إيريك زمور، كاتب يميني فرنسي يثير الجدل بآرائه المتعصبة والعنصرية المتطرفة. جزائري الأصل (امازيغي)، يهودي الديانة، وفرنسي الجنسية، اعتبر ملهما لسفاح مجزرة نيوزيلندا، ولمنفذ الاعتداء المسلح على مسجد بايون جنوب غربي فرنسا.
ولم يستبعد الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في نيسان/ أبريل 2022.
إيريك زمور، المولود عام 1958 في مونتروي ضاحية العاصمة الفرنسية باريس، هاجرت أسرته من موطنها الأصلي الجزائر إلى فرنسا أواخر القرن التاسع عشر، وبعد أن منحت الأسرة الجنسية الفرنسية، اندمجت بسرعة وتخلت عن مرجعيتها الدينية مقابل الالتزام الكامل بالقوانين العلمانية للجمهورية الفرنسية.
يقول عن هجرة أسرته إلى فرنسا: "شكلت هذه الهجرة فرصة ذهبية لهذه الأسرة اليهودية للانتماء إلى حضارة متجذرة العراقة كالحضارة الفرنسية بتاريخها الكبير وثقافتها الغنية".
درس في كلية العلوم السياسية بباريس وتخرج منها عام 1979. وبعد فشله في الانتساب إلى المدرسة الفرنسية الوطنية للتسيير والإدارة التي تخرج كبار موظفي وكوادر الدولة الفرنسية، اتجه للبحث عن فرصة تدريب في مجال التواصل، قبل أن يتجه لصحيفة "يومية باريس" عام 1986، التي كتب فيها أول مقال نقدي له حول الموسيقى، اكتسب في هذه الصحيفة خبرة فتحت له أبواب العمل ضمن هيئة تحرير صحيفة "لوفيغارو" التي التحق بها عام 1996 وغادرها بعد نحو ثلاث سنوات.
اقرأ أيضا: زمور الطامح للرئاسة يثير الجدل حول يهود فرنسا
لكن النقلة النوعية في حياة زمور كانت بدخوله عالم التلفزيون عام 2003 وظهوره في عدد من البرامج التلفزيونية، ومع حصوله على برنامجه التلفزيوني الخاص به ومواصلته الظهور ضيفا دائما على القنوات الإخبارية، ركز زمور خطابه على الإسلام والمسلمين والمهاجرين والهوية الفرنسية، قبل أن يأخذ خطابه خطا يحرض فيه ضد كل ما هو "غير فرنسي" وفق مصطلحات اليمين المتطرف.
في عام 2014 أوقفت قناة " اي-تيلي" الفرنسية تعاملها معه على اثر حوار صحافي زعم فيه أن "للمسلمين قانونهم المدني وهو القرآن"، وأن المسلمين يعيشون "منغلقين" على أنفسهم في الضواحي التي "أرغم الفرنسيون على مغادرتها". وطالب بترحيل خمسة ملايين مسلم فرنسي من البلاد، كذلك قال إن "حالة الشعب داخل الشعب هذه، والمسلمين بين الفرنسيين ستجرنا إلى حرب أهلية".
وفي وقت لاحق وضمن لقاء في إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية، انتقد وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي لإطلاقها اسم عربي على ابنتها. وقال إن تسميتها "زهرة" يجعلها "أقل فرنسية" من الآخرين، لأنه ليس من قائمة الأسماء الفرنسية المسيحية الرسمية، وطالب بإعادة العمل بقانون يحدد أسماء المواليد المسموح بها في فرنسا، والذي ألغي عام 1993.
زمور أعلن أنه ينوي في حال انتخابه إجبار المسلمين على قصر دينهم على العقيدة والممارسة دون التشريع والقوانين، وهدد بالتعامل معهم كما تعاملت الثورة الفرنسية ونابليون بونابرت مع اليهود، مؤكدا أنه سعيد العمل بقانون عام 1803 ليحظر على أي فرنسي تسمية ابنه باسم محمد.
وبشكل متسارع فقد تفوق زمور في خطابه وسلوكه على عدائية وعنصرية عائلة مارين لوبان وغيرها من رموز اليمين المتطرف في فرنسا وحتى في أوروبا قاطبة.
وتأكيدا لقطيعته الكاملة مع أصوله الجزائرية فهو يعتبر الاحتلال الفرنسي للجزائر " نعمة من السماء على الجزائريين" وذلك بعد أن "جندت فرنسا كل ترسانتها الثقافية والتنويرية والحضارية والعسكرية لإخراجهم من حياة الفقر والتخلف والمرض"، بحسب زعمه.
وأكد زمور أن فرنسا "اتخذت قرارا إنسانيا خالصا بعد رفضها إبادة الشعب الجزائري عن بكرة أبيه كما فعل مستكشفو أميركا الذين أبادوا شعبا وحضارة بأكملها حتى يتسنى لهم إقامة حضارتهم". ويستنتج في نهاية سرده الزائف للتاريخ "نحن لم نقم بأي شيء سيئ في الجزائر".
لا يوارب زمور في أرائه رغم رد عدد من المؤرخين الفرنسيين على أقواله مثل جاك أطالي وفريديريك هازيزا، ففي خطاب خلال مؤتمر اليمين الفرنسي العام الماضي أوغل في هجومه على الإسلام مظهرا كراهية غير محتملة له.
واعتبر الكاتب الفرنسي أن الدين الإسلامي "أكثر لعنة على البشرية من النازية"، حيث قال وهو ينظر في عيون الجمهور: "في الكثير من الأحيان يغضب مني البعض لأنني أقارن الإسلام بالنازية، يعتبرون ذلك غير معقول، وأنا أتفق معهم في هذا الأمر أحيانا، نعم، من غير المعقول مقارنة النازية بالإسلام، ذلك الدين الدموي، هذا ظلم كبير للنازية والنازيين دون شك".
خلق إيريك زمور الكثير من الجدل بعد ثنائه على حقبة "فرنسا الفيشية" التي قبلت تسليم اليهود غير الفرنسيين للنازيين، مقابل الحفاظ على نسبة كبيرة من اليهود الفرنسيين، وهو ما دفع كتابا وصحفيين يهود إلى وصفه بـ"الخائن لأمته وباليهودي المعادي للسامية". ورغم ذلك فهو يحظى بنسبة تأييد كبيرة في أواسط يهود فرنسا.
وعلى وقع كل ذلك، أثار احتمال ترشحه وفوزه برئاسة فرنسا، مخاوف كثير من العرب والمسلمين مما قد يستتبعه من تضييق على المهاجرين وأبنائهم وعلى المجتمع الفرنسي بشكل أوسع.
اقرأ أيضا: أتلانتك: صحافة فرنسا تكرر الخطأ بمنحها الأهمية للمتطرف "زمور"
ويبدو زمور "ماكينة" لا تهدأ في إثارة الجدل، لكن هناك من يعتقد أنه يتعمد تحريك الرأي العام وجعل اسمه وأفكاره تتردد تمهيدا لترشحه للرئاسة وزيادة فرصه بالفوز في مواجهة الرئيس الحالي إمانويل ماكرون وزعيمة اليمين مارين لوبان.
ورغم أن زمور لم يعلن ترشحه، حيث يقول إنه ما زال في مرحلة التفكير في الأمور، إلا أن حملة من نوع ما بدأت تتشكل لدعمه "رئيسا لفرنسا" عبر صفحات وسائل التواصل وفي الشوارع الفرنسية.
ورغم أن اسم مارين لوبان يقترن بالتطرف والتمييز ضد المسلمين في فرنسا وبأنها المرشح المفضل لليمين، لكن زمور يعيب على لوبان قولها إنها تفرق بين الإسلام والإسلام السياسي، وقولها إن الإسلام متوافق مع مبادئ الجمهورية الفرنسية، بينما هو لا يراه كذلك.
ويرى زمور أن الإسلام "نقيض" لمبادئ الجمهورية و"خطر عليها"، ويقول هذا منذ سنوات كثيرة وليس فقط خلال هذه الفترة مع اشتداد المعركة الانتخابية.
يعرف زمور نفسه بأنه "فرنسي لا أكثر ولا أقل" فدينه، بحسب وصفه، لم يمنعه من "عشق" الجمهورية الفرنسية و"تاريخها العريق ونضالها في سبيل تحرير الإنسان ونقله من التخلف والرجعية إلى الرقي والتحضر، وبذلك يقول: "أنا يهودي الديانة وكاثوليكي الثقافة".
ويعول المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية الفرنسية على الكارهين للمهاجرين والمسلمين لدعمه للوصول إلى عرش القصر الجمهوري في الإليزيه بعد أن نشر عدة مؤلفات لقت رواجا كبيرا، ومنها ثلاثة كتب بارزة : "الانتحار الفرنسي" و"قدر فرنسا" و"فرنسا لم تقل كلمتها النهائية بعد" التي تصب في صالح فكره المتطرف.
هو العنصري في نظر القضاء الفرنسي، الذي أدانه في أكثر من مرة بهذه التهمة، يعتبر "النظام النازي أفضل بالنسبة له من الإسلام" ويبرر جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر. كما يعد الكاتب الملهم لـ"خلايا الإرهاب الأبيض" الفرنسية.
ويقدم زمور نفسه الشخص الوحيد القادر على منع تحول فرنسا إلى "إسلامية بالكامل" والبديل القادر على الفوز حتى على مارين لوبان التي لن تفوز أبدا، بحسب تقييمه، فهو الأكثر كراهية لكل ما له علاقة بالإسلام.