قالت مجلة إيكونوميست، إنه على الرغم من أن
كافة الشركاء في السودان، "غريبون" إلا أنه تم تكليفهم بمهمة بناء
الديمقراطية في البلاد.
وأوضحت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21" إلى أنه "وبالكاد بعد عامين من الإطاحة
بالدكتاتور عمر البشير، ومن المفترض أن يقود الشركاء المتناقضون البلاد نحو
انتخابات عام 2024. يقول عبد الله حمدوك، الاقتصادي مبتسما: "نحن نسمي ذلك
النموذج السوداني"، إنه رئيس الوزراء المعين من قبل قادة الاحتجاج في عام
2019، ويتحدث عن "نموذج الشراكة بين المدنيين والعسكريين، التناقضي، لتحقيق
الديمقراطية".
ونتج هذا النموذج عن
اتفاق لتقاسم السلطة تم التوصل إليه عام 2019 بين قادة المحتجين، الذين خرجوا إلى
الشوارع لأول مرة قبل ذلك بثمانية أشهر، والجنرالات الذين أطاحوا بالبشير عندما
أصبح من الواضح أنه سيسقط. يتصدر القائمة عبد الفتاح البرهان، الرئيس الفعلي
للسودان ورئيس المجلس السيادي، وهو هيئة عسكرية ومدنية تشرف على حكومة حمدوك التي
يغلب عليها الطابع المدني. البرهان جنرال برز في عهد البشير.
ويأتي بعده أمير حرب
الصحراء محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، الذي يرأس قوات الدعم السريع، وهي
وحدة شبه عسكرية انبثقت عن الجنجويد، وهي مليشيات اشتهرت باغتصاب وقتل المدنيين في
منطقة دارفور. ويشغل دقلو نائب الرئيس الآن، وصعد إلى السلطة من خلال الوحشية تجاه
السودانيين الثائرين. وهو اليوم يتنافس على الصدارة في صراع قد يحدد ما إذا كانت
المحاولة الثالثة للسودان لتحقيق الديمقراطية منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1956
ستنتهي بالفشل أيضا.
وأضافت المجلة:
"قال كل واحد منهم إن روح الوحدة لم تتأثر". ويقول الجنرال البرهان:
"تعمل جميع مكونات المرحلة الانتقالية معا في وئام". وكدليل يشير إلى
النجاحات: اتفاق سلام تم توقيعه مع المتمردين المسلحين، وإلغاء القوانين القمعية،
مثل القانون الذي يحظر على النساء ارتداء ملابس غير محتشمة.
كما سلط الجنرال
البرهان الضوء على استعادة العلاقات الكاملة مع أمريكا وإسرائيل، الأمر الذي دفع
أمريكا إلى إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقد مهد هذا الطريق
للسودان للفوز بإعفاء من ديونه بأكثر من 56 مليار دولار. وقال الجنرال: "إن
عزلتنا الدولية التي استمرت لأكثر من 30 عاما قد انتهت الآن".
ولكن خلف واجهة
الصداقة الحميمة، هناك توتر عميق. فقد حذر
حمدوك، الذي تحدث بصراحة أكثر من زملائه، من "أزمة سياسية" ناجمة عن تحديات
يمكن أن تعرقل المرحلة الانتقالية. الانقسام بين القادة المدنيين، حيث أوضح حمدوك:
"ربما كان هذا هو أوسع تحالف شهدته البلاد منذ عقود.. وقد تمكن من الإطاحة
بالديكتاتورية. لكن بعد ذلك مباشرة بدأنا نشهد تصدعات وانقسامات". فقد انسحب
العديد من أعضائه من التحالف وعادوا إلى الشوارع. ومن تبقى منهم يتنازعون على
الوظائف والحقائب الحكومية. يلقي النقاد باللوم على أسلوب حمدوك المنعزل والمتردد
في الحكم لفشله في الحفاظ على الوحدة.
وقالت المجلة إن الانقسام
يجعل من الصعب على المدنيين التعامل مع التحدي الثاني لرئيس الوزراء: كبح جماح
الجيش. يقول حمدوك إنه أجرى "مناقشات صريحة للغاية" مع الجنرالات في وقت
مبكر حول السلطة المفرطة للجيش على الاقتصاد. ويقول الجنرال البرهان إن هذا انتهى،
لكن هذا يصعب تصديقه. فالعديد من الشركات التي كانت مملوكة لعائلة البشير، على
سبيل المثال، أصبحت الآن ملكا للجيش.
وفي الوقت نفسه، برز
الجنرال البرهان الشخص الأقوى والأكثر فعالية من بين الثلاثة. ولقد شارك في
السياسة الخارجية، وهي وظيفة حمدوك. فقد
عزز علاقة السودان بمصر وتجاوز الاعتراضات المدنية على الاتفاق مع إسرائيل العام
الماضي. كما أنه صقل مؤهلات الجيش القومية من خلال استعادة السيطرة على الأراضي
المتنازع عليها على الحدود مع إثيوبيا. ويقول ياسر عرمان، وهو متمرد سابق أصبح
مستشارا لحمدوك: "البرهان جنرال ماهر.. لقد اشترى الوقت لتعزيز موقع الجيش.
وهو الآن أقوى من أي وقت مضى".
لكن حزم الجنرال
البرهان ربما أدى إلى تفاقم المشكلة التي حددها حمدوك: الانقسام داخل القوات
المسلحة، والمنافسة بين الجيش والقوات شبه العسكرية (قوات الدعم السريع) التي
أنشأها البشير كثقل موازن للجيش وجهاز
المخابرات، ولدى قوات الدعم السريع هيكلها القيادي وتمويلها الخاص. وكجزء من اتفاق
تقاسم السلطة، من المفترض أن يدمج دقلو قواته في الجيش، مما يعني التخلي عن بعض
سلطته. ويقول الجنرال إن هذا سيحدث في الوقت المناسب، ولكن دقلو يصر على أن هذا قد
حدث بالفعل.
لكن هذا التناغم
السطحي يمكن أن يتبخر بسرعة. ففي حزيران/ يونيو، بدأ كل من قوات الدعم السريع
والجيش بتحصين مقراتهما في الخرطوم بأكياس الرمل. ويقول شداد حامد معوض، وهو
أكاديمي في جامعة الخرطوم: "لقد وصل الأمر إلى نقطة كان من الممكن أن يقتلوا
فيها بعضهم البعض في الشوارع".
وأضافت المجلة: هدأت
المحادثات بين الجنرال البرهان ودقلو التوتر منذ ذلك الحين. ويعتقد البعض أن
الجنرال ربما يكون قد وافق على تأجيل الدمج إلى أجل غير مسمى. ومع ذلك، فإن هذا من
شأنه أن يضعه على خلاف مع حمدوك، الذي
يشعر أن السودان يجب أن يكون لديها "جيش وطني واحد".
هناك أسئلة كبيرة لا
تزال قائمة حول دقلو. قليل من يشكك في أن لديه طموحات رئاسية. (أثناء تناول وجبة
فطور فاخرة في منزله، أخبر مجلة إيكونوميست أنه أخذ دروسا في اللغة الإنجليزية
والفرنسية). لكن موقفه يبدو متزعزعا بعض الشيء. فالسعودية والإمارات، اللتان كانتا
تدفعان مقابل آلاف من جنوده للقتال في اليمن، لم يعد لهما حاجة كبيرة إليه. كما
حرمه موت دكتاتور تشاد إدريس ديبي من حليف إقليمي آخر. وتشير زياراته الأخيرة لكل
من قطر وتركيا إلى أنه يبحث عن أصدقاء جدد.
ربما في علامة على
القلق، يحذر دقلو من "انقلاب" من قبل أشخاص مرتبطين بالنظام القديم. على
الرغم من أن هذا غير مرجح، إلا أن الإسلاميين من حزب البشير السابق قد يتحالفون مع
فصائل في الجيش لإجبار دقلو على الخروج، كما يشير الباحث الفرنسي جان بابتيست
جالوبين. وقد يؤدي هذا إلى اندلاع القتال في جميع أنحاء السودان. ومع ذلك، يعتقد
مراقبون آخرون أن دقلو نفسه سيشكل تهديدا أكبر لعملية الانتقال، إذا خشي على
مصالحه الاقتصادية - أو حريته. فالتحقيق في مذبحة أكثر من 100 متظاهر في عام 2019
قد يشير بأصابع الاتهام إلى مسلحيه.
وحذر حمدوك في حزيران / يونيو من حرب أهلية إذا لم تتوحد
الفصائل المسلحة في جيش واحد. وقد حدد موعدا نهائيا لتشكيل مجلس تشريعي يتولى
المسؤولية فيه المدنيون، ودعا إلى مؤتمر دستوري لتوضيح مكان الجيش في السياسة.
وقال: "طوال السنوات التي تلت الاستقلال وحتى اليوم، ظل الجيش يهيمن
علينا"، مضيفا أن لدى المدنيين فرصة لعكس هذا الواقع ولكن فرصة عابرة فقط.
رئيس حكومة السودان يبحث مع بلينكن التطبيع مع الاحتلال
قرارات من حكومة حمدوك بشأن البرلمان والانتخابات والقضاء
حمدوك يدعو لجيش موحد بالسودان بعد توتر مع "الدعم السريع"