اختتمت في إسطنبول فعاليات ملتقى "مؤسّسات العلماء لنصرة القدس وفلسطين"، والمنعقد على مدار ثلاثة أيام، بحضور ممثلين عن خمسين مؤسسة من مؤسسات العلماء والدّعاة اجتمعت من ثمانية وعشرين دولة، للتباحث في الآليات العملية الفاعلة لقيام العلماء ومؤسساتهم بواجبهم في نصرة القدس وفلسطين.
واتفق المجتمعون على صياغة خطة موحدة للفعاليات المشتركة التي ينوي علماء كل دولة القيام بها، إلى جانب خطة مشتركة لتنفيذها في أسبوع القدس والأقصى، المنوي عقده في الأسبوع الأخير من شهر شباط/ فبراير المقبل.
ودعا المجتمعون إلى تحريم وتجريم التطبيع بكل أشكاله مع الاحتلال الإسرائيلي، ودعوة الأحزاب والفعاليات والمكونات الشعبية في كل مكان إلى التصدي له بكل الوسائل.
وتاليا النص الكامل للبيان:
" الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:
فقد اختُتمت ــ بفضل الله تعالى وتوفيقه ــ أعمال ملتقى مؤسّسات العلماء لنصرة القدس وفلسطين الذي انعقد على مدار ثلاثة أيّام في مدينة إسطنبول العامرة بحضور ممثلين عن خمسين مؤسسة من مؤسسات العلماء والدّعاة اجتمعت من ثمانية وعشرين دولةً للتباحث في الآليّات العمليّة الفاعلة لقيام العلماء ومؤسساتهم بواجبهم في نصرة القدس وفلسطين التي هي قضيّة كلّ مسلمٍ وحرٍّ شريف ويتقدّم العلماء العاملون الصفوف في العمل لها ونصرتها.
وقد وضعت هذه المؤسّسات خطةً للفعاليات المشتركة التي تنفذها مؤسسات العلماء بشكلٍ جماعي مشترك لتكون الثمار أكثر نضجًا والأفعال على أرض الواقع أعمق تأثيرًا وأوسع انتشارًا.
كما وضعت مؤسسات العلماء خطة مشتركة لتنفيذها في أسبوع القدس والأقصى الذي يوافق الأسبوع الأخير من شهر رجب من العام الجاري 1443ه
وإنّ العلماء المشاركين في الملتقى إذ يوجهون الشكر للبلد المضيفة تركيا، يتعاهدون مؤسسات وأفرادًا على بذل الوسع في العمل الدّائب لنصرة القدس وفلسطين؛ كما يؤكّدون الآتي:
أولًا: يحيي العلماء المشاركون في ملتقى مؤسسات العلماء لنصرة القدس وفلسطين أهلنا في فلسطين البطولة والفداء، المرابطين في القدس المدافعين عن أولى القبلتين مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والمحاصرين في غزّة العزّة، والثابتين في الضّفة الغربيّة البطلة، والمتجذرين في أرضهم وأرضنا المحتلة عام 1948م، ويؤكّدون أنّ الأمّة جمعاء وفي مقدمتها العلماء تعقد الآمال بعد الله تعالى على أهل فلسطين البطولة والفداء في إبقاء جذوة القضيّة مشتعلة، كما يؤكّدون دعمهم غير المحدود لهذا الشعب المرابط البطل وشراكتهم معه في ساحات الفداء والتضحية.
ثانيًا: يحيي العلماء المشاركون في الملتقى المقاومة الباسلة على أرض فلسطين التي أذاقت العدو وبال أمره ومرّغت أنفه في رغام الذلّ والهوان لا سيما في معركة سيف القدس الأخيرة، ويؤكدون التفاف العلماء ومعهم الأمة الإسلاميّة حول هذه المقاومة الباسلة، وهنا يؤكّد العلماء أن الأصوات النّشاز التي ترتفع بين الفينة والأخرى في مهاجمة المقاومة الفلسطينيّة ومحاولة تشويهها ما هي إلّا أصوات خبيثة تخدم الكيان الصّهيوني وأذنابه من المرتزقة، ويؤكّد العلماء على وجوب التفاف الأمة حول هذه المقاومة الباسلة التي تمثّل نموذجًا فذًّا في صد العدوان الصهيونيّ وردعه وإهانته.
