صحافة دولية

MEE: بينيت سينهي 12 عاما من وجود نتنياهو في السلطة

يتعمد بينيت صياغة تصريحاته العلنية بحيث تقربه إلى الجانب الصقوري والعنصري والمتدين في السياسة الإسرائيلية- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا تناول فيه التطورات السياسية بين أحزاب الاحتلال الإسرائيلي، والجهود الدائرة لتشكيل حكومة "تغيير"، من شأنها الإطاحة برئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.


وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن نفتالي بينيت سينهي 12 عاما من وجود نتنياهو في السلطة، متطرقا إلى تحوله من دعمه إلى دعم زعيم المعارضة يائير لابيد، كي يضمن لنفسه منصب رئاسة الوزراء.


وتابع: "احتل بينيت عناوين الأخبار الرئيسية ليس فقط داخل إسرائيل وإنما أيضا في وسائل الإعلام العالمية"، موضحا أن الإطاحة بنتنياهو "ستكون لحظة فارقة بالنسبة لإسرائيل والعالم، لكنها لن تأتي دون مطبات (..)، فرغم أن لابيد صديق شخصي لبينيت، إلا أت الائتلاف الواسع من الأحزاب السياسية الصغيرة والمفتتة من اليسار إلى أقصى اليمين، سيجعل ممارسة السلطة ليس بالأمر الهين".


وفي ما يأتي نص التقرير كاملا:

بتحوله من دعم بنيامين نتنياهو إلى دعم زعيم المعارضة يائير لابيد، وعلى الأغلب ضمان منصب رئاسة الوزراء لنفسه، احتل نفتالي بينيت عناوين الأخبار الرئيسية ليس فقط داخل إسرائيل وإنما أيضاً في وسائل الإعلام العالمية.

أن يصبح رئيساً للوزراء بعد اثني عشر عاماً شغل فيها نتنياهو ذلك المنصب ستكون لحظة فارقة بالنسبة لإسرائيل وللعالم، ولكنها لن تأتي بدون مطبات. فرغم أن لابيد صديق شخصي لبينيت، يشكل ائتلافاً واسعاً من الأحزاب السياسية الصغيرة والمفتتة من اليسار إلى أقصى اليمين، ولذلك لن تكون ممارسة السلطة بالأمر الهين.

فكسياسي ارتبط بالحركة اليهودية القومية الدينية، والتي تكافح من أجل توسيع حدود إسرائيل لأسباب عقائدية، يعتبر بينيت واحداً من زعماء التيار اليميني في إسرائيل.

لقد وعد قاعدته الانتخابية مراراً وتكراراً بأنه لن يشكل ائتلافاً مع الأحزاب التي يسميها "اليسار"، والتي تتراوح من حزب ييش آتيد الوسطي الذي يترأسه لابيد إلى حزب ميريتز الذي يقوده نيتزان هوروفيتز. إلا أن بينيت في الأيام الأخيرة نكث وعود حملته الانتخابية وأعلن عن نيته الانضمام إلى ائتلاف بينيت، الذي يشتمل على اليساريين والفلسطينيين، مقابل ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء.

 

اقرأ أيضا: مسؤول إسرائيلي: مقربو نتنياهو أطاحوا به وليس خصومه

في عام 1996 كان بينيت ضابطاً عسكرياً وطالب حينها بقصف مدفعي لتوفير غطاء لانسحاب وحدته التي كانت متواجدة بالقرب من قرية كفر كنة في لبنان. تسبب ذلك القصف في مقتل مائة مدني لبناني. فيما بعد تم وصم بينيت بالجبن لأنه أمر بالانسحاب وطلب دعماً من سلاح المدفعية.

ومثله مثل الكثيرين من اللاعبين السياسيين الرئيسيين في إسرائيل، مثل المدعي العام أفيخاي ماندلبليت وزعيم إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان، بدأ بينيت عمله السياسي كمدير لمكتب نتنياهو لفترة قصيرة في عام 2005 عندما كان رئيس الليكود زعيماً للمعارضة.

وهذا مهد طريقه نحو تزعم حزب قومي ديني مرتبط بحركة الاستيطان أطلق عليه فيما بعد اسم البيت اليهودي.

ثم أصبح رئيساً لمجلس ألييشا، اتحاد بلديات المستوطنات غير القانونية في إسرائيل داخل الضفة الغربية المحتلة، والذي يعتبر الزعامة غير الرسمية لحركة الاستيطان.

زعيم غير مألوف

كسياسي، يظهر نافتالي بينيت في صورة الرجل المشحون بالتناقضات الداخلية، رجل يحاول أن يكون شديداً وصقورياً ولكنه يخفق باستمرار في تحقيق متطلبات ذلك الدور. فهو يقود حركة الاستيطان ولكنه نفسه يعيش في رعنانا في الجانب الإسرائيلي من الخط الأخضر. وكمليونير ورجل أعمال سابق فهو لا يبدو زعيماً مألوفاً لحركة الاستيطان.

يقود بينيت حركة دينية ولكنه وزوجته علمانيان. في عام 2014، كوزير للتعليم، دفع باتجاه قصف أكثر وحشية لقطاع غزة أثناء المواجهة التي حصلت في ذلك العام. وأثناء الاجتياح الإسرائيلي، استخدم بينيت علاقاته مع حاخامات الجيش للحصول على معلومات زعم حينها أن الجيش ورئيس الوزراء لا يطلعون وزراء الحكومة عليها.

يتعمد بينيت صياغة تصريحاته العلنية بحيث تقربه إلى الجانب الصقوري والعنصري والمتدين في السياسة الإسرائيلية، ومن ذلك ما اشتهر عنه في عام 2013 من قوله: "لقد قتلت الكثير من العرب في حياتي ولا أجد مشكلة في ذلك". وقال أيضاً: "الفلسطينيون مثل شظايا القنبلة في القفا". وفي عام 2018 هدد بقصف لبنان وإرجاعه إلى العصر الحجري.

وفي عام 2017 شبه أولياء الأمور اليهود الذين يحتجون ضد التعليم الديني في المدارس الإسرائيلية بمن قال إنهم "النصارى الذين يلومون اليهود على صلب المسيح"، ووصم اليهود الذين يميلون نحو اليسار بأنهم "معادون للسامية".

إلا أن هذه التصريحات لم تمنع البرامج الساخرة من التندر به باعتباره غير ناضج يسهل إغضابه ومهادن. في عام 2020 كشف النقاب عن تسجيل لنتنياهو في عام 2018 يدعوه فيه "الكلب الصغير"، وكان رد بينيت عليه بالقول إن "الهجمات الشخصية لا تضرني". تعززت صورته كمهرج بفضل مقاطع فيديو التقطت له أثناء الحملة الانتخابية ظهر فيها متخف على شكل محب لموسيقى الجاز بلحية زائفة وهو يخاطب الحمام..

في إبريل/ نيسان من عام 2019، في الانتخابات الأولى من سلسلة من أربعة انتخابات يتم إجراؤها خلال عامين، تعرض بينيت للمهانة بعدم فوزه بمقعد واحد عندما أخفق حزبه، حزب اليمين الجديد، في تخطي العتبة الانتخابية.

التعقيدات

عمل بينيت وزيراً في عهد نتنياهو وتسلم عدة حقائب منها: وزير الخدمات الدينية، ووزير القدس، ووزير الاقتصاد، ووزير الشتات، ووزير التعليم وأخيراً وزير الدفاع.

كان معروفاً عن الحقيبة الأخيرة أنها كانت رغبة ملحة لدى بينيت منذ سنين عديدة، ولكنه لم يشغل منصب وزير الدفاع إلا لشهور قليلة ما بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 ومارس/ آذار 2020. خلال تلك الفترة، كان يشرف بانتظام على عمليات القصف الموجهة ضد الأهداف الإيرانية داخل سوريا، والتي زعم أنها قلصت وجود القوات المدعومة إيرانياً داخل سوريا إلى 30 بالمائة. ظهرت له صورة شهيرة أثناء ذلك وهو واقف بوجه عابس، مما أكسبه المزيد من السخرية.

جاءت عائلة بينيت من الولايات المتحدة، وقد أجرى عدداً كبيراً من المقابلات مع وسائل الإعلام الدولية باللغة الإنجليزية زاعماً أن الكتاب المقدس منح ملكية فلسطين لليهود. وقام في واحدة من هذه المقابلات بالتلويح بقطعة نقود قديمة عليها أحرب عبرانية وقال إنها تثبت هذه الملكية. وفي لقاء مع مهدي حسن على قناة الجزيرة، قال بينيت إن المسلمين يتوجب عليهم، انطلاقاً من عقيدتهم، القبول بالسيطرة اليهودية على الأماكن المقدسة.

في انتخابات شهر مارس/ آذار، فاز حزب بينيت، واسمه يمينا، (أي "نحو اليمين") بسبعة مقاعد فقط من مقاعد البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، التي تبلغ 120 مقعداً. تعهد واحد من أعضاء البرلمان من حزبه واسمه أميخاي شيكلي بالتصويت ضد أي ائتلاف حكومي يضم  عناصر من "اليساريين" أو "العرب"، وقال إنه لن ينضم إلى ائتلاف لابيد.

بعض من صوتوا لحزب يمينا أعربوا عن سخطهم لتخلي بينيت عن اليمين الذي يقوده نتنياهو، والذي بدا في وضع لا يمكنه من تشكيل حكومة خاصة به. احتج هؤلاء أمام بيت بينيت الذي وصلته كذلك تهديدات بالقتل ما اضطره لقبول حراسة رسمية.

لربما وجد نفتالي بينيت طريقاً للوصول إلى منصب رئيس الوزراء (طالما استمر هذا الائتلاف المهزوز قائماً)، ولكنه خسر من خلال ذلك قاعدته الشعبية.