سياسة دولية

ما قصة رحلة الخطوط البريطانية للكويت عشية الغزو العراقي؟

"بي بي سي" تنشر صورة لبقايا طائرة الخطوط الجوية البريطانية بعد تدميرها في مطار الكويت

أعادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إثارة السؤال عن رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 149، التي حطت بمطار الكويت في أول أيام الغزو العراقي للكويت في 2 من آب (أغسطس) 1990، وسط مزاعم بأن الحكومة البريطانية استخدمت هذه الرحلة لأهداف أمنية، وانتهت بوقوع الطاقم والركاب في الأسر ومعاناتهم على مدى خمسة أشهر.

الجديد في تقرير هيئة الإذاعة البريطانية (https://www.bbc.com/arabic/world-58089999) أنه ينقل لأول مرة تصريحات أنتوني بيس الذي انتدب إلى الكويت وعمل في السفارة البريطانية تحت غطاء دبلوماسي، وكان مسؤولا لـ "الاستخبارات السياسية" وقبلها ضابطا في "الأم آي 6"، وكشفه عن معلومات غاية في الخطورة عن الهدف من السماح لتلك الطائرة بالهبوط في الكويت رغم علم الأجهزة الأمنية البريطانية بقرب الاجتياح العراقي للكويت.  

وذكر التقرير أن رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 149 غادرت لندن مساء 1 آب (أغسطس) 1990 متجهة إلى آسيا على أن تتوقف ترانزيت في الكويت. وحطت الطائرة صباح 2 أغسطس، وكانت الطائرة الوحيدة التي تحط في مطار الكويت في ذلك الصباح، حيث حولت بقية الرحلات مساراتها.

يقول بيس في تصريحاته لـ "بي بي سي"، إنه لم يستطع الحديث عن الاتهامات الكاذبة والظلم بسبب السرية المفروضة عليه، لكنه الآن يريد الحديث على الملأ تضامنا مع من عانوا.

وأضاف: "أعتقد أن الاستخبارات البريطانية استخدمت الرحلة رقم 149، بالرغم من تكرار النفي الرسمي".

وتابع: "كانت هناك محاولة متعجلة من قبل الجيش لزرع عملاء للاستخبارات على أرض الكويت، وأنه وطاقم السفارة لم يكونوا يعرفون بذلك".

وأكد بيس أن "العملية خططت بحيث يتم إنكارها". وكانت هناك اتهامات له بمعرفة تفاصيل العملية أو أنه ضلل الخطوط الجوية البريطانية حول ما إذا كان بإمكان الطائرة الهبوط. ولكن بيس نفى تلك الادعاءات.

وذكر بيس أنه "تحدث إلى ممثل عن الخطوط الجوية البريطانية مساء 1 أغسطس بينما كانت الأزمة بين العراق والكويت في أوجها، لكن قبل وقوع الغزو العراقي للكويت".

وأشار إلى أنه قال للشركة: "إذا كانت لديك رحلة ستصل عند منتصف الليل فإنها على الأغلب سوف تهبط".

وأوضح بيس أنه "حذرهم من أن الغزو إن وقع فسيكون ذلك في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وأنه لن تستطيع طائرة الهبوط في نفس الوقت من اليوم التالي".

دروع بشرية

وتنقل الـ"بي بي سي"، عن كلايف إيرثي، مدير طاقم الخدمة على متن الطائرة، تأكيده أن رجلا بريطانيا بالزي العسكري استقبل الطائرة عند الهبوط في مطار الكويت، وقال إنه حضر للقاء 10 أشخاص على متن الرحلة. واستدعي الرجال العشرة إلى مقدمة الطائرة وغادروا الطائرة ولم يرهم أحد بعد ذلك.

وقال: "أعطيت لهم الأولوية بينما ترك الركاب، رجالا ونساء وأطفالا، والطاقم، إلى وقت متأخر".

وأضاف: "إن الحكومة مسؤولة عما حدث لاحقا، حيث أخذ العراقيون الركاب والطاقم رهائن. وأفرج عن بعضهم بينما تعرض آخرون لمعاملة سيئة، وانتهاكات جنسية كما أنهم تركوا للموت جوعا تقريبا..

 

واستخدم العراقيون بعضهم دروعا بشرية في مرافق حيوية في محاولة لحمايتها من قصف قوات غربية. وأطلق سراح الرهائن بعد خمسة أشهر".

ويقول ستيفن ديفيز، مؤلف كتاب صدر حديثا بعنوان "عملية حصان طروادة"، إنه أجرى مقابلات مع أفراد من الفريق المشار إليه دون ذكر أسماء، ومع أشخاص شاركوا في التخطيط للمهمة.

ويعتقد أن المهمة كانت زرع فريق من القوات الخاصة للرقابة وجمع معلومات لجهاز الاستخبارات. ويضيف أن "السلطات البريطانية لم تتوقع أن يقع المطار تحت سيطرة العراقيين بهذه السرعة. بل كان الاعتقاد أن الفريق سيغادر الطائرة التي ستتابع رحلتها إلى وجهتها النهائية".

ويقول إن الجيش دفع ثمن التذاكر، ويعتقد أن الخطوط الجوية البريطانية كانت تدرك ما يجري.

وردا على استفسارات "بي بي سي"، أشارت وزارة الدفاع البريطانية إلى بيان سابق في مجلس العموم ورد فيه "أكدت الحكومة البريطانية بوضوح عام 2007 أن الحكومة لم تستغل الرحلة عام 1990 بأي شكل من الأشكال". من جانبها رفضت شركة بريتيش إيرويز التعليق، وأشارت إلى نفي حكومي سابق.

مطالبة بالاعتذار

وتنقل "بي بي سي" عن أحد ركاب تلك الطائرة الناجين جيني غيل أنهما ما زالا إلى اليوم بانتظار توضيح من الحكومة البريطانية حول ما جرى لتلك الطائرة والاعتذار منهم.

وأطلق كتاب ديفيز في مؤتمر صحفي في لندن في الذكرى الحادية والثلاثين لهبوط الطائرة في مطار الكويت، ويعرض الكتاب قصص بعض الذين أخذوا رهائن، بالإضافة إلى حديث بيس للمرة الأولى.

ويقول بيس إن "الركاب لم يحصلوا على أي تفسير عن سبب وضعهم على متن رحلة خطيرة، ويرى أن هناك ضرورة للاعتذار".

وفي آب (أغسطس) 1990، غزا العراق إبان عهد الرئيس الراحل صدام حسين، الكويت، قبل أن يتم إخراج القوات العراقية من هناك بعد 7 أشهر على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة خلال "حرب الخليج الثانية".

واستأنفت بغداد والكويت علاقاتهما الدبلوماسية عام 2003 في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين.