق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وحثت المنظمات في رسالتها، محمد بن زايد على العمل لفرض احترام حقوق الإنسان ليس فقط بالإفراج عن معتقلي الرأي بل أيضاً من خلال ضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات، مشيرة إلى "ضرورة أن يقوم الرئيس بالإيعاز إلى مؤسسات الدولة بالامتثال للمعايير الدولية لمعاملة السجناء وإعطاء معتقلي الرأي حقوقهم كالرعاية الطبية والزيارات العائلية المنتظمة إلى حين الإفراج عنهم".
لماذا تتجاهل مصر تحقيقا فرنسيا بسرقة آثارها وبيعها للإمارات؟
هل يطلق الأسد المعتقلين تنفيذا لمقاربة "خطوة مقابل خطوة"؟