يطلق عليه وصف "جنرال الأرض المحروقة" في جميع المناطق، التي دخلها الجيش الروسي في الشيشان وسوريا وأوكرانيا.
يعتمد التكتيك العسكري نفسه الذي استخدمه في تدمير وحصار حلب والمدن السورية، في الحرب ضد مدينة ماريوبول الواقعة جنوب أوكرانيا.
ويفضل كثيرون أن يطلقوا على الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، المولود عام 1962 في مدينة فولوغدا أوبلاست في روسيا، "جنرال بوتين المفضل".
أمضى نحو 40 عاما في الخدمة العسكرية، وبعد أن تخرج في مدرسة سوفوروف التمهيدية العسكرية عام 1980، التحق بالأكاديمية العسكرية في مدرسة كييف العليا لقيادة الأسلحة المشتركة التي تخرج منها عام 1984.
خدم في وقت لاحق ضمن مجموعة القوات السوفيتية في ألمانيا، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، خدم في منطقة القوقاز، ثم انتقل إلى هيئة الأركان العامة.
وعمل في إدارة العمليات الرئيسية التابعة الأركان العامة حتى عام 2001.
وأصبح فيما بعد رئيس الأركان لمنطقة موسكو العسكرية عام 2009، وأصبح رئيسا لمركز القيادة المركزية التابعة للأركان العامة عام 2012.
تدرج الجنرال الروسي في المناصب العسكرية حتى 2014، حين أسست روسيا مركز إدارة الدفاع الوطني، المعروف أيضا باسم مركز مراقبة الدفاع الوطني، وهو مركز القيادة العليا لوزارة الدفاع والقوات المسلحة الروسية، وعين الجنرال ميزينتسيف رئيسا للمركز.
ويملك هذا المركز أقوى كمبيوتر عسكري عملاق في العالم بسرعة 16 بيتافلوب وسعة تخزين 236 بيتابايت، حسب ما نشرت مجلة "الأخبار العسكرية" الروسية.
اقرأ أيضا: بوتين يحاصر "خادم الشعب" في كييف (بورتريه)
أطلق بعض المتابعين للشأن السوري على ميزينتسيف لقب "أمير الحرب عن بعد"، ويقول مؤلف كتاب "جيش الصين الخاص" أليساندرو أردينو في مقال على موقع "أرب ويكلي"، إن الحرب في سوريا شهدت استخدام الطائرات بدون طيار، والمركبات الروسية التي يتم التحكم فيها عن بعد.
واعتبر مختصون، أن الأراضي السورية والشعب السوري، شكلا ساحة اختبار لمنظومة متكاملة من الأسلحة، التي لم تجرب مسبقا من قبل أطراف عدة في مقدمتها روسيا.
وكان النظام السوري توجه بطلب رسمي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للحصول على مساعدة الجيش الروسي عام 2015، ومواجهة المعارضة السورية.
وبينما لم يتم ربط اسم الجنرال ميزينتسيف مباشرة بقيادة العمليات العسكرية، إلا أنه ترأس "مركز التنسيق الروسي السوري لإعادة اللاجئين السوريين" فيما بعد.
من خلال دوره القيادي في وزارة الدفاع، كان من المحتمل أيضا أن يكون ميزينتسيف قد ساعد في وضع استراتيجية عسكرية لروسيا في سوريا، بما في ذلك الحصار الدموي لحلب، الذي يتوازى بشكل دقيق مع ما تتعرض له مدينة ماريوبول .
ويقول مراقبون نشرت تصريحاتهم صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، إن حصار حلب "تميز بدرجة لا مثيل لها من الوحشية والمعاناة" خلال الصراع بأكمله.
وأثناء حصار حلب، استخدمت القوات الروسية القنابل العنقودية، والأسلحة الكيماوية، والقنابل الحارقة، المحظورة بموجب المواثيق الدولية، وغالبا ما استهدفت بها مناطق مدنية.
وظهرت أدلة على استهداف المستشفيات بشكل منهجي في حلب، وتم تدميرها بالكامل في نهاية المطاف في غارات الطيران الروسي.
وحتى الممرات الإنسانية، التي فتحت أمام المدنيين الراغبين في الفرار من القتال، تحولت إلى طرق للقتل والاعتقال والإعدام الميداني التي يفترض أنها "آمنة".
ويشابه مصير سكان ماريوبول في أوكرانيا ما حدث لأهالي حلب، وإن كان على نطاق أقل.
اقرأ أيضا: "حكيم الكويت" رحل قابضا على فكر "القوميين العرب" (بورتريه)
الإعلام الغربي يتهم ميزينتسيف بـ"ارتكاب جرائم فظيعة" خلال الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى بات يوصف بأنه "جزار ماريوبول"، وبأنه يشرف شخصيا على الهجوم المستمر على المدينة.
وتحولت مدينة ماريوبول إلى "جحيم مليء بالجثث والمباني المدمرة"، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
وقالت رئيسة المركز الأوكراني للحريات المدنية عن الجنرال ميزينتسيف، إن "لديه خبرة كبيرة في تدمير المدن في سوريا".
وإلى جانب روسيا وأوكرانيا، أشرف الجنرال ميزينتسيف على جهود إنشاء أكثر من 1450 منشأة عسكرية وأجهزة رادارات واتصالات في القطب الشمالي، حسب ما نشرت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية.
ويصف مستشار وزارة الشؤون الداخلية في أوكرانيا أنطون هيراشينكو، الجنرال ميزينتسيف، بأنه "المفضل لدى بوتين"، وهو الذي أعطى الأوامر بإطلاق النار على أهداف مدنية في ماريوبول، على حد تعبيره.
وتعتبر المدينة هدفا رئيسيا لموسكو، التي تريد تأمين التواصل بين القوات الروسية في شبه جزيرة القرم، في الجنوب، والأراضي التي تسيطر عليها روسيا في الشمال والشرق، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".
الجنرال ميزينتسيف يرد على الأوكرانيين ويصفهم بأنهم "قطاع الطرق"، و"النازيون الجدد"، و"القوميون الذين شاركوا في الإرهاب الجماعي وقتلوا سكان المدينة"، على حد تعبيره، قائلا إن" قوات الجيش الروسي ساعدت في إجلاء نحو 60 ألف من أهل المدينة".
ويواصل ميزينتسيف الرد على منتقديه بأن "النازيين (الأوكرانيين) جعلوا أكثر من 4.5 مليون أوكراني وأكثر من 6500 أجنبي دروعا بشرية لهم في المدن والمناطق التي يتحصنون بها في أوكرانيا".
دفاع ميزينتسيف لم يمنع كندا من وضعه على لائحة عقوبات اقتصادية، فيما قالت لندن إنها وضعته على قوائم العقوبات وحملته "المسؤولية عن تخطيط وتنفيذ حصار وقصف مدينة ماريوبول"، بعد أن وصفته الخارجية البريطانية بـ"جزار ماريوبول".
واتهمته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، بأنه هو الذي أمر بقصف مستشفى للأطفال ومسرح الدراما في ماريوبول، وهو المسؤول كذلك عن تدمير مدن سورية.
قد يكون الجنرال ميخائيل ميزينتسيف الأكثر ظهورا في وسائل الإعلام من بين جميع العسكريين الروس، وحتى السياسيين بما فيهم وزير الخارجية ووزير الدفاع، فهل أصابت الخارجية البريطانية حين قالت بأن "لديه نظرة عامة تشغيلية لجميع أنشطة القوات المسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم؟".