مقابلات

مسؤولة ليبية: مجلس الدولة لا يدعم حكومة الدبيبة أو باشاغا

ماجدة الفلاح

قالت عضو المجلس الأعلى للدولة وعضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، الدكتورة ماجدة الفلاح، إن "مجلس الدولة لا يدعم حكومة الدبيبة أو حكومة باشاغا، لأنه يرى أنه ليس من أولوياته الخوض في أمور السلطة التنفيذية، بينما مجلس النواب يتحمل مسؤولياته تجاه اختياره وثقته التي أعطاها للسلطة التنفيذية الجديدة".

وأوضحت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "المجلس الأعلى للدولة سيعقد جلسة خاصة يوم الأحد المقبل لتشكيل لجنة للتواصل مع مجلس النواب، من أجل وضع قاعدة دستورية للذهاب للانتخابات".

ولفتت "الفلاح" إلى أن "مجلس الدولة صوّت خلال اجتماعه السابق على آلية انتخاب اللجنة، وفي الجلسة القادمة سيكون هناك انتخاب لهذه اللجنة، وبعد تشكيلها مباشرة سنبدأ التواصل مباشرة مع مجلس النواب".

فيما عبّرت عن أملها في ألا يكون "هناك أي صدام داخل العاصمة الليبية طرابلس، وأن يكون الحوار هو سيد الموقف في أي إجراء قادم"، مشدّدة على أن "التوافق المأمول ينبغي أن يكون مبنيا على تسوية سياسية، ومصالحة وطنية حقيقية تضمن جبر ضرر الضحايا".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تنظرون لحالة الصراع الجديدة التي باتت موجودة في ليبيا على خلفية التنافس بين حكومتي الدبيبة وباشاغا؟


الحقيقة أن حالة الصراع لم تنته منذ عام 2014؛ فهي حالة متعاقبة من الصراعات، والجميع يعلم أن الصراع حول السلطة، ومع كل تغيير للحكومة يتجدد هذا الصراع؛ فقد شاهدنا هذا الصراع عقب اتفاق الصخيرات، مع تولي حكومة السراج، والآن يتجدد الصراع على السلطة مرة أخرى بعد شروع مجلس النواب في تغيير السلطة التنفيذية، عقب الإعلان عن تأجيل الانتخابات.

ما الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تأزم الأوضاع مُجددا؟


السبب الرئيس هو إطالة أمد السلطات الحالية، وعدم الذهاب لتعزيز الشرعية من خلال الانتخابات؛ فالأساس الذي قامت عليه مفاوضات جنيف هو تعديل أو تغيير السلطة التنفيذية حتى تبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، وتقديم الخدمات للمواطنين حتى يتسنى لنا إجراء الانتخابات، وبالتالي أدى تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021 إلى تعقيد وتأزيم المشهد، والأمر الذي زاده تعقيدا هو تعيين السلطة التنفيذية دون تحديد موعد الانتخابات الجديدة، ومن ثم منح الشرعية للأشخاص الموجودين على الساحة، خاصة أن ذلك يتزامن مع تعثر في تقديم الخدمات للمواطن، وعدم بسط الحكومة سيطرتها على كامل التراب الليبي.

هل هناك جهود حالية لمحاولة إنهاء الأزمة الليبية؟


الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة لم تتوقف؛ فهناك الكثير من الجهود على رأسها مبادرة المجلس الأعلى للدولة التي تقدم بها بعد رفضه للتعديل الدستوري الثاني عشر في الإعلان الدستوري المؤقت، وهذه المبادرة تتضمن تشكيل لجنة من داخل المجلس للتواصل مع مجلس النواب للاتفاق على قاعدة دستورية؛ لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن لتعزيز الشرعية، وقد توافقت هذه المبادرة مع مبادرة السيدة ستيفاني وليامز - مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا – التي دعت لتشكيل لجنة من المجلسين (مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة) لوضع قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

بتقديركم، هل هناك فرص حقيقية لتكلل تلك الجهود بالنجاح؟


أعتقد أن الإرادة الليبية المجتمعية، وحراك الشارع سيؤتي أكله إن كانت هذه الإرادة جادة؛ فحالة المجتمع تفرض على متصدري المشهد السياسي أن يتجهوا نحو قرار متسق مع الإرادة الشعبية في إجراء الانتخابات، لأن المؤشر الحقيقي الآن يوضح أن الشارع يرغب في الذهاب للانتخابات، لأن الليبيين ملوا من المراحل الانتقالية، والجميع يعلم أن المراحل الانتقالية يشوبها الكثير من الفساد، والفوضى، كما تقل فيها جودة الخدمة المُقدمة للمواطن، حتى يتمتع الليبيون بمرحلة يسودها الاستقرار، وتتحرك فيها عجلة الاقتصاد، ويحصل فيها المواطن على حقه من الخدمات الأساسية والكريمة.

ما صحة ما يُقال بأن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، ينفرد بالقرار داخل المجلس الأعلى للدولة، وأن المجلس تسوده حالة من الانقسام والتخبط؟


أعضاء المجلس الأعلى للدولة يمارسون حقهم في اتخاذ القرار، والدليل على ذلك: عندما التقت لجنة خارطة الطريق مع لجنة مجلس النواب في طبرق، ثم عادت بالمقترح المتوافق عليه بين اللجنتين، وتسرّع مجلس النواب في التصويت عليه قبل عرضه على المجلس الأعلى للدولة - الذي رفضه عندما عُرض عليه – تم رفض هذا الإعلان الدستوري (الثاني عشر) من قِبل أعضاء المجلس؛ لأن أي قرارات من رئاسة المجلس الأعلى للدولة لا بد أن تُعرض على أعضاء المجلس الأعلى للدولة وفقا للائحة الداخلية للمجلس، ولا تمرر أي قرارات للرئاسة إلا بعد موافقة أعضاء المجلس، وأما بخصوص التزكيات فلم تعرض على المجلس الأعلى للدولة، وهو ما ذكره خالد المشري في تصريح صحفي.

كيف ترون الدعوات التي تنادي بحل مجلسي النواب والأعلى للدولة؟


من حق الشعب – وهو مصدر السلطات – أن يطالب بإجراء الانتخابات التي كان يفترض إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لأن الجميع يعلم أن من أحيا هذه المجالس هو اتفاق الصخيرات، وبحسب اتفاق جنيف كان يجب أن تجرى الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، وتم تأجيلها لوجود "قوة قاهرة" – بحسب ما ذكرته المفوضية العليا للانتخابات – وأنا أؤيد حق الشارع في الذهاب لانتخابات جديدة وانتخاب مجلس نواب آخر يوحد من خلاله البلاد، وانتخابات رئاسية تقوم على قاعدة دستورية تحدد اختصاصات السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بوضوح، ويتحقق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث.

لكن كيف ستعقد الانتخابات بينما حكومة الوحدة الوطنية لا تستطيع الوصول للشرق أو الجنوب؟


من المقرر أن يجلس المجلسان (الأعلى للدولة ومجلس النواب) للوصول إلى توافق بخصوص الانتخابات، والعمل على وضع قاعدة دستورية، وإذا رأوا أن السلطة التنفيذية لا تستطيع إجراء الانتخابات يجري الاتفاق على تعديل السلطة التنفيذية، لكن الأولوية التي يراها المجلس الأعلى للدولة الآن هي الوصول لقاعدة دستورية، وتحديد موعد الانتخابات، ثم الاتفاق على آلية إجراء هذه الانتخابات، سواء من خلال هذه الحكومة أو تلك.

البعض يرى أن مجلس النواب لا يزال عند موقفه من دعم حكومة باشاغا التي هي بصدد الدخول لطرابلس خلال ساعات.. ما تعقيبكم؟


المجلس الأعلى للدولة ناقش هذا الأمر، ورأى أنه ليس من أولوياته الخوض في أمور السلطة التنفيذية، ومجلس النواب يتحمل مسؤولياته تجاه اختياره وثقته التي أعطاها للسلطة التنفيذية، ونأمل ألا يكون هناك أي صدام داخل طرابلس، ويكون الحوار هو سيد الموقف في أي إجراء قادم.

ونحن نرى أن التوافق بين الليبيين هو الأصل في أي إجراء، لكن لا بد أن يكون هذا التوافق مبنيا على تسوية سياسية، ومصالحة وطنية حقيقية، خاصة وأن الحرب على طرابلس خلّفت الكثير من الضحايا والدمار، فالتوافق يجب أن يبنى على أسس صحيحة، وتكون المصالحة ركن أساس فيه، حتى تمهد الأرض لهذا التوافق ويكون دائما ومستمرا، ويجبر فيه ضرر هؤلاء الضحايا.

هل هناك وساطات خارجية لرأب الصدع في ليبيا؟


ليست عندي معلومات بخصوص التدخلات الدولية في هذا الصدد.

هل هناك اجتماعات قريبة بين المجلسين لمحاولة التوافق؟


بعد رفض المجلس الأعلى للدولة للإعلان الدستوري، تم التصويت في نفس الجلسة على مبادرة لتشكيل لجنة للتواصل مع مجلس النواب لوضع قاعدة دستورية للذهاب للانتخابات، وأعتقد أن مبادرة بعثة الأمم المتحدة برئاسة ستيفاني وليامز تصب في نفس الصدد، وهو تشكيل لجنة مشتركة بين المجلسين، وآمل أن يوفق المجلسان في تشكيل تلك اللجنة والجلوس لوضع قاعدة دستورية ثم الذهاب للانتخابات، وأيضا التوافق على مصالحة وطنية، وتسوية سياسية حتى يكون التوافق على أرضية صلبة.

بخصوص هذه اللجنة، هل بدأت فعليا التواصل مع مجلس النواب؟


ستعقد يوم الأحد جلسة داخل المجلس الأعلى للدولة لتشكيل هذه اللجنة؛ فقد تم التصويت على آلية انتخاب اللجنة، وفي الجلسة القادمة سيكون هناك انتخاب لهذه اللجنة، وبعد تشكيلها مباشرة سيبدأ التواصل مع مجلس النواب.

ما مدى تفاؤلكم بنجاح هذه اللجنة؟


التفاؤل دائما موجود؛ فنحن الليبيون يربطنا مصير واحد، والتوافق والصلح بيننا والوصول للاستقرار هو هدف كل ليبي، وغايتنا أن يستمر هذا الاستقرار – وإن كان هشا- وتثبيته من خلال الجلوس على طاولة الحوار وزيادة التوافق بين الليبيين.

لكن ماذا لو فشلت جهود المجلس الأعلى للدولة؟


نأمل ألا تفشل؛ فليس لدينا إلا طاولة الحوار التي ندعو لها دائما، والتواصل دائما يحل الكثير من المشاكل، لأن الخيارات الأخرى ستكون صعبة وقاسية.

هل فشلت حكومة الدبيبة في أن تصبح حكومة وحدة وطنية لكل الليبيين أم أنها "أُفشلت"؟


هناك العديد من المعوقات التي واجهت هذه الحكومة والحكومات السابقة في عدم قدرتها على بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، كما كان هناك انقسام داخل المؤسسات خلال الفترة الماضية، وغيرها من التحديات الأخرى، وأعتقد أن أهم ملف يواجه أي حكومة هو ملف المصالحة الوطنية الذي أُهمل في السابق، ولم يعط الأهمية التي يحتاجها، لأن المصالحة الوطنية هي أساس متين للاستقرار في هذه المرحلة والمراحل القادمة.

أيضا دخول بعض الدول لتأجيج الصراع، بجانب وجود المرتزقة، زاد من حدة انقسام البلاد. لذا نحتاج لجلوس جميع الأطراف، وتجديد الدعوة للحوار؛ للوصول لميثاق وطني، وتسوية سياسية، والعمل سريعا على ملف المصالحة الوطنية.

موقف مجلس الدولة مع أم ضد استمرار حكومة الوحدة الوطنية؟


مجلس الدولة لم يتدخل في هذا الموضوع، وأنا من الأعضاء الذين لا يهتمون بأمر السلطة التنفيذية، والاهتمام لدينا الآن بالجلوس مع مجلس النواب، ووضع قاعدة دستورية وإجراء الانتخابات، والخلاف بشأن الحكومة ليس من أولوياتنا في الوقت الراهن.

هل المصالحة الوطنية تعني طي صفحة الماضي بما لها أو عليها؟


خلال السنوات الماضية كان هناك عدوان على طرابلس، وسقط العديد من الضحايا؛ فأي توافق بدون تسوية سياسية ومصالحة وطنية أعتقد أنه معرض للرفض من شريحة كبيرة من الشعب الليبي، خاصة المتضررون من العدوان الذين فقدوا ضحايا خلال العدوان، وحتى نصل لتوافق متين يجب أن تكون المصالحة الوطنية جزءا من التسوية السياسية حتى تتوحد البلاد، وتجرى الانتخابات، وتشكل الحكومة، ويحصل كل ليبي (سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب) على حقوقه الأساسية.

كيف تنظرون لموقف المجلس الرئاسي الليبي من الأزمة الراهنة؟


من واجب المجلس الرئاسي أن يكون له دور مهم في المصالحة الوطنية، ودور في التفاوض بين الأطراف جميعا حتى يتم الجلوس على طاولة الحوار، وعدم تأجيج أي طرف ضد الطرف الآخر، والعمل على التهدئة، والوصول لتسوية سياسية.

لكن للأسف ما زالت جهوده متواضعة، ويحتاج لتكثيف جهوده في هذا الجانب.