كشف موقع "أفريكا إنتلجنس" أن رئيس "نادي باريس" إيمانويل مولان يؤدي منذ الثلاثاء زيارة إلى تونس خلال الفترة المقبلة، بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وجاء تكليف ماكرون لمولان بزيارة تونس باعتبار أن الأخير مدير عام للخزانة، حيث إنه عبّر في السابق عن دعم فرنسا للإصلاحات التي يجب على تونس القيام بها للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، بحسب المقال الذي ترجمته "عربي21".
وأشار التقرير إلى أن إيمانويل مولان سيجلس مع مسؤولين تونسيين من ضمنهم محافظ البنك المركزي مروان العباسي، ووزيرة المالية سهام بوغديري نمصية، من أجل حث تونس على خوض تجربة إصلاح اقتصادية جديدة مع صندوق النقد الدولي، والحصول على قرض جديد بقيمة 4 مليارات دولار، في حلقة جديدة من رحلة الاقتراض، فيما لا يُعرف بعد ما إن كانت اللقاءات ستطرح مسألة انضمام تونس إلى "نادي باريس" أم لا.
ومن ضمن النقاط المذكورة في برنامج الإصلاح الاقتصادي المقترح من النقد الدولي، إعادة ضبط قطاع الوظيفة العمومية في البلاد، التي تعاني من ارتفاع نسبة البطالة.
وطالب صندوق الدولي تونس بإجراء "إصلاحات عميقة جدا" من أجل الحصول على دعم مالي، في وقت يعاني فيه البلد من أزمة سياسية على خلفية إجراءات سعيّد، ما أثر سلبا على اقتصاد البلاد.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، تواترت أنباء حول نية تونس الدخول إلى "نادي باريس"، فيما نفت وزيرة المالية ذلك.
وتُدعى الدول إلى "نادي باريس"، الذي يضم الاحتلال الإسرائيلي كعضو، عند عجزها عن سداد ديونها. وقد مرت بالنادي دول عدة منها روسيا ومصر والمغرب والعراق والأردن والسودان الذي تم شطب قسم كبير من ديونه للدول المدينة، خصوصا فرنسا.
وتتم جدولة ديون تلك الدول من قبل النادي بناء على توصية ضرورية من صندوق النقد الدولي. ولا بد من أن تكون الدولة عضوا في الصندوق وأبرمت اتفاقا معه.
وقبل جدولة الديون بواسطة النادي لا بد من أن تكون الدولة قد اعتمدت إجراءات تقشفية وإصلاحية. ويتم اللجوء إلى "نادي باريس" لإعادة جدولة الديون أو شطب جزء منها أو إلغائها بالكامل كملاذ أخير غالباً قبل التعثر في السداد.
وتجاوز حجم الديون التي عولجت في إطار "نادي باريس" منذ تأسيسه في عام 1956، الـ600 مليار دولار.
شروط النقد الدولي
وكشف ممثل صندوق النقد الدولي في تونس، جيروم فاشيه، في وقت سابق، أن على السلطات الساعية للحصول على مصادر تمويل دولية، خفض حجم قطاع الوظيفة العامة الذي يبلغ "أحد أعلى المستويات في العالم".
وأفاد فاشيه بأن تونس عرفت بسبب جائحة كورونا "أكبر ركود اقتصادي منذ استقلالها" في العام 1956، مشددا على أن "مشكلات البلاد كانت سابقة للجائحة، ولا سيما العجز في الموازنة والدين العام الذي بلغ حوالي 100 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي نهاية العام 2021".
ورأى فاشيه أن النمو "يبقى ضعيفا وغير كاف بشكل كبير" لاستيعاب معدل البطالة الذي يتجاوز الـ18 بالمئة و"المرتفع أيضا في صفوف أصحاب الشهادات الشباب". لكنه أشار إلى أن "اليد العاملة المؤهلة والرصيد البشري المرتفع الكفاءة والموقع الجغرافي المناسب" عوامل تشكل أوراقا رابحة للبلاد.
ومنذ تشكيلها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، طلبت حكومة نجلاء بودن من صندوق النقد الدولي برنامج مساعدة جديدا، لكن فاشيه أكد أن المباحثات لا تزال في مرحلة تمهيدية، إذ إن صندوق النقد الدولي يريد أولا "معرفة نوايا السلطات على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، لأن ثمة حاجة إلى إصلاحات بنيوية عميقة جدا".
وعدد فاشيه قضايا ملحة ومنها "الثقل الكبير" لموظفي القطاع العام (16 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي)، قائلا إن "أجور الموظفين الرسميين البالغ عددهم 650 ألفا تستحوذ على أكثر من نصف نفقات الدولة السنوية، دون احتساب السلطات المحلية والشركات العامة".
ومن القضايا الملحة الأخرى، بدء "إصلاح عميق للشركات العامة" العاملة في مجالات مختلفة من اتصالات وكهرباء ومياه شرب ونقل جوي، والتي تتمتع في غالب الأحيان بالاحتكار وتوظف ما لا يقل عن 150 ألف شخص".
اقرأ أيضا: سعيّد يقر بأزمة صرف الرواتب بتونس.. لم تُدفع منذ 10 أيام
وقال المسؤول إن صندوق النقد الدولي يدرك "تأثير" قراراته على الأطراف المانحة الأخرى الوطنية والخارجية العامة والخاصة، علما بأن الاتحاد الأوروبي ودولا كبرى أخرى ربطت تقديم أي مساعدة بضوء أخضر يصدر عن الصندوق.
وأضاف أن ذلك يشكل مسؤولية ملقاة على عاتق الصندوق، لكنه أكد أن "المسؤولية الأكبر تقع على عاتق أصحاب القرار وعليهم التحرك لإيجاد حلول".
ورأى أنه لا يمكن القول كما يؤكد البعض، إن تونس باتت على شفير الإفلاس المالي، موضحاً أن "هناك إدارة للميزانية تتكيف مع الوضع وإن بطريقة غير مثالية".
وتشمل محصلة علاقة تونس مع الصندوق، التي تجاوزت الـ36 عاما، قرضين ماليين وعشرات التقارير والتوصيات، وهي تبحث حاليا عن القرض الثالث فيما يعيش الاقتصاد التونسي تحديات طالت تأثيراتها المجتمع المحلي، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد.