حقوق وحريات

تقرير: الكشف عن مقابر جماعية توثق لجرائم النظام في سوريا

"الأورومتوسطي": الكشف عن تفاصيل مقبرتين جماعيتين دفنت فيهما قوات النظام السوري آلافًا من الأبرياء

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى تفعيل أدوات الضغط والمساءلة المشروعة في سوريا لمحاسبة نظام الرئيس بشار الأسد عن انتهاكاته الوحشية لحقوق الإنسان، في ضوء الكشف عن مواقع لمقابر جماعية تضم رفات آلاف الأشخاص ممن قضوا على يد قوات النظام السوري.

وقال المرصد الأورومتوسطي، في بيان له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21": إنّ التحقيق الصحافي الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وحددت فيه موقعين لمقبرتين سريتين تضم كل واحدة منهما رفات آلاف الضحايا الذين قُتلوا على يد قوات النظام السوري، دليل آخر يُضاف إلى قائمة طويلة من الجرائم التي ارتُكبت ضد السوريين، بمن فيهم معتقلون قضوا تحت التعذيب في السجون الحكومية.

واستند التحقيق إلى مقابلات مع أربعة سوريين عملوا في مقابر جماعية سريّة، اثنان منهم لاجئان في ألمانيا، وواحد في لبنان والآخر في سوريا، حيث فضّل ثلاثة منهم إبقاء هوياتهم مجهولة، خوفًا من التعرض وعائلاتهم إلى أعمال انتقامية من النظام السوري.

وقال أحد الشهود الذين أدلوا بإفاداتهم: إنّ المقبرة التي كان يعمل بها تقع في إحدى القرى القريبة من العاصمة دمشق، حيث كانت الجثث تُرسل من مراكز الاحتجاز إلى المستشفيات، ومن ثم تُنقل في شاحنات عسكرية أو شاحنات تبريد مخصصة لنقل الطعام إلى موقع المقبرة. وأوضح أنّ العديد من الجثث كانت بها علامات تشير إلى التعذيب كالكدمات المختلفة والأظافر المنزوعة، بالإضافة إلى تحلل بعضها في إشارة على مرور بعض الوقت على حدوث الوفاة.

وقال مدير العمليات في المرصد الأورومتوسطي "أنس جرجاوي": إنّ الكشف عن تفاصيل مقبرتين جماعيتين دفنت فيهما قوات النظام السوري آلافًا من الأبرياء ينبغي أن يشكل دافعًا قويًا لإطلاق جهود دولية جادة ومنسّقة لمحاسبة المسؤولين السوريين على جرائم الحرب التي ارتكبت ضد المدنيين منذ عام 2011.

وأضاف: "إنّ هذا الكشف المهم يفضح جزءًا بسيطًا من الأعمال الوحشية التي نفّذتها قوات النظام السوري ضد المدنيين والمعارضين ومعتقلي الرأي، إذ تشير التقديرات إلى وجود عدد كبير من المقابر الجماعية الأخرى التي تحوي جثث آلاف من الضحايا ممن قتلوا بطرق بشعة وصلت في بعض الأحيان إلى الحرق أحياء، لمجرّد انخراطهم في نشاطات معارضة للنظام".

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الأفعال لا ينبغي التسامح مع مرتكبيها أو الاستمرار في دعم شرعيتهم بأي شكل من الأشكال، إذ ما يزال بمقدور المجتمع الدولي استخدام العديد من الأدوات الفعّالة للضغط على المسؤولين السوريين لوقف انتهاكاتهم أولًا، ومن ثم محاسبتهم على جميع الفظائع التي كانوا جزءًا منها خلال أكثر من 11 سنة من النزاع في البلاد.

وأضاف أن على المجتمع الدولي أن يتصرف بحماس متساوٍ مع جميع القضايا الإنسانية حول العالم، وأن يبرز ذات الدعم والتعاطف والتضامن مع المضطهدين بغض النظر عن عرقهم أو ديانتهم أو لونهم أو ثقافتهم، ودون اعتبار للمصالح السياسية، إذ غالبًا ما يفقد الضحايا الأبرياء أرواحهم دون أن يكونوا على دراية بالأسباب التي قضوا لأجلها.

وأشار إلى ضرورة البناء على المحاكمة التاريخية للضابط السوري "أنور رسلان" في ألمانيا في يناير/ كانون ثاني 2022، والتي انتهت بإدانته بالسجن مدى الحياة، ورفع قضايا جديدة بحق جميع المسؤولين السياسيين والأمنيين والعسكريين السوريين المتورطين في الجرائم التي ارتُكبت على مدار السنين الماضية.

وقُتل، بحسب الأمم المتحدة، منذ آذار (مارس) 2011 نحو 350 ألف سوري، وشُرّد نحو 14 مليونا آخرين. كما وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 14.664 سوريًا بسبب التعذيب، إضافة إلى تعرّض نحو 15.146 إلى الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري.

 

ووفق تقرير للأمم المتحدة فإن أكثر من 14.6 مليون شخص سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. ويشمل ذلك 5.3 ملايين نازح داخلي.