تجسس وابتزاز واغتيال: استعراض إسرائيلي لإخفاق كبار المسؤولين
عربي21- عدنان أبو عامر21-Nov-2111:58 PM
شارك
علم إسرائيل - الأناضول
تعيش الأوساط الأمنية الإسرائيلية حالة من الانزعاج والقلق؛ عقب الكشف عن وجود جاسوس في منزل وزير الحرب بيني غانتس، وما شكله ذلك من إخفاق واختراق
كبيرين للمنظومة الأمنية المحيطة به، وانتشار مزيد من التقديرات الاستخبارية عن إمكانية
وجود جواسيس آخرين منتشرين في مواقع أخرى حساسة في دولة الاحتلال.
الخبير العسكري رون بن يشاي ذكر في مقاله بصحيفة "يديعوت
أحرونوت"، أن "جهاز الأمن العام- الشاباك، يتحمل المسؤولية عن هذا الإخفاق،
ورغم أننا أمام منظومة أمن شخصي باهظة التكلفة، لكن هناك فشلا خطيرا ومهددا للحياة
لا يجرؤ أحد من الإسرائيليين على إصلاحه، مع أن إسرائيل عرفت 3 كوارث على الأقل على
هذا الصعيد، تسببت أحدها بقتل وزير السياحة الأسبق رحبعام زئيفي من قبل الجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين في 2001 داخل أحد الفنادق".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "هناك ثغرة
كبيرة في نظام الأمن الشخصي المزدحم والمكلف للغاية في جهاز الأمن العام، ولا أحد من
الإسرائيليين يكلف نفسه عناء حظره، رغم أن الشاباك يدرك على مدى 50 عاما على الأقل
خطورة تكرار نفس الفشل الأمني، لم يتم إصلاحه بعد، لأننا أمام نفس الفشل والإهمال،
بدءا بالسلامة الجسدية للمسؤول ومن حوله، ومرورا بأمن المعلومات الحساسة التي بحوزته".
مع العلم أن دافع الضرائب الإسرائيلي ينفق عشرات الملايين
من الشواكل كل عام، إن لم يكن المئات، على نفقات الأمن الشخصي لكبار مسؤولي الاحتلال،
حيث يتم تخصيص جزء كبير من المبلغ لأمن الشخصيات السبعة الذين يتم تعريفهم بأنهم
"رموز الحكومة"، وهم: رئيس الدولة، رئيس الوزراء، وزيرا الحرب والخارجية،
رئيس الكنيست، زعيم المعارضة، رئيس المحكمة العليا، في حين أن شعبة الأمن (730) التابعة للشاباك، مسؤولة بشكل مباشر عن هذه المهمة الحساسة.
تتحدث المحافل الإسرائيلية أن إجراءات الحماية تمتد لتصل
تأمين النساء والأفراد التابعين للسبعة الكبار، وتتضمن الكوادر الأمنية وعشرات السيارات
المثبتة والمدرّعة، ومئات المباني والمعدات المختلفة، بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية،
من خلال أفضل تقنيات الإنذار والحماية، والتصرف بطريقة لا تضعف ردع إسرائيل ضد أجهزة
المخابرات المعادية، ورغم كل ذلك يبقى السؤال المحير عن كيفية إفلات عومري غورين عامل
النظافة في منزل غانتس من هذه الإجراءات.
صحيح أن الشاباك، أقر بمسؤوليته عن الخطأ، ويمكن الافتراض
أنه سيتم استخلاص استنتاجات منهجية وشخصية في نهاية التحقيق، لكن أين كان الجهاز وجيش
العاملين معه عندما استأجر غانتس خدمات سارق البنك غورين في 2018، حين لم يكن من بين
السبعة الكبار، ولم يكلف نفسه عناء إجراء فحص أساسي على جوجل، ولم يطلب من أي شخص
القيام بذلك، ليس فقط حرصا على ممتلكاته وأفراد أسرته، ولكن أيضا بسبب خطورة المعلومات
الحساسة التي بحوزته.
أخطر من ذلك، يمكن الافتراض أن وثائق غانتس السرية كانت توضع
أحيانا على الطاولة عندما قام غورين بنفض الغبار عنها؛ لأن مهنته تتيح له الوصول المباشر
لكل أركان المنزل وأفراد عائلة غانتس، الذي كان يعرف أن المخابرات الإيرانية تعتبره
هدفها المفضل لمراقبته، رغم أن غانتس ليس أول مسؤول حكومي إسرائيلي رفيع في سلوكه ساهم
بتخريب الجهود الأمنية، وإهدار أموال دافعي الضرائب، وتعريض المعلومات الحساسة التي
بحوزته للخطر.
تذكر التقارير الإعلامية الإسرائيلية أن ثلاثة وزراء على
الأقل، اثنان منهم وزيرا الحرب، سبقا غانتس في هذا الإهمال والفشل، الأول موشيه ديان
الذي أقام في 1969 علاقة مع امرأة تدعى إليشيفا تشيسيس، 24 عاما، وقررت الاستفادة منه
لابتزازه، رغم أنه كان بعد حرب الأيام الستة 1967 قد اكتسب صيتا كبيرا، لكنه مع ذلك
"سقط في الفخ"، بل ألقى بنفسه بشكل غير مسؤول في الفخ، وعندما طلبت الشابة
"رسوم الصمت" وافق على الدفع، لكنها مع ذلك نشرت القصة في الإعلام مما تسبب
بضجة كبيرة، لأنه تخللها تفاصيل مخزية.
حادث إهمال آخر حصل مع رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين،
الذي رفض ارتداء سترة واقية تحت ملابسه مساء يوم مقتله، وربما لو التزم بالإجراءات
الأمنية لما قُتل برصاص يغآل عامير في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، رغم أنه في تلك الأيام كانت التهديدات
على حياة رابين كثيرة وخطيرة، وطلب منه جهاز الشاباك مرارا وتكرارا أن يرتدي سترة
واقية، لكن مخالفته لتلك التعليمات تركت ما يصفها الإسرائيليون بـ"كارثة"
على المستويين الأمني والسياسي الذي لحق بالدولة.
الإخفاق الثالث كان من نصيب وزير السياحة رحبعام زئيفي الذي
اغتيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2001 في فندق بالقدس، حيث كان يقيم مع زوجته، وكانت تلك الأيام بداية
الانتفاضة الثانية، والعديد من عمال الفنادق في شرقي القدس فلسطينيون، لم يجتازوا التشييك
الأمني، وقد ترأس الشاباك في حينه آفي ديختر، الذي طلب من زئيفي أن يرافقه حارس أمن
شخصي، لكنه رفض بعناد، ولذلك نجحت الجبهة الشعبية في قتله بسهولة داخل الفندق، انتقاما
لاغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى.