قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: "إنّ عام 2021 شهد تصاعدًا كبيرًا في حوادث غرق وفقدان المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر المتوسط"، متهمًا الاتحاد الأوروبي بمفاقمة الخسائر الفادحة في الأرواح من خلال صد المهاجرين وطالبي اللجوء ووقف وتجريم عمليات الإنقاذ في المتوسط.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في
تقرير جديد نشره اليوم الاثنين، وأرسل نسخة منه إلى
"عربي21"، وتناول فيه حركة الهجرة عبر البحر المتوسط خلال عام 2021، أنّ البيانات التي نشرتها مفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، تظهر وفاة وفقدان 1,838 مهاجرًا وطالب لجوء خلال العام الماضي، بمعدل 5 وفيات في اليوم الواحد، وبزيادة نحو 20% عن العام السابق الذي سجّل وفاة وفقدان 1,448 مهاجرا وطالب لجوء.
ووثق التقرير وصول نحو 116,573 مهاجرا وطالب لجوء إلى أوروبا عبر البحر المتوسط خلال عام 2021، أي بزيادة أكثر من 25% عن عام 2020، والذي شهد وصول 88,143 مهاجرًا وطالب لجوء.
وسجّل شهر أيلول (سبتمبر) 2021 أكبر عدد من الواصلين خلال العام، حيث وصل في هذا الشهر ما يزيد على 16,000 منهم إلى الشواطئ الأوروبية، في حين كان شهر كانون أول (ديسمبر) 2021 الأكثر مأساوية، إذ توفي وفُقد خلال هذا الشهر 335 مهاجرًا وطالب لجوء، بمعدل أكثر من 10
ضحايا خلال اليوم الواحد.
وأبرز التقرير الدور السلبي لعدد من أجهزة ودول الاتحاد الأوروبي لا سيما وكالة "فرونتكس" في عمليات صد وإرجاع المهاجرين وطالبي اللجوء في مياه المتوسط، بالإضافة إلى وقف مهام الإنقاذ والبحث الرسمية التي كانت تساهم في إنقاذ آلاف الأرواح سنويًا، ومحاربة جهود المنظمات الإنسانية التي تسيّر سفنًا وطائرات خاصة لمساعدة المهاجرين وطالبي اللجوء في المياه، من خلال فرض قيود كبيرة من بعض الدول الأوروبية وخصوصًا إيطاليا عليها، شملت رفض السماح لها بالرسو في موانئها لإنزال المهاجرين وطالبي اللجوء، وملاحقات قضائية لطواقم السفن والمؤسسات واتهامهم بالتهريب والاتجار في البشر.
وقالت "ميكيلا بولييزي" باحثة شؤون الهجرة واللجوء في الأورومتوسطي: إن "السياسات الأوروبية التي يجري تشديدها من وقت لآخر، والمتمثلة في منع وتجريم عمليات الإنقاذ في المتوسط تنذر بكوارث متتابعة وارتفاع درامي في أعداد الضحايا من المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يُفرض عليهم الموت دون صخب، بينما تنشغل السلطات الأوروبية بإرهاق النشطاء ومنظمات الإنقاذ بالعقوبات والغرامات الباهظة لردعهم عن تقديم المساعدة".
وأضافت "بولييزي" أنّه ـ في بعض الأحيان ـ تعمل الدول الأوروبية على إعادة المهاجرين وطالبي اللجوء بشكل قسري عبر المتوسط إلى دول غير آمنة مثل ليبيا، دون مراعاة لحق عدم الطرد المكفول في اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، وفي قوانين الاتحاد الأوروبي وصكوك حقوق الإنسان، ودون اعتبار للظروف الخطيرة التي قد يتعرض لها المهاجرون وطالبو اللجوء خلال عملية الإعادة، أو في السجون ومراكز الاحتجاز في دول المصدر، والتي غالبًا ما تكون الظروف فيها مهينة وغير إنسانية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ نتائج التعاون بين الاتحاد الأوروبي وليبيا في صد وإرجاع المهاجرين وطالبي اللجوء ظهرت بشكل واضح خلال عام 2021، إذ تظهر إحصائية لـ"يونيسيف" إرجاع نحو 31,500 مهاجر وطالب لجوء إلى ليبيا حتى 23 كانون أول (ديسمبر) 2021، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من ثلاثة أضعاف عن عام 2020، حيث نقل معظمهم إلى مراكز احتجاز وسجون لا تلبي المعايير الإنسانية الدنيا للعيش الكريم.
ودعا المرصد الأورومتوسطي، الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تفعيل مهمات الإنقاذ والبحث الرسمية الأوروبية وتسيير دوريات دائمة من أجل ضمان استجابة سريعة لحوادث غرق قوارب المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر المتوسط. كما أنه حث الاتحاد على ضمان التزام خفر السواحل الليبي باحترام حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، وإنهاء جميع الممارسات العنيفة خلال وبعد عمليات الصد والإرجاع.
وأوصى المرصد الأورومتوسطي الدول الأوروبية بتبني سياسة جديدة لا ترى في المهاجرين وطالبي اللجوء تهديدًا أمنيًا ينبغي تحييده، بل أن تنظر إليهم بصفتهم طاقات جديدة يمكن أن تسهم في تطور وبناء المجتمعات.