اقتصاد دولي

هل تستطيع طالبان كسر "الحصار المالي" على أفغانستان؟

مئات الآلاف من الأسر الأفغانية يعتمدون على التحويلات المالية- جيتي

يواجه سكان العاصمة الأفغانية كابول معاناة يومية لتدبير احتياجاتهم المعيشية، بعد خسارة أعمالهم واستمرار إغلاق المصارف والارتفاع الشديد في أسعار الغذاء، منذ انهيار الحكومة المدعومة من الغرب، وسيطرة حركة طالبان على السلطة، وفقا لرويترز.

 

واعتبرت الوكالة، في تقرير نشرته الأحد، أن تجمع آلاف الناس خارج مطار كابول وصراعهم للحصول على مقاعد في رحلات مغادرة للعاصمة، أوضح صورة للاضطرابات التي تشهدها المدينة، وسط تزايد المخاوف اليومية تجاه الغذاء والسكن، في بلد انهار اقتصاده الهش بغياب الدعم الدولي.

ونقلت الوكالة عن شرطي سابق خسر راتبه الشهري البالغ 260 دولارا يعول به زوجته وأولاده الأربعة، قوله: "أشعر بالضياع. لا أعرف فيما أفكر أولا، سلامتي وبقائي، أم توفير الغذاء لأولادي وأسرتي".

 

كما نقلت عن موظف بالحكومة طلب عدم نشر اسمه، قوله: "كل شيء انتهى. لم تسقط الحكومة فحسب، بل سقط آلاف الناس مثلي، الذين اعتمدت حياتهم على رواتب شهرية بنحو 15 ألف أفغاني (200 دولار)".

 

"حصار مالي غربي"

 

والأسبوع الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي أن أفغانستان لن يكون بمقدورها الوصول إلى موارد الصندوق، بما في ذلك تخصيص جديد لاحتياطيات حقوق السحب الخاصة، بسبب الافتقار إلى الوضوح حيال الاعتراف بحكومتها.

وقال متحدث باسم صندوق النقد في بيان: "كما هو الحال دائما، فإن صندوق النقد الدولي يسترشد بآراء المجتمع الدولي… يوجد حاليا عدم وضوح داخل المجتمع الدولي فيما يتعلق بالاعتراف بحكومة في أفغانستان، ونتيجة لذلك فإن هذا البلد لا يمكنه الوصول إلى حقوق السحب الخاصة أو أي موارد أخرى لصندوق النقد الدولي".

 

والأربعاء، أعلنت شركة “ويسترن يونيون” المتخصصة بالحوالات المالية، أنها علقت مؤقتا كل التحويلات المالية إلى أفغانستان، علما أن هذه التحويلات تشكل مصدر تمويل حيوي للسكان.

وقال رئيس البنك المركزي الأفغاني، الأربعاء؛ إن طالبان لن تتمكن من الوصول إلى معظم احتياطات البلاد من النقد، رغم استيلائها السريع على السلطة.

وكتب أجمل أحمدي، محافظ البنك المركزي الأفغاني، على تويتر، إن المصرف لديه احتياطات تقدر بنحو 9 مليارات دولار، لكنّ معظمها موجود في مصارف خارج البلاد، بعيدا عن متناول طالبان.

وأضاف أحمدي، الذي فر من البلاد الأحد؛ خوفا على سلامته مع دخول طالبان العاصمة كابول: “وفقا للمعايير الدولية، فإن معظم الأصول محتفظ بها في أصول آمنة سائلة، مثل سندات الخزانة والذهب”.

وأكد مسؤول في الإدارة الأمريكية لوكالة فرانس برس، أن “أصول البنك المركزي التي تملكها الحكومة الأفغانية في الولايات المتحدة، لن تكون متاحة لطالبان”.

ويعتمد الأفغان على التحويلات التي يرسلها أفراد عائلاتهم الذين يعيشون في الخارج. لكن شركة “وسترن يونيون” أعلنت تعليق عمليات التحويل. وبحسب البنك الدولي، بلغت هذه التحويلات نحو 789 مليون دولار العام الماضي. وهي تعدّ مصدرا حيويا للسكان.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تستطيع حركة طالبان كسر الحصار المالي الغربي على أفغانستان، وتخطي الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد؟

 

"نوافذ ممكنة"

 

الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، قال إنه على الرغم من ضعف بنية الاقتصاد الأفغاني الذي يعتمد على المعونات بشكل رئيسي، وفي ظل إحجام من قبل الدول الغربية عن الاستمرار في تقديم المعونات لها كما أعلنت ألمانيا، إلا أن الصورة ليست قاتمة تماما.

 

وأشار الولي في مقاله بـ"عربي21"، إلى تدني نسبة الدين الحكومي للناتج بأفغانستان لأقل من 8 بالمائة، ووجود موارد خاصة تصل إلى طالبان، منها ما كانت تفرضه من ضرائب بالمقاطعات التي كانت تحكمها وخبرتها في هذا المجال.

وأضاف: "إلى جانب أن الصين في سعيها لملء الفراغ الناتج عن انسحاب القوات الأمريكية، ستدخل من باب التجارة لتقديم جانب من الاحتياجات اليومية من السلع ولو بتسهيلات، ويمكن أن تكرر تركيا ذلك بشكل أقل حجما، كما أن ما تزخر به أفغانستان من معادن نادرة يمكن أن يكون أحد مجالات التعاون لاستخراجها".

وأردف: "كذلك فإن التحويلات المالية التي تعتمد عليها مئات الآلاف من الأسر، تصل عن طريق وسائل متعددة بخلاف شركة ويسترن يونيون، منها المصارف والإرسال مع زملاء العمل عند سفرهم للبلاد ووسائل أخرى". 

وتوقع الولي أن تنتهج الدول الغربية بعض المرونة مع نظام طالبان، كي لا تدفعه للارتباط أكثر بالصين وغيرها من الدول التي لها مصالح متعارضة معها، خاصة مع الإشارات الإيجابية التي صدرت منه حتى الآن.

 

وتابع: "ومن مصلحة باكستان أيضا استقطاب نظام طالبان حتى يندفع نحو الهند بما بينهما من خلاف، وما أعلنت عنه طالبان من السماح للشيعة بممارسة طقوسهم الخاصة، يمكن أن يخفف من تشدد إيران معها".
 
كما توقع الولي تدخل قطر على الخط بالعون المالي؛ للحفاظ على التزامات طالبان بألا تكون ملاذا لتنظيم القاعدة بموافقة غربية غير معلنة.

 

ولفت الولي إلى أن تراجع معدلات الفساد مع حكم طالبان، سيساهم في توفير نفقات كبيرة كانت تضيع على الموازنة، وأيضا خفض الإنفاق على الدفاع والأمن.