قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن السعودية تمكنت من استخدام التوترات القائمة بين روسيا وأوكرانيا لإعادة تأسيس نفسها ليس فقط في أسواق الطاقة ولكن في السياسة العالمية.
واعتبرت الصحيفة أن أزمة أوكرانيا وحرب اليمن دفعا أمريكا إلى التعامل مع واقع جديد في ظل حاجتها إلى النفط السعودي، بالرغم من التغيير الذي طرأ على السياسة في واشنطن بعد عام من تولي جو بايدن الرئاسة ومواقفه ضد سياسة الرياض ورفضه لقاء ولي العهد، محمد بن سلمان.
وقال المقال إن السعودية مرت بأربع سنوات صعبة، منذ قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، التي "ألحقت ضررا شديدا بها"، وحرب اليمن التي "أضرت بسمعتها كقوة مهيمنة إقليمية"، وتراجع أسعار النفط في 2020 بسبب جائحة كورونا ما أدى إلى "سحق" اقتصادها، ثم وصول بايدن إلى البيت الأبيض ووعده بتحويل المملكة إلى دولة "منبوذة".
وأشارت الصحيفة إلى أن السعوديين عادوا إلى العمل، مع سيطرة الرياض على 55 بالمئة من إنتاج النفط الخام في العالم التي يمكن استغلالها في وقت قصير لتخفيف أي توقف للإمدادات بسبب أزمة أوكرانيا، ما يعتبر "أداة قوية للسعودية في عالم قلق بشأن ارتفاع أسعار النفط والتضخم".
واستغلت المملكة ارتفاع أسعار النفط واقتراب خام برنت من 100 دولار للبرميل، لتحقق أرباحا أكثر من أي وقت مضى منذ اعتلاء الملك سلمان العرش في كانون الثاني/ يناير 2015. كما توقعت الصحيفة أن تحقق الرياض مكاسب بقيمة 375 مليار دولار من ضخ النفط هذا العام، وهو أكثر من ضعف مكاسب 2020 التي بلغت 145 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن بايدن تجنب الإشارة في المكالمة الأخيرة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أيام إلى مسألة حقوق الإنسان، وأشار بيان البيت الأبيض حول فحوى الاتصال إلى الحديث عن أهمية "استقرار إمدادات الطاقة العالمية". في المقابل، رفض الرئيس الأمريكي الاتصال مباشرة بولي العهد، وتحدث فقط إلى الملك سلمان منذ عام تقريبا.
وقال التحليل إن "وعد حملة بايدن الرئاسية بجعل المملكة دولة "منبوذة" انهار تماما في اللحظة التي قفزت فيها أسعار النفط نحو 100 دولار للبرميل"، ووصول سعر البنزين في محطات الوقود الأمريكية إلى أعلى مستوى في ثماني سنوات، مشيرا إلى أن المملكة في حديث البيت الأبيض انتقلت في 12 شهرا فقط من دولة منبوذة إلى "شريك" في إدارة سوق النفط.
ولا يعتبر النفط المجال الوحيد إذ تغيرت لهجة واشنطن إزاء قضية اليمن، ففي الأسابيع الأخيرة، سلط دبلوماسيون أمريكيون الضوء على كيفية دعم الرياض لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب، مع إلقاء اللوم على الحوثيين بسبب الهجمات، حتى أن بايدن اقترح اعتبار الحوثيين جماعة "إرهابية" متراجعا عن قراره الذي اتخذه قبل عام.
وذكر التقرير: "على واشنطن أن تتصالح مع الواقع، لكنها فقط مجرد مسألة وقت: محمد بن سلمان باق في مكانه، فهو بعمر 36 ووالده يبلغ 86 عاما، كما أنه رغم الحديث عن قضية المناخ، فإن الطلب على النفط لن يتلاشى. ستبقى المملكة وسلالتها الحاكمة قوة خلال العقود المقبلة".
اقرأ أيضا: هبوط مفاجئ للنفط والذهب إثر خفض تصعيد روسيا ضد أوكرانيا
وأثار الوضع الجيوسياسي الراهن قلق ومخاوف المستثمرين في العالم مع توقع الإدارة الأمريكية لغزو روسي وشيك لأوكرانيا، في ظل فشل الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بُذلت بين الزعماء الغربيين والكرملين في خفض منسوب التوتر.
وعلى إثر ذلك، قفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات، بينما تهاوت الأسواق المالية العالمية، الاثنين، بشدة على وقع المخاوف من اجتياح روسي وشيك لأوكرانيا، قبل تراجع جزء من القوات الروسية عن الحدود الأوكرانية بحسب الكرملين، الثلاثاء.
الغارديان: أوميكرون يفسد خطط روسيا وأوكرانيا العسكرية
NT: استراتيجية بايدن مع بوتين "ناجعة" أم تدفع للحرب؟
صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل خطة بايدن لمعاقبة روسيا