نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا تحدثت فيه عن الليلة المرعبة التي عاشها جيران زعيم تنظيم الدولة عبدالله قرداش "أبو إبراهيم القرشي"، لحظة اغتياله في منطقة أطمة بريف إدلب، شمالي غرب سوريا.
قال شهود عيان لمراسل نيويورك تايمز في مكان الحادث إن صوتا يتحدث بالعربية انطلق من مكبر صوت بينما أمرت القوات الأمريكية سكان أحد المنازل بتسليم أنفسهم.
يتذكر أبو عمر الصوت: "سيكون الجميع بأمان إذا استسلمتم.. من سيبقى فسوف يموت".
وقال محمد الشيخ، وهو مالك المنزل؛ إن الخبر صعقه بعدما ظن أن من استأجر منزله الذي يعتاش منه سائق سيارة أجرة.
وأوضح لوكالة "فرانس برس"، أن القرشي، واسمه الحقيقي أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي، لفرانس برس كان قد استأجر الطابقين منه قبل نحو عام مقابل مئة دولار، وأقام الرجل مع زوجته وأولادهما الثلاثة في الطابق الأول، بينما قطنت شقيقته مع ابنتها في الطابق الثاني.
وبين أن زعيم "داعش" "سكن المنزل منذ 11 شهرا، ولم يلاحظ أي أمر غريب عليه، حيث كان يأتي مطلع كل شهر ليسدد الإيجار".
وأشار إلى أنه في أحد لقاءاته مع "قرداش" بدا أنه شخص "سهل ولين وبشوش"، "ويهتم بشؤونه الخاصة ويحافظ على طريقة اللباس ذاتها: بنطال وقميص مع سترة من دون أكمام ويضع غطاء على رأسه دائما".
أشادت أمريكا بالغارة الجوية النادرة التي شنتها قوات الكوماندوز في منطقة يسيطر عليها المتمردون في سوريا في ساعة مبكرة من صباح الخميس، ووصفتها بأنها نجاح كبير ضد الإرهاب، قائلة إنها أنهت حياة الزعيم الغامض لتنظيم الدولة، المعروف باسم أبو إبراهيم الهاشمي القريشي.
لكن بالنسبة للعائلات التي عاشت بالقرب من موقعه الأخير، على مشارف بلدة أطمة، بالقرب من الحدود السورية مع تركيا، كانت الغارة بمثابة ليلة من المفاجآت والرعب.
قال رجل يدعى أبو محمد، أحد الجيران الخمسة الذين قابلتهم نيويورك تايمز يوم الخميس، إن عائلته كانت خائفة للغاية مما سمعوه في الخارج لدرجة أنهم لم يلقوا حتى نظرة خاطفة من النوافذ.
ثم سمعوا قرعا شديدا على بابهم وفتحوه ليجدوا الكوماندوز الأمريكيين ومترجما يتحدث اللغة العربية.
قال أبو محمد إنه قيل لهم إنهم لن يتعرضوا للأذى، وأمروا بالفرار من المنزل والاختباء خلف مبنى آخر حتى تنتهي المواجهة. فعلوا كما قيل لهم.
قال عمال الإنقاذ إنه عندما انتهت الغارة بعد ساعتين، تم انتشال 13 جثة من تحت الأنقاض، بينهم ستة أطفال. وقال مسؤولون أمريكيون إن معظمهم قتلوا عندما رفض القريشي الاستسلام وفجر بدلا من ذلك عبوات ناسفة أدت إلى مقتله هو وأفراد من عائلته.
سلطت العملية الضوء على قدرة تنظيم الدولة على البحث عن ملاذ في جيوب الفوضى التي خلفتها الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 10 سنوات: كان زعيم المنظمة الإرهابية الأكثر رعبا في العالم مختبئا في الطابق الثالث من منزل بسيط مبني من الطوب محاط بالزيتون. على بعد أميال عديدة من المعقل التقليدي لمجموعته.
في أوجه، سيطر تنظيم الدولة على منطقة بحجم بريطانيا تمتد عبر الحدود السورية العراقية. دخلت أمريكا ودول أخرى في شراكة مع القوات المحلية في كلا البلدين لمحاربة الجهاديين، وأخرجتهم من آخر رقعة لهم في شرق سوريا في أوائل عام 2019.
اقرأ أيضا: مقتل ثاني زعيم لـ"داعش" بمناطق تحرير الشام.. ما دلالة ذلك؟
أصبح القريشي زعيم التنظيم في وقت لاحق من ذلك العام بعد أن فجر سلفه، أبو بكر البغدادي، نفسه خلال غارة مماثلة شنتها القوات الخاصة الأمريكية، أيضا في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.
ومع ذلك، عندما حاول الاختفاء عن رادار أعدائه الكثيرين، اختبأ القريشي أيضا في إدلب، وهي منطقة فقيرة مزدحمة بالسوريين الذين فروا من العنف في أجزاء أخرى من البلاد، وواحدة من آخر المناطق التي يسيطر عليها الثوار المعارضون للرئيس بشار الأسد.
قال محمد شيخ، الذي تملكه عائلته، إنه قبل حوالي 11 شهرا، استأجر سائق شاحنة سوري المنزل المستهدف في الغارة.
وقال الشيخ إن سائق الشاحنة دفع 130 دولارا شهريا وعاش هناك في الطابق الثاني مع زوجته وأطفالهم الثلاثة وشقيقته وابنتها. كانوا هادئين وبقوا منطوين على أنفسهم، وأصر سائق الشاحنة بأدب على تسليم الإيجار إلى المالك كل شهر، ربما لمنعه من زيارة المنزل.
في أواخر العام الماضي، تلقت أمريكا معلومات تفيد بأن القريشي كان يعيش في الطابق العلوي، على حد قول مسؤولي إدارة بايدن. لم يغادر المبنى أبدا، لكنه استحم أحيانا على السطح. للتواصل مع المنظمة الإرهابية النائية التي يرأسها، اعتمد على سائق الشاحنة المهذب الذي يعيش في الطابق السفلي.
في ليلة الغارة، كانت المنطقة مظلمة بسبب نقص مزمن في الكهرباء، وكان الجميع نائمين حتى أيقظهم أزيز المروحيات المقتربة في حوالي الساعة الواحدة صباحا.
قال أبو عمر إن الأمريكيين لم يهاجموا المنزل على الفور، لكنهم طالبوا مرارا سكانه بالخروج بسلام.
تعيش عائلة مدنية في الطابق الأول، وقال أبو عمر إن الصوت في مكبر الصوت ناشد امرأة وأطفالها مغادرة المنزل.
قال الصوت، بحسب أبو عمر، "أخرجي يا امرأة، ودعي الأطفال يحظون بفرصة العيش". ثم أصبح الصوت أكثر خطورة، قائلا إن الأمريكيين سيطلقون النار على المنزل إذا لم تخرج المرأة.
في مقابلة بالفيديو، الخميس، مع قناة بلدي نيوز المحلية، قالت المرأة، التي لم تذكر اسمها، إنه بعد أن أطلقت القوات الأمريكية ما افترضت أنه صاروخ على المنزل، قامت هي وزوجها وابنها وطفلان آخران على الأقل بالفرار من المنزل.
وأضافت أن الأمريكيين أسروا زوجها وابنها وألقوهما على الأرض.
قالت إن الأمريكيين طلبوا منها أن تضع الأطفال الذين كانت تحملهم وأن تخلع غطاء رأسها، لكنها خافت وعادت إلى الداخل معهم.
بإلحاح من زوجها، خرجت أخيرا مرة أخرى. قالت إن القوات الأمريكية فصلتها عن أطفالها، وفتشتها، واستجوبتها هي وزوجها حول علاقتهما بجيرانهما.
قالت المرأة: "عندما قلنا إننا لم نعرفهم، لم يصدقونا". وسألوهما: "كيف يمكن أن تكونوا جيران ولا تعرفون بعضكم البعض؟"، بحسب ما قالت.
قال مسؤولون أمريكيون إن رجلا وامرأة وبعض الأطفال فروا بأمان من المبنى، في إشارة على ما يبدو إلى هذه العائلة.
بعد ذلك بوقت قصير، قام القريشي بتفجير عبوات ناسفة في الطابق الثالث، كما قال المسؤولون، فقتل نفسه وأدت قوة التفجير إلى الإلقاء بجثث آخرين من النوافذ.
ثم اقتحمت القوات الخاصة الأمريكية المبنى ودخلت في معركة بالأسلحة النارية مع ساعي القريشي وزوجته في الطابق الثاني، على حد قول المسؤولين. قُتل كلاهما، لكن تم إجلاء أربعة أطفال بسلام.
لكن المرأة وجيران آخرين قالوا إنهم رأوا وسمعوا القوات الأمريكية تطلق نيران مدافع رشاشة ثقيلة وصواريخ على المبنى قبل دخول قوات الكوماندوز.
وقالت المرأة أيضا إن الساعي وزوجته قُتلا، لكن القوات الأمريكية أخرجت أربعة من أطفالهم، من بينهم رضيع يبلغ من العمر 15 يوما.
قال أبو عمر وأطفاله المتجمعون في قبو قريب، إنهم سمعوا أيضا إطلاق نار كثيف وانفجارات يعتقد أنها من صواريخ أطلقت على المنزل. كان أطفاله مرتعبين وكانوا يرتجفون وبعضهم بلل نفسه من الخوف.
قال لهم: "لن يضربونا.. إنهم يهاجمون منزلا آخر".
قال الجيران إن القوات غادرت بعد الساعة 3 صباحا وسمعوا أزيز المروحيات وهي تبتعد عنهم. أخيرا، كان كل شيء هادئا وخرجوا من منازلهم وأماكن اختبائهم.
قال أحد الجيران، الذي طلب عدم ذكر اسمه إلا باسمه الأول، أحمد، إنه دخل المنزل المستهدف في المداهمة ووجد جثتي امرأة وطفل، ويبدو أن المرأة قامت بتفجير سترة ناسفة فقتلت نفسها والطفل.
أبو محمد، الذي طلبت القوات الأمريكية منه الاختباء، قاد عائلته إلى منزلهم ورأى جثة طفل ميت بالقرب من المنزل المجاور المتضرر.
جاء عمال الانقاذ لانتشال الجثث من الانقاض الملطخة بالدماء. جمع الجيران رفاتا أخرى عثروا عليها ودفنوها في مكان قريب.
سمع جميل الددو، 30 عاما، الغارة من مخيم قريب للاجئين وذهب في الصباح ليرى ماذا حصل، وقال: "لم نر مثل هذه العملية من قبل.. لم نتوقع أن تكون هناك عملية أمريكية".
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
الغارديان: شبكات للجوازات المزورة تسمح لعناصر "داعش" بالسفر
صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل خطة بايدن لمعاقبة روسيا
موقع هندي: 10 دول ستساند روسيا في حال نشوب حرب