رياضة دولية

كرة القدم.. من الرياضة الأكثر شعبية إلى ساحة للإجرام والفوضى

بسبب المعارك بين المشجعين المتنافسين- أرشيف

تحولت رياضة كرة القدم في السنوات الأخيرة إلى حالة من الفوضى والقلق؛ بسبب المعارك بين المشجعين المتنافسين، أو الذين يقتحمون الملاعب، أو ويرمون الأشياء فيها، أو بسبب تعاطي المخدرات؛ على حد السواء.


وقالت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن هناك العديد من المستويات المقلقة من الفوضى في المباريات، بدءًا بمقذوفات ألقيت من المدرجات في جوديسون بارك وستامفورد بريدج، وألعاب نارية ألقيت من مقاعد شارع بلومفيلد، وصولًا إلى القتال بين المشجعين، والمشاكل في الشوارع إثر المباريات، والتجاهل للقواعد ولتدابير السلامة.


وأشارت الصحيفة إلى أن الإحصائيات الصادرة عن وحدة شرطة كرة القدم في المملكة المتحدة -الشهر الماضي- بينت أن هناك زيادة في الاعتقالات بنسبة 47 بالمئة في موسم 2019/ 2020، وزيادة بنسبة 36 بالمئة في تقارير الاضطرابات في المباريات، لافتة إلى أنه لا يوجد تفسير واحد لهذه الزيادات، إلا أن هناك سلسلة من العوامل المساهمة أولها جائحة فيروس كورونا.


وأوضحت الصحيفة أن الإغلاق أدى إلى بقاء الناس في منازلهم لمدة 18 شهرًا وخارج الملاعب لمدة موسم ونصف تقريبا، وهو ما أدى إلى قيامهم بإطلاق الطاقة المكبوتة فيهم وتزايد السلوك الفوضوي بمجرد دخولهم الملاعب؛ حيث يقول جيف بيرسون، المحاضر البارز في القانون الجنائي، إنه بعد الجائحة؛ كانت هناك زيادة في السلوك المعادي للمجتمع واضطراب الإزعاج منخفض المستوى على نطاق أوسع، الذي يتمثل في العديد من الأفعال، أبرزها رمي الزجاجات البلاستيكية في الهواء، التي يرى المعجبون أنها لا تتعدى كونها أكثر من مجرد مخالفة وليست إجرامًا متعمدًا.


ويضيف بيرسون، بحسب الصحيفة، أن المشجعين يستمتعون بكرة القدم عن طريق الحفلات والهتافات التي يرونها الطريقة الأصيلة للقيام بذلك، والتي تعود إلى عروض كرة القدم التي كانت تُقام في الستينيات والسبعينيات، لكن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت تغييرًا هائلًا، فغالبًا ما يستخدم هؤلاء المشجعون الألعاب النارية، ويقومون بتحميلها كطريقة لإعادة صياغة للمشجع التقليدي.


وأشارت الصحيفة إلى أن ظاهرة تعاطي الكوكايين التي لم تكن جزءًا من ثقافة كرة القدم؛ أصبحت ظاهرة مرئية تغذي بشكل متزايد الاضطرابات والمشاحنات لساعات أطول، ولكن لا يزال هناك عدم يقين بشأن ما إذا كانت هذه الرؤية تتوافق مع الاستخدام المتزايد، ومدى تأثير هذا الاستخدام على السلوك.


وتلفت الصحيفة إلى البحث الذي تُجريه الدكتورة مارثا نيوسون، في هذا الخصوص، والذي يدور حول التماسك الاجتماعي والجماعات التي تشترك في هويات قوية؛ حيث لاحظت -في دراسة في العام الماضي- أن نسبة تعاطي مشجعي كرة القدم للكوكايين أعلى بكثير من عموم السكان، كما لاحظت وجود صلة بين هؤلاء المعجبين، الذين قالوا إنهم تناولوا الكوكايين وزيادة احتمالية التعرض للعدوانية، على الرغم من أن البحث لم يؤكد وجود صلة سببية.


ونوهت الصحيفة إلى أن هناك انتقالا سلسا بين ثقافة كرة القدم وبقية المجتمع؛ نظرًا لأنها بمثابة مرآة فورية تعكس ما حدث للمجتمع، لكنها تضخمت بسبب الوضع والقدر الهائل من التوتر، كما يُعد الوباء وتعاطي المخدرات من العوامل المؤدية إلى زيادة الاضطرابات؛ حيث أدى الوباء إلى حدوث اضطراب في العلاقات التي أقيمت بين مسؤولي كرة القدم التشغيليين المتخصصين ومجموعات المؤيدين، كما ارتفع عدد المباريات التي شاركت فيها الشرطة داخل الملعب هذا العام من 45 بالمئة في 2019/ 2020 إلى 66 بالمئة، ما يزيد من احتمالية الاعتقالات.


وتابعت الصحيفة قائلة إن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يسفر عن فقدان الضباط المدربين الذين عادوا إلى البر الرئيسي لأوروبا فحسب، بل دفعهم الوباء إلى ترك الأحداث والصناعات الرياضية والبدء في العمل في مناطق أخرى، مثل مواقع اختبار كوفيد، وكثيرًا ما تُركت هذه الفجوات شاغرة، أو عمل بها موظفون أقل خبرة، وهو ما جعل بعض الأندية تضطر للبحث عن أرقام الإشراف اللازمة.


وبحسب الصحيفة، فإنه في حين تشعر منظمات المؤيدين بالقلق بشكل خاص حول عمل الشرطة الذي يرتكز على المزيد من الاعتقالات للجرائم منخفضة المستوى، هناك أيضًا اعتقاد سائد مشترك بأن النهج طويل المدى سيركز أكثر على الشرطة المجتمعية القائمة على الاستخبارات، وهو ما يعلق عليه بيرسون بقوله: "أعتقد أن الأمر سيستقر لأن المشجعين المتورطين في الفوضى لا يمكنهم الاستمرار بهذا المعدل، سواء من الناحية الاقتصادية، أو فيما يتعلق بحياة أسرهم، وسيكون لاعتقال الأشخاص الذين تورطوا في سلوك إجرامي ومنعهم من دخول المباريات خلال الأشهر المقبلة تأثير رادع على مجموعتهم الرئيسية".


ويلاحظ بيرسون -كما تقول الصحيفة في تقريرها- أن المباريات الكبيرة المتبقية هذا الموسم ستزيد من حدة المنافسات القديمة، قائلًا: "لدينا مباريات لم يتم لعبها بعد ومباريات كأس مهمة، وهو ما يعد جديدًا بعد الوباء، لذلك أعتقد أننا سنستمر في رؤية مثل هذه الأحداث هذا الموسم، نظرًا لأننا لم ننجح في تجاوزها بعد".


وفي تصريح للصحيفة، قال مارك روبرتس، رئيس شرطة كرة القدم في إنجلترا: "يتصرف الغالبية العظمى من المشجعين الذين يحضرون مباريات كرة القدم بشكل جيد، ولا يريدون سوى الاستمتاع باللعبة، ولكن من المحزن مشاهدة ارتفاع حالة الفوضى والاضطرابات التي دعمتها إحصائيات منتصف الموسم الصادرة عن وحدة شرطة كرة القدم في المملكة المتحدة".


وفي الختام، رأت الصحيفة أنه رغم وجود العديد من الأسباب التي تجعلنا نشاهد القلق الكبير والمتزايد الذي يسببه هذا النسق التصاعدي، فإن استخدام الكوكايين يعد بالتأكيد عاملًا مساهمًا ويجب معالجته، وهو ما يستدعي نص تشريع يتعامل مع أوامر حظر كرة القدم مع إساءة استخدام المخدرات بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع الكحول كإجراء وقائي.