قال تعالى: "قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍۢ مُّؤْمِنِينَ" التوبة: 14
ثالثًا: يبرق العلماء المشاركون في الملتقى بأبلغ التحيات إلى شيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح الرّابض كالطود الشّامخ في زنازين هذا العدوّ الصّهيونيّ الجبان مؤكدين أنّ هذا الاعتقال الجائر الذي يمثّل جريمة من أبشع الجرائم الصّهيونيّة بحق رموز وعلماء الشّعب الفلسطيني لن يزيد الشيخ رائد صلاح وإخوانه وطلابه إلّا عزيمةً وإصرارًا على متابعة طريقه في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحمايته من رجس العدوّ الصّهيونيّ الغاصب.
رابعًا: يدينُ العلماء المشاركون في الملتقى عمليّات الاقتحام الصّهيونيّة المستمرّة للمسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المقابر والأوقاف الإسلاميّة، ويطالبون المؤسسات الفاعلة والحاكمة في بلدان العالم الإسلاميّ بالتحرّك العاجل لوقف عمليّة التهويد والتقسيم والزّماني والمكاني التي تعمل قوات الاحتلال الصّهيونيّ على تكريسها في المسجد الأقصى المبارك.
خامسًا: يدين العلماء المشاركون في الملتقى بأشدّ عبارات الإدانة قيام رئيس الكيان الصّهيونيّ باقتحام المسجد الإبراهيميّ في الخليل، ويؤكّدون أنّ المسجد الإبراهيميّ كما سائر مساجد فلسطين التي يعيث فيها اليهود الصهاينة فسادًا وتخريبًا حقّ خالص للمسلمين وليس فيه حق لغيرهم، وإنّ التهويد القسريّ لن يغيّر من الحقيقة شيئًا، ويدعو العلماء أهلنا الأبطال في الخليل الصامدة إلى الاعتكاف في المسجد الإبراهيمي رغم أنف الاحتلال الغاصب.
قال تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَ ۚ لَهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" البقرة: 114
سادسًا: يؤكّد العلماء المشاركون في الملتقى أنّ الاتفاقيّات التطبيعيّة والتحالفات العسكريّة أو السياسيّة مع الكيان الصّهيوني لا سيما التي قامت بها مؤخرًا مجموعة من الأنظمة العربيّة هي ضرب من ضروب خيانة الله ورسوله والمؤمنين وخيانة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودماء الشهداء، ويطالبون هذه الأنظمة بالتوقف عن هذه الهرولة المخزية باتجاه الكيان الصّهيوني الذي لن يحقق لهم أمن عروشهم ومناصبهم وسيكون خزيًا لهم في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ" الممتحنة: 1
سابعًا: يطالب العلماء المشاركون في الملتقى دول العالم الإسلامي إلى التوقف عن التفكير بالتطبيع مع الكيان الصّهيوني والالتفات إلى الأجيال الشابة إعدادًا وتأهيلًا للمعركة مع الكيان الصهيوني التي ستكون معركة فاصلةً يدخل فيها عباد الله تعالى المسجد الأقصى مهللين مكبرين يهدمون الباطل الصّهيوني ويهدمون معه أوهام المهزومين التّطبيعيّة
قال تعالى: "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" الإسراء: 7
ثامنًا: يدعو العلماء المشاركون في الملتقى بقيّة علماء الأمة وكافة مكوناتها وكوادرها الإعلامية والسياسية والأكاديمية والمهنية على مستوى المؤسسات والأفراد لا سيما من الشباب الاستفادة من وسائل الاتصال الاجتماعي وغيرها من الطرق الحديثة لتوعية جميع شرائح المجتمع، وأن تكون فلسطين حاضرةً في خططهم وأن تكون القدس على رأس أجندة برامجهم، ويؤكّدون أنّ الدّفاع عن فلسطين هو دفاع عن الأمة كلّها وأنّ مواجهة الكيان الصّهيوني هي مواجهة لخطر يحدق بجميع بلاد المسلمين دونما استثناء.
قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" التوبة: 105 ".