سياسة عربية

سعيّد يطرح قانون تصالح مع متورطين بالفساد.. رفضه القضاء

يعتبر هذا المشروع من أبرز الوعود التي قدمها سعيد منذ 25 تموز/ يوليو الماضي- الأناضول

صادق مجلس الوزراء التونسي على ثلاثة مراسيم مساء الأحد، من بينها مرسوم للصلح الجزائي بين الدولة ورجال أعمال متورطين في قضايا فساد مالي، وهو ما يُعتبر من أبرز وعود الرئيس قيس سعيّد منذ إعلانه الإجراءات الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو الماضي.

 

وقال الرئيس سعيّد إن طرح مشروع المرسوم جاء "حتى يسترد الشعب أمواله المنهوبة"، مؤكدا أنه "إجراء قانوني معروف.. وعوض الزج بالمتهم في السجن، يدفع الأموال التي تمتع بها بشكل غير مشروع إلى الشعب".


وأشار قيس سعيّد، في كلمة بثتها الرئاسة التونسية عبر "فيسبوك"، بمناسبة إحياء ذكرى الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي (1881- 1956)، الموافقة لـ20 آذار/ مارس من كل عام إلى أن "الأموال ستعود إلى الفقراء والمعتمديات الفقيرة بعد ترتيبها من الأكثر إلى الأقل فقرا، وستعود الأموال إلى أصحابها الشرعيين".

 


وشدد على أن هذه النصوص القانونية التي تم بحثها، الأحد، في عيد الاستقلال، هي "نصوص تاريخية ولن تبقى على الرفوف، بل ستجد طريقها إلى التنفيذ"، قائلاً: "في ذكرى عيد الاستقلال، نريد أن نصنع تونس جديدة تقوم على الحرية والعدل".


وأوضح التلفزيون الحكومي أن مرسوم الصلح تم بين الدولة ورجال أعمال متورطين في قضايا فساد مالي مقابل مشاريع تنموية.


وبعد الإشارة له في عديد المناسبات، أصدر سعيّد مشروع الصلح الجزائي الخاص بالمتورطين في الجرائم الاقتصادية والمالية، على أن تصالح الدولة من يتهمهم الرئيس بنهب ثروات ومقدرات البلاد والملك العام طوال السنوات الماضية.


ويراهن سعيّد على مشروع الصلح الجزائي بهدف استعادة هذه الأموال، وتوظيفها في تحقيق مشاريع استثمارية وتنموية في البلاد يتكفل بها كل من تورط في النهب.


وبحسب الرئيس التونسي، فإن رجال الأعمال المتورطين في نهب ثروات تونس مطالبون بإنجاز مشاريع تنموية داخل المناطق المفقرة والأقل حظا في التنمية، بحسب جدول يرتبهم تنازليا، بحيث يتكفل الأكثر فسادا بالمناطق الأكثر فقرا، حتى تتم المصالحة مع الدولة.


وفسر سعيّد مشروعه بأنه ينبغي على المتورطين القيام ببناء مدارس ومستشفيات ومصحات عمومية ومرافق خدمات حكومية وخلق موارد رزق للعاطلين عن العمل في تونس، وذلك باستثمار الأموال المنهوبة لفائدة المحليات التي تشكل لجانا لتحديد حاجياتها ومطالبها التنموية، وليس من حقهم تحقيق مكاسب وأرباح منها. 


ويقدر الرئيس التونسي الأموال المنهوبة في تونس والتي سيتم استعادتها بنحو 13.5 مليار دينار (4.8 مليار دولار).


ولطالما أكد الرئيس التونسي أن مرسوم الصلح الجزائي جاهز، وسيتم عرضه على مجلس الوزراء، كما أنه ردد مرارا أن عراقيل وعوائق تحول دون قيامه بالإصلاحات التي يريدها الشعب.


وفي وقت سابق، أعلن المجلس الأعلى للقضاء رفضه لمشروع قانون الصلح الجزائي الذي أعلنه سعيّد، وهو ما يُعتبر أبرز أسباب تصاعد الخلاف والصدام بينهما، وصولا إلى مرسوم الرئاسة بحل المجلس وتعويضه بآخر مؤقت، ما أثار ردود فعل رافضة محليا ودوليا.


وفي رده على على المرسوم الرئاسي المتعلق بمشروع الصلح الجزائي، الذي أحالته إليه وزارة العدل للاستشارة، فقد اعتبر مجلس القضاء أنه لا يمكن القيام بإصلاحات جوهرية للمنظومة القضائية وللقانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء أثناء سريان الحالة الاستثنائية، معتذرا عن إبداء الرأي في الوثيقة برمتها.


وأظهرت المراسلة أن مشروع المرسوم جاء ليضبط إطارا مرجعيا للمصالحة الجزائية مع الذين تورطوا في جرائم اقتصادية ومالية، سواء منهم الأشخاص الواردة أسماؤهم في تقرير اللجنة الوطنية حول الفساد والرشوة، أو كل من تتعلق به قضايا فساد مالي واقتصادي لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي.


ويقوم المرسوم على إحداث هیكل قضائي ملحق بمحكمة الاستئناف في تونس، و"القطب القضائي للصلح الجزائي" تتكون تركيبته من 21 قاضيا من ذوي الاختصاص من بين القضاة المباشرين في المحاكم من الصنف العدلي والإداري والمالي.

 

اقرأ أيضا: آلاف التونسيين يخرجون في تظاهرة باتجاه البرلمان (شاهد)

وذكّر المجلس الأعلى للقضاء في معرض رده في ذلك الوقت، بقراره "رفض المساس بواسطة المراسيم بالبناء الدستوري للسلطة القضائية وبالضمانات المكفولة للقضاة هيكليا ووظيفيا"، وبأنه "يتعين أن يتم التقيد عند المبادرة بأي إصلاح يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، بالمبادئ وبالضوابط التي جاء بها الدستور، على ألا يكون ذلك في إطار التدابير الاستثنائية المتعلقة حصرا بمجابهة الخطر الداهم المبرر لإعلان حالة الاستثناء